أقلام حرةعاجل

مقال لأشرف البربري بعنوان : مصر ليست آيلة للسقوط

نشر موقع الشروق مقال لأشرف البربري بعنوان : مصر ليست آيلة للسقوط
مصر الدولة، حقيقة وجودية غير قابلة للنفى ولا للإسقاط، ومهما كانت المخاطر الحقيقية أو المصطنعة التى تواجهها، فهى ليست آيلة للسقوط أبدا. والتاريخ يقول لنا إن مصر لم تعرف التفكك والتقسيم طوال تاريخها المكتوب، اللهم إلا سنوات حكم الهكسوس التى امتدت نحو 500 سنة عندما سيطروا على قطعة من البلاد فى الدلتا وفشلوا فى السيطرة على بقيتها فاكتفوا بحكم ما تحت أيديهم حتى تم دحرهم وطردهم من البلاد.
وحتى عندما احتلها الإنجليز عام 1882 وفعلوا فى جيشها ما فعله الأمريكى بول بريمر فى جيش العراق عام 2003 بتسريح جنوده وتفكيك قواعده ظلت مصر الدولة قائمة بحدودها ومكونات شعبها ولم تصبح «مثل سوريا والعراق»، لأنها ببساطة ليست «سوريا والعراق» ولا يمكن أن تكون. فلا الشعب المصرى منقسم طائفيا ولا عرقيا، وليس لنا تاريخ فى تسلط طائفة على طائفة، ولا الدولة مصطنعة بتجميع ولايات أو أقاليم لم يكن بينها رابط على مدى قرون كما حدث عند إنشاء العديد من دول المنطقة بعد الحرب العالمية الأولى.
بالطبع مصر تواجه اليوم مخاطر وتهديدات كبيرة، مثلها فى ذلك مثل العديد من دول المنطقة، بل ودول العالم. وبالطبع أيضا هناك دول ومنظمات تتآمر على مصر ونظام حكمها كما يحدث مع العديد من الدول، كما أن مصر تمر اليوم بواحدة من أصعب وأسوأ مراحل تاريخها الحديث، وتحتاج إلى تكتل كل طوائف الشعب وراء هدف الخروج بها من أزمتها. وبالطبع فالغضب الشعبى من السياسات الحكومية التى لم يرَ منها أى خير تقريبا، ليس حلا، وأضراره ربما تكون أكبر بكثير من فوائده فى الفترة الراهنة، لكن أعتقد أن عبء الخروج من هذه المرحلة الخطيرة يقع بالدرجة الأولى على السلطة وليس على الشعب كما يروج لذلك «إعلام السلطة».
فالسلطة فى مصر تكاد تملك مفاتيح كل شىء، فإذا أرادت انفتاحا سياسيا فعلت ذلك وغلت يدها عن العبث بأحزاب وجماعات المعارضة، وتوقفت عن التحرش بوسائل الإعلام المستقلة أو الخاصة، وفتحت الباب أمام ظهور منافسين حقيقيين لها بما يعزز فكرة العمل السياسى الشرعى أمام الشباب سعيا لتداول سلمى للسلطة، وإذا أرادت، تراجعت عن المشروعات التى أدخلت اقتصاد البلاد والعباد فى نفق مظلم لا نعلم من سنخرج منه. وإذا أرادت فتحت أبواب السجون وأفرجت عن الآلاف من المحبوسين احتياطيا ممن لم «تتلوث أيديهم بالدماء» فتفتح أمام الشباب أبواب الأمل.
هناك فارق كبير بين دول تواجه مخاطر وتحديات مثل العديد من الدول ودولة آيلة للسقوط. ومصر من النوع الأول، لكنها أبدا لم تكن ولن تكون من الفئة الثانية، وهذا لا يعنى تقليلا من خطورة وأهمية التهديدات التى نواجهها. غير أن التعامل مع المخاطر والتهديدات مهما كان حجمها شىء، والتعامل مع شبح سقوط الدولة وتلاشيها شىء آخر تماما.
أخيرا، الدعوة إلى العمل على تثبيت دعائم الدولة المصرية، دعوة محمودة بكل تأكيد ولا يعارضها عاقل، لكنها لن تؤتى ثمارها إلا إذا تم ترك الناس يتفقون على هدف «تثبيت دعائم الدولة» ويختلفون على وسيلة الوصول إليه.

 

زر الذهاب إلى الأعلى