اعتبر مراسل صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية عاموس هاريل، أن إسرائيل تعمد إلى توجيه رسالة واضحة، من خلال غاراتها الأخيرة ضد أهداف “فيلق القدس” الإيراني داخل الأراضي السورية، مفادها أن روسيا لن تحمي إيران من الهجمات الإسرائيلية.
وأشار المراسل إلى أن الغارات الجوية الإسرائيلية، جاءت رداً على الأحداث التي وقعت بجنوب سوريا يوم الأحد الماضي، حيث أطلق صاروخ “أرض أرض” من داخل سوريا مستهدفاً منطقة هضبة الجولان، وشهد آلاف السائحين الإسرائيليين الذين كانوا يتزلجون على جبل حرمون اعتراض الصاروخ من قبل منظومة القبة الحديدية الإسرائيلية.
أحداث استثنائية
ويصف المراسل أحداث الأحد بأنها كانت “استثنائية” مقارنة مع الغارات الجوية السابقة المنسوبة إلى إسرائيل؛ حيث وقع هذا الهجوم خلال النهار، وهو أمر نادر الحدوث، وعلاوة على ذلك تبين أيضاً أن الصاروخ الذي تم إطلاقه من سوريا باتجاه مرتفعات الجولان كان صاروخ “أرض أرض” لا صاروخاً مضاداً للطائرات، مما يعني أنه كان رداً متعمداً على الضربات السابقة لدمشق.
ويشير مراسل الصحيفة إلى التصريحات السابقة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في افتتاح الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء في الثالث عشر من شهر يناير الجاري، بأن سلاح الجو الإسرائيلي شن هجمات ضد مستودع أسلحة إيراني بالقرب من مطار دمشق.
ووقعت الغارات الإسرائيلية الأخيرة أثناء الزيارة الدبلوماسية التي يقوم بها نتانياهو إلى تشاد، لإقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين. وتعليقاً على الغارات قال: “لدينا سياسة محددة لاستهداف التحصن الإيراني في سوريا، وسوف نقوم بإيذاء كل من يحاول إيذائنا، وهذه السياسة لا تتغير سواء كنت في إسرائيل أو في زيارة تاريخية إلى تشاد”.
معضلة استراتيجية
ويرى المراسل أن ثمة معضلة استراتيجية تواجه إسرائيل في الوقت الراهن؛ حيث تبذل الأخيرة الجهود للحفاظ على حرية تحركاتها الجوية في الشمال، حتى بعد انتصار نظام الأسد في الحرب الأهلية السورية والجهود الروسية لوقف هجمات سلاح الجو الإسرائيلي من خلال الاستفادة من إسقاط طائرة “إليوشن” الروسية في سبتمبر الماضي.
ويوضح المراسل أن إسرائيل تحارب ظاهرتين في سوريا؛ أولهما تهريب الأسلحة المتطورة إلى مليشيا “حزب الله” في لبنان، وثانيهما الحشد العسكري الإيراني الجديد في سوريا. وعقب إسقاط طائرة “إليوشن” بطريق الخطأ بواسطة الدفاعات الجوية السورية، تشعر روسيا بالقلق من أي نهج إسرائيلي نحو قاعدتها الجوية، حيث تتمركز طائراتها في الجزء الشمالي الغربي من سوريا.
وعلى الرغم من ذلك فإنه من المهم، بحسب مراسل الصحيفة، أن تواصل إسرائيل قصفها على الأقل في وسط وجنوب سوريا، وتوصيل رسالة مفادها أن الاستياء الروسي من التحركات الإسرائيلية، لن يحصن إيران من الهجمات الإسرائيلية.
قواعد اللعبة الجديدة
وخلال العامين الماضيين، وحتى أثناء الأشهر الأخيرة، كانت سوريا ترد على أي هجوم إسرائيلي على أراضيها بالصواريخ المضادة للطائرات. ويعتبر المراسل أن صاروخ “أرض أرض” الذي تم إطلاقه من داخل سوريا باتجاه الحدود السورية مع إسرائيل في مرتفعات الجولان، كان رداً إيرانياً متعمداً جاء بعد مرور شهر على سلسلة من الهجمات المنسوبة لإسرائيل، وربما تدفع هذه الرسالة الإيرانية إسرائيل إلى الانتقام لمحاولة مهاجمة أراضيها.
ويتساءل المراسل عما إذا نظام الأسد هو الذي قرر إطلاق ذلك الصاروخ، أم الميليشيات الشيعية الموالية لإيران، أم أنها كانت خطوة مشتركة تم تنسيقها بين الحليفين، الأسد وإيران. وحتى الآن لم تتبلور بعد قواعد اللعبة الجديدة في سوريا عقب استقرار نظام الأسد، وعلى إسرائيل توخي الحذر في محاولة مواصلة شن هجماتها ضد إيران، دون إثارة مواجهة مباشرة مع روسيا، وهي الإشكالية التي سوف يواجهها باستمرار رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجديد أفيف كوخافي، خلال الأشهر المقبلة.
صفقة إسرائيل وحماس
وفي الوقت نفسه، يلفت المراسل إلى جبهة حساسة أخرى يستحيل تجاهلها وهي غزة؛ وخاصة فيما يتعلق بقضية السماح بتحويل الأموال القطرية إلى حماس التي تأجلت مرات. وبحسب الصحيفة الإسرائيلية ثمة مصلحة مشتركة في ضخ هذه الأموال، حيث ترغب إسرائيل في تهدئة نسبية وتحتاج حماس بشدة إلى الأموال القطرية.
ويختتم المراسل، تحليله مشيراً إلى أنه من الناحية السياسية، تجرى هذه الصفقة في وقت غير مناسب بالنسبة لنتانياهو، نتيجة الانتقادات المتزايدة له من اليمين، منذ بدء الحملة الانتخابية، ولكن تأجيل الأموال لفترة طويلة من شأنه أن يقود إلى تفاقم التوترات في الجنوب، مثلما تتصاعد الأحداث على الحدود السورية.