ألقى السفير إيهاب جمال الدين، مساعد وزير الخارجية لحقوق الإنسان والمسائل الإنسانية والاجتماعية الدولية، اليوم الاثنين 24 فبراير الجاري، كلمة مصر أمام الشق رفيع المُستوى للدورة الثالثة والأربعين لمجلس حقوق الإنسان والتي تعقد حالياً بمدينة جنيف السويسرية.
وقد أكد مساعد وزير الخارجية لحقوق الإنسان خلال الكلمة على أن مصر بقيادة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي تعتبر حقوق الإنسان مكوناً هاماً في استراتيجية التنمية الشاملة، ولديها قناعة ذاتية بمحورية بناء الإنسان، وإرادة سياسية أكيدة لبناء دولة سيادة القانون، كما تولي أهمية متساوية لكافة الحقوق، وتقوم بجهود طموحة لإعمالها جميعاً، موضحاً أن الدولة المصرية تعمل بكافة مؤسساتها على احترام الدستور والقانون، من خلال مؤسسات فعالة، وتوفير سبل الانتصاف الناجزة بالإضافة إلى أدوات للإصلاح الذاتي.
وفي هذا السياق، استعرض السفير جمال الدين ما شهده العام المنصرم من خطوات إيجابية على صعيد ملف حقوق الإنسان، مشيراً إلى تقديم مصر في شهر نوفمبر الماضي تقريرها أمام آلية الاستعراض الدوري الشامل، وتدارس الحكومة خلال الأشهر الثلاث الماضية التوصيات التي تلقتها، وتشاورت بشأنها مع المجلس القومي لحقوق الإنسان ومؤسسات المجتمع المدني، وصولاً لبلورة رؤية وطنية سيتم عرضها خلال جلسة الاعتماد بعد أسبوعين. وأضاف أن الدولة المصرية ستعمل على تنفيذ مخرجات عملية الاستعراض بالتعاون مع المجتمع المدني والمجلس القومي لحقوق الإنسان، باعتبارها تمثل أولويات عمل المرحلة المقبلة. كما تقدمت مصر بخمس تقارير وطنية للجان المعنية بالحقوق المدنية والسياسية ومناهضة التعذيب وحقوق الطفل وذوي الإعاقة ومناهضة التمييز ضد المرأة، وتعكف على الانتهاء من بقية التقارير المتأخرة خلال العام الجاري، لتنتظم بذلك دورية تقديم التقارير إلى اللجان التعاهدية المختلفة.
هذا، ونوه مساعد وزير الخارجية لحقوق الإنسان بأن السيد رئيس الجمهورية قد صدق في شهر يوليو على القانون رقم 149 الخاص بتنظيم العمل الأهلي، الذي تم إعداده لكي يتوافق مع المعايير الدولية، بعد عملية تشاورية موسعة شاركت فيها نحو 1300 منظمة غير حكومية مصرية وأجنبية، كما تم في أغسطس الماضي تعديل قانون المنظمات النقابية العمالية عملا بتوصيات منظمة العمل الدولية. كما أبرز أن مصر شهدت أيضاً نقلة نوعية في مجال إعمال مبدأ المواطنة وعدم التمييز، وكذلك دعم الحريات الدينية ومحاربة التطرف، ونشر التسامح، وتم الانتهاء من تقنين نحو 1500 كنيسة ودار ملحقة بها. هذا، بالإضافة إلى بدء تدريس مادة حقوق الإنسان ومكافحة الفساد بداية من العام الدراسي الجاري في جميع الكليات والمعاهد العليا، كمادة إجبارية، إلى جانب الاستمرار في إدماج مبادئ حقوق الإنسان في مناهج التعليم الأساسي.
ومن ناحية أخري، أشار السفير جمال الدين إلى أن اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان برئاسة وزير الخارجية قد بدأت في ممارسة مهامها، حيث تتصدى بصورة استباقية لكافة القضايا، وتتابع تنفيذ مختلف التوصيات، وإعداد التقارير الدورية، ومتابعة الإجراءات والسياسات والتشريعات، وقد بدأت اللجنة خطوات إعداد أول استراتيجية وطنية لحقوق الإنسان. وفي هذا الصدد، أعرب جمال الدين عن الترحيب بالاستفادة من تجارب الدول الأخرى والمفوضية السامية في هذه المجالات.
وشدد السفير جمال الدين خلال كلمته على أن مصر تحرص على جذب اهتمام مجلس حقوق الإنسان للعديد من الموضوعات الملحة ومن بينها الآثار السلبية للإرهاب، ولعدم استرداد الأموال المنهوبة، وحماية الأسرة كوحدة أساسية للمجتمع، ودور الشباب وحقهم في التمتع بحقوق الإنسان، كما تتقدم خلال الدورة الحالية بالتعاون مع عدد من الدول بمشروع قرار “الحق في العمل”. وأكد على ما توليه مصر من أهمية لتعامل المجلس مع المشكلات التي تؤثر على التمتع الكامل بحقوق الإنسان في كافة أنحاء العالم. وفى هذا الإطار، أكد على ضرورة أن يضطلع المجلس بمسئولياته في التصدي لمعاناة الشعب الفلسطيني وما يتعرض له من انتهاكات، فضلاً عن دوره في تعزيز وحماية حقوق الإنسان في مناطق النزاعات مثل سوريا واليمن، ودوره في تحسين أوضاع مسلمي الروهينجا في ميانمار، وأن يتصدى لخطاب الكراهية، لاسيما في ضوء التزايد الملحوظ لاستهداف المسلمين والأجانب في العديد من الدول الأوروبية، ولمظاهر التمييز العنصري والهجرة غير الشرعية واللجوء والتي باتت جميعها تمثل خطراً داهماً على حقوق الإنسان بدءاً من الحق في الحياة.
واختتم مساعد وزير الخارجية لحقوق الإنسان الكلمة، بالإشارة إلى أن مصر تؤكد على ضرورة احترام حزمة البناء المؤسسي التي توافقت عليها الدول وتُمثلُ توازناً دقيقاً ينبغي الحفاظ عليه، وتدعو للبعد عن المُمارسات السلبية وزيادة الاستقطاب التي تهدد مصداقية المجلس وعالميته، كما تؤكد على أهمية احترام الإجراءات الخاصة لمدونة السلوك التي تحكم أساليب عملهم، مع الإشارة إلى ضرورة ألا يتحول المجلس إلى ساحةٍ لخدمة أجندات سياسية ضيقة، ولتبادل الاتهامات، والتنميط السلبى للثقافات المُغايرة، ومحاولة فرض مفاهيم خلافية.