إيمانًا بالمصير المشترك وتكامل المصالح بين دول وشعوب أفريقيا، كانت مصر ولا تزال صوت القارة السمراء فى العديد من المحافل الدولية، لاستعراض هموم ومشاكل القارة، ليس ذلك فحسب بل التعاون مع بلدانها فى دحر الخلافات ونبذ العنف وتسوية الأزمات، ومن هنا جائت مشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي فى قمة منتصف العام التنسيقية التابعة للاتحاد الأفريقي بالعاصمة الكينية نيروبي.
خطابان أطلقهما الرئيس السيسى خلال القمة، فيما يتعلق بالمناخ، حثت القيادة المصرية العالم على التضرر الأكبر الواقع على القارة بسبب ظاهرة “التغيرات المناخية”، وأشار الرئيس السيسي إلي إن قارتنا الأفريقية من أكثر القارات تضرراً، نتيجة لتغير المناخ وتأثيراته، التي تتنوع ما بين تهديد للمناطق الساحلية، وازدياد حدة الجفاف والتصحر، وشح الموارد المائية، وهو ما يدعونا إلى النظر في إيجاد سبل مُبتكرة للتعامل معها، نظراً لمحوريتها في استقرار المجتمعات وتحقيق التنمية المستدامة.
الكلمة جائت فى توقيت تشهد فيه معضم بلدان القارة أبشع آثار التغير المناخي، من ارتفاع درجات حرارة حارقة تتجاوز الـ 40 فى القاهرة، مرورا بفيضانات عارمة فى الصومال بعد جفاف وشح للمياه أنذ بمجاعة حقيقية على فترات متباعدة، وصولا لثلوج تحدث للمرة الأولى فى جنوب الإريقيا، حيث تفاجئ سكان جوهانسبرج، أكبر مدينة في جنوب أفريقيا، بأول تساقط للثلوج منذُ أكثر من عقد.
من نيروبي إلى شرم الشيخ
ومن نيروبي إلى شرم الشيخ قادت القاهرة القارة السمراء للتخفيف من الآثار المدمرة للظاهرة،وكانت تطلعات وثقة البلدان الأفريقية فى مصر لمواجهة التحديات كبير، ففي الفترة من 6 إلى 18 نوفمبر 2022، استضافت مصر “قمة الأمم المتحدة للمناخ Cop27” بمدينة شرم الشيخ من أجل وضع حلول بيئية لإنهاء معاناة الملايين من آثار التغير المناخى المتمثلة فى الجفاف والفيضانات والتى تؤدى بدورها إلى انتشار الجوع وظاهرة النزوح.
نظرا لأن أفريقيا كانت ولاتزال الضحية الكبرى للانبعاثات، فرغم مساهمتها بـ4% فقط من الانبعاثات الكربونية العالمية، فإنها تواجه آثار التغير المناخى التى تعيق جهود التنمية، لذا تضع مصر على رأس أولوياتها التحديات التى تواجهها القارة السمراء، وذلك تكريسا لاستراتيجية قيادة القارة والتحدث بلسانها فى المحافل الدولية، وأطلقت الرئاسة المصرية مبادرات عديدة، من أجل أفريقيا، فى مقدمتها مبادرة تغير المناخ واستدامة السلام CRSP،ومبادرة حياة كريمة لأفريقيا.
ولدى القيادة السياسية المصرية إيمانًا راسخًا بأهمية التكامل الإقليمي والقاري وجهود وتحركات لترسخ وتعظيم الدور الريادي لمصر في القارة من خلال تنشيط التعاون بين مصر والأشقاء الأفارقة في كافة المجالات فى مقدمتها التعاون الاقتصادى، فقد قدمت مصر رؤية بقيادة وكالة “النيباد” التنموية على مدار العامين المُقبلين، وبحسب الرئيس السيسي أنها الأولويات التي يسعي جاهداً إلى ترجمتها إلى مبادرات قابلة للتنفيذ، وذلك بالتنسيق مع الأشقاء رؤساء الدول والحكومات أعضاء اللجنة التوجيهية، وبالاعتماد على سكرتارية الوكالة.
وقبل نحو 9 سنوات جائت القارة الأفريقية باعتبارها امتدادا للأمن القومى المصرية على رأس أولويات الدولة المصرية، والسياسة الخارجية المصرية التى رسمها الرئيس عبد الفتاح السيسي، ليكون الانتماء المصري للقارة الأفريقية في صدارة دوائر السياسية الخارجية، بل ويشكل أحد المعالم الرئيسية في تاريخ مصر.
ومن أجل مستقبل أفريقيا والأجيال القادمة تأخد مصر على عاتقها العمل مع الأشقاء فى القارة بكل جهد وإخلاص، لتعميق التكامل الاقتصادي بين دول الإقليم، ودفع مُعدلات التنمية في دولنا، بما يسهم في رفع مستوى معيشة شعوبنا.