ذكرت وكالة (بلومبرج) الأمريكية أن موجة الإجراءات والتصريحات من جانب تركيا تشير إلى أن طموحات الرئيس
” أردوجان ” في ليبيا لم تعد تقتصر على حماية الحكومة في طرابلس وتمكينها من التفاوض على قدم المساواة مع القائد العسكري ” خليفة حفتر “.
مضيفة أن الدعم العسكري التركي سمح لقوات حكومة الوفاق الوطني بإحداث انتكاسات لما يسمى بالجيش الوطني الليبي بقيادة ” حفتر ” ، لكن تركيا رفضت اقتراحاً لوقف إطلاق النار أعلنت عنه مصر ، الداعم الرئيسي للجيش الوطني الليبي .
كما أضافت الوكالة أن تراجع “حفتر” نحو معاقله شرق ليبيا ، أعطى ” أردوجان ” الحق في التباهي بسياسته
الخارجية ، والأهم من ذلك أنه يتيح لتركيا مساحة لتوسيع نفوذها في ليبيا، مشيرة إلى أنه بينما تشير أنقرة إلى
التزامها على المدى الطويل ، فإنها تسعى للحصول على غطاء سياسي وعسكري من ( واشنطن / بروكسل ) ،
داعية إلى دور أكثر نشاطاً لحلف الناتو والولايات المتحدة، لكن ” أردوجان ” ينوي اغتنام الفرص .
وأشارت الوكالة إلى أنه لا يوجد حديث عن سحب القوات التركية، وعلى العكس من ذلك ، من المحتمل أن يزداد الوجود التركي مع وجود خطط لتدريب قوات حكومة الوفاق الوطني، وإجراء تركيا مناورات بحرية كبيرة قبالة الساحل الليبي الأمر الذي يغضب فرنسا .
فيما أشارت الوكالة إلى أنه في الأسبوع الماضي ، التقى مسئولون أتراك كبار من بينهم وزير الخارجية ” مولود تشاووش أوغلو ” ووزير الخزانة والمالية ” بيرات البيرق ” برئيس حكومة الوفاق “فايز السراج” لمناقشة المزيد من التعاون في مجالات الأمن والاستثمار والبنية التحتية والنفط .
مضيفة أنه من بين جملة أمور أخرى ، من المتوقع أن يساعد المستشارون الأتراك في إعادة بناء النظام المصرفي الليبي ، وستساعد الشركات التركية في استكشاف الطاقة ، وستنقل السفن التركية النفط الليبي إلى الأسواق العالمية .
وأوضحت الوكالة أنه لطالما كانت مسرحية ” أردوجان ” في ليبيا ذات أبعاد اقتصادية كبيرة ، مضيفة أن العلاقات التجارية التركية مع ليبيا سبقت الحرب الأهلية الحالية ، موضحة أنه خلال العقد الأخير من حكم ” القذافي ” .
كانت شركات البناء التركية من بين أهم الشركات الأجنبية العاملة في البلاد، وقد تم إجلاء أكثر من (25) ألف تركي خلال انتفاضة 2011 ضد “القذافي” ، وتركت الشركات وراءها مواقع البناء المليئة بالمعدات الثقيلة .
موضحة أن أحد العوامل المحفزة لدعم ” أردوجان ” لحكومة الوفاق الوطني كان استئناف مشاريع البناء التي تبلغ قيمتها حوالي (18) مليار دولار، مضيفة أن ليبيا هي أيضاً المفتاح لمطالبات تركيا في شرق المتوسط ، حيث تأمل في أن تصبح لاعباً مهماً في مجال الطاقة في تلك المنطقة .
و ذكرت الوكالة أن هناك أيضاً أبعاد سياسية واستراتيجية، موضحة أن حكومة ” السراج ” تضم إسلاميين مقربين أيديولوجياً من حزب العدالة والتنمية التركي، كما أن نجاح حكومة الوفاق الوطني يمثل انتصاراً تركياً على مؤيدي “حفتر ” بما في ذلك الإمارات التي تعتبرها أنقرة سبباً أساسياً للفوضى وعدم الاستقرار في الشرق الأوسط .
حيث ذكرت الوكالة أن مناورات تركيا العسكرية والسياسية والاقتصادية تمثل تحدياً للإماراتيين والمصريين الذين يجب أن يقرروا كيفية الرد على ذلك، مشيرة إلى أن الرئيس “السيسي” ألمح إلى أنه سيتدخل عسكرياً إذا تحركت حكومة الوفاق الوطني للسيطرة على مدينة سرت الاستراتيجية، كما تحشد القاهرة العالم العربي ضد التدخل التركي في ليبيا.
وأضافت الوكالة أنه يجب على ” أردوجان ” أيضاً أن يأخذ بحسبانه روسيا الداعم المهم الآخر لـ “حفتر ” ،مشيرة إلى أنه في الأسبوع الماضي ، ألغى وفد روسي رفيع المستوى يضم وزير الخارجية “سيرجي لافروف” ووزير الدفاع “سيرجي شويجو” زيارته إلى إسطنبول في اللحظة الأخيرة.
فيما يعد إشارة واضحة لعدم الرضى ، مشيرة إلى أن ” أردوجان ” قد يعول على دعم الولايات المتحدة لإبقاء داعمي
” حفتر ” بعيداً ، لكنه يطلب الكثير من رئيس أمريكي متقلب ولديه القليل من الرغبة للدخول في مغامرات خارجية ، موضحة أنه غالباً ما سيترك “ترامب” تركيا لتدافع عن نفسها في ليبيا.
و تساءلت الوكالة : هل يستطيع “أردوجان” تحمل مشاركة أعمق في ليبيا؟ موضحة أن ” أردوجان ” لديه الكثير من المشكلات في الداخل التركي.
حيث تستمر جائحة فيروس كورونا في الانتشار بالبلاد، ولا تزال الأبعاد الكاملة للضرر الاقتصادي للوباء قيد التقييم، خاصة في ظل وضع اقتصادي هش، مضيفة أن مثل هذه الظروف لا تكاد تكون مثالية للشروع في مشروع بناء دولة مدمرة مثل ليبيا، لكن لا يبدو أن
” أردوجان ” يفكر في التراجع عن ذلك .