آراء أخرى

أكرم القصاص يكتب.. بريكست مناورات محدودة فى لعبة سياسية خطرة

خلال أربع وعشرين ساعة واجهت رئيسة الوزراء البريطانية تريزا ماى، موقفين متناقضين فى مجلس العموم، ففى حين فشلت فى تمرير اتفاقها مع الاتحاد الأوروبى حول البريكست، نجت من سحب الثقة بفارق 19 صوتا، الأمر الذى أدى إلى تفادى إجراء انتخابات عامة، وهى المرة الثانية التى تنجو بها من سحب الثقة، الأولى كانت فى ديسمبر الماضى، وإن كانت ماى لا تنوى الاستمرار بعد 2022، لكنها واجهت تحديًا كبيرًا، أدت فيه بقدر ما تستطيع، مناورات السياسة.
 
 
نجاة ماى من سحب الثقة لا تعنى انتهاء الأزمة المستمرة منذ تصويت البريطانيين فى استفتاء الخروج من الاتحاد الأوروبى، وتقول «الجارديان»، إن تيريزا ماى نجت من سحب الثقة عن حكومتها بفارق بسيط، بعد فشل تمرير اتفاقها بالخروج من الاتحاد الأوروبى، ولا تزال تناضل للتوصل إلى حل وسط يرضى أحزاب البرلمان.
 
وبين الهزيمة والمرور الصعب، تبقى بريطانيا وليست ماى فى مواجهة واحدة من أكثر الأزمات السياسية والاقتصادية قسوة، وعلى ماى تقديم خطتها المتعلقة ببريكست أمام البرلمان بعد أيام، بينما تواجه انقسامًا بين المحافظين، مع تربص من حزب العمال، وحسب صحيفة «الإندبندنت» فإن نواب عن حزب العمال أطلقوا دعوة لإجبار زعيم الحزب جيرمى كوربين على تأييد إجراء استفتاء ثان من أجل إعطاء قول نهائى فى الخروج من الاتحاد الأوروبى «بريكست»، فى موعد أقصاه الأسبوع المقبل. وهو اقتراح طرحه من قبل تونى بلير، رئيس الوزاء الأسبق، ويرى أنه السبيل الوحيد لمواجهة اتفاق ماى مع الاتحاد الأوروبى، لكنه لا يلقى استجابة من المحافظين، ثم أن تبنى حزب العمال لإجراء استفتاء جديد يمكن أن يعرض حزب العمال لانقسام. وهو ما يجعل إجراء استفتاء ثان مستبعدًا.
 
وقالت إندبندنت إن «العمال» يرى أن السياسة الرسمية الحالية تتطلب تركيز قيادة البلاد كل اهتمامها صوب إجراء تصويت جديد، بعد أن فشلت رئيسة الوزراء فى الحصول على تأييد البرلمان لاتفاق الخروج الذى توصلت إليه مع بروكسل. بينما تستمر «ماى» فى التواصل مع أعضاء البرلمان من مختلف الأحزاب لمحاولة إيجاد توافق حول سبيل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى. وتقول «إن على النواب وضع «المصالح الشخصية جانبا، والعمل بصورة بناءة للمضى قدما وتنفيذ خطة الخروج».
 
وتراهن ماى على أن البريكست يمثل مأزقا لأى قادم جديد إلى دوانينج ستريت، وأن حزب العمال فى حال جاء بعد استقالة ماى، فسوف تبقى الأزمة مستمرة، ولن يجد أمامه سوى استفتاء جديد أو الخروج من دون اتفاق، بما يعنى تراكم الأزمات الاقتصادية. وبالتالى فإن المناورة من أجل انتصار سياسى. لن يمنع واقعا صعبا لبريطانيا. وتلعب ماى على «الخوف المتبادل» الذى يقلل من فرص المناورة لدى كل الأطراف. وتبقى أزمة بريكست نموذجا لتحديات الخيارات السياسية الضيقة، لكن نتائجها سوف تظل درسا فى السياسة والديموقراطية. وسواء بقيت بريطانيا أو خرجت، فإن تجربة بريطانيا لها تداعيات تؤثر على وجهات نظر باقى مواطنى الاتحاد الأوروبى. وعلى مصير الاتحاد نفسه.
زر الذهاب إلى الأعلى