من حقى أن أقول إن بعض الكلمات اكتسبت دلالات جديدة لم تكن موجودة، قبل أمس، فقد كنا إذا ذكرنا كلمة “حفل أسطورى” تداعت إلى فكرنا حفلات عالمية لم نرها عن قرب لكننا نعترف بقوتها، وعندما نقول موكبا ملكيا تذهب أفكارنا إلى المواكب الرسمية فى المطارات والفنادق الكبرى والزيارات الرسمية، ولكن كل ذلك تغير بين لحظة وضحاها، بعدما شاهدنا احتفالية نقل المومياوات الملكية أمس من المتحف المصرى فى التحرير إلى متحف الحضارة فى الفسطاط، فقد صارت لهذه الكلمات معانى أخرى.
لقد صرنا نمتلك حفلا أسطوريا فعليا، سيظل على مدى الأزمان يشار إليه كلما وردت سيرة الحفلات الكبرى، والحفل الأسطورى ليس معناه الإبهار فقط، ولكنه فى الأصل قائم على القدرة على صناعة التأثير وهو ما كان واضحا تماما.
تكفى نظرة إلى وجوه الناس العاديين فى الشوارع، لتعرف أن الحفل كان أسطوريا بالفعل، لقد استطاعت كل حركة فى الاحتفالية أن تفجر مشاعر وطنية داخل الناس، فى لحطة ما شعر الجميع بأن مصر الوطن شيء يسمع، شيء يرى، وأنهم ليسوا أبناء صمت بل أبناء ملوك صاخبين ملأوا الدنيا حياة من قبل.
صرنا عندما نتحدث عن موكب ملكى، يأتى إلى الأذهان 22 ملكا مصريا عظيما، يتحركون فى نظام تصحبهم الهتافات والزغاريد والأضواء والموسيقى، حيث تجلت عظمة المصريين الذين يتعاملون دائما مع الموتى بأنهم يحسون بنا فيرون فرحتنا ويعرفون قيمتهم فى نفوسنا.
لقد كانت ليلة جميلة خالدة، فقد صار لدينا موكب ملكى وعشنا جوا أسطوريا فعليا، جعلنا نتأمل هويتنا ونثق فى أنفسنا.