«أنصار الشريعة» تحل نفسها… وملاحقة لقيادات الإخوان في طرابلس
دخان يتصاعد غي أعقاب اشتباكات شهدتها طرابلس بين فصائل متطرفة أمس (رويترز) بدا أمس أن خريطة التنظيمات الإرهابية والمتطرفة في ليبيا على وشك إعادة رسمها من جديد، بعد 6 سنوات تقريباً على سقوط نظام القذافي، إذ فقدت الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة نفوذها في العاصمة طرابلس بعد معارك في مواجهة ميليشيات تابعة لحكومة الوفاق الوطني، بينما أعلن تنظيم أنصار الشريعة الذي تعتبره الولايات المتحدة والأمم المتحدة تنظيماً إرهابياً، في بيان أنه قرر حل نفسه رسمياً.
وقالت ميلشيات موالية للحكومة التي يترأسها فائز السراج وتحظى بدعم من بعثة الأمم المتحدة في العاصمة طرابلس، إنها نجحت في السيطرة على مواقع لميليشيات تابعة للجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة، بما في ذلك المطار الرئيسي بالعاصمة.
وأعلن اللواء السابع ترهونة الذي زعم أنه موالٍ لوزارة الدفاع في حكومة السراج، أنه سيطر على مطار طرابلس الدولي دعماً لشرعية الحكومة، فيما قال مجلس مدينة ترهونة البلدي أن المدينة كانت داعماً قوياً للوفاق ولدولة القانون والمؤسسات.
وشوهدت ميليشيات تابعة لمدينة مصراتة في غرب البلاد، وهي تنسحب بشكل مفاجئ من طرابلس بعد يومين من المعارك العنيفة التي أسفرت عن مقتل وإصابة العشرات.
وفي مدينة بنغازي، قال تنظيم أنصار الشريعة المرتبط بتنظيم القاعدة في بيان وزعه مساء أول من أمس ومكون من 3 صفحات بعنوان «الرسالة وصلت وجموع الشعب ستحملها»، إنه «بعد هذه المسيرة الحافلة والتضحيات التي قدمت فيها أنصار الشريعة جل قادتها وكوادرها (..) ها نحن نعلن للأمة عامة وأهلنا في ليبيا خاصة عن حل جماعة أنصار الشريعة بليبيا رسمياً».
وأضاف التنظيم الذي تتهمه واشنطن بالوقوف خلف الهجوم الذي استهدف في 11 سبتمبر (أيلول) 2012 القنصلية الأميركية في بنغازي وراح ضحيته السفير الأميركي كريستوفر ستيفنز و3 أميركيين آخرين أنه بإعلانه حل نفسه «نكون قد أفسحنا الطريق لغيرنا من أبناء هذه الأمة الصادقين لحمل الأمانة من بعدنا».
ولم يوضح التنظيم سبب إقدامه على خطوة حل نفسه على الرغم من أنه أقر بشكل غير مباشر بأن الحرب التي شنها «الطاغوت حفتر وجنده»، في إشارة إلى المشير خليفة حفتر، الرجل القوي في شرق ليبيا، قد أضعفته.
وانضم التنظيم إلى مجلس شورى ثوار بنغازي، وهو تحالف ميليشيات إسلامية سيطر على بنغازي في 2014، ولكن ما هي إلا أشهر قليلة حتى شن «الجيش الوطني الليبي» الذي أسسه حفتر حرباً ضد هذه الميليشيات الإسلامية تمكن في أعقابها من السيطرة على القسم الأكبر من ثاني كبرى مدن البلاد. وتركز أنصار الشريعة الذي أسسه الزهاوي في مطلع 2012 خصوصاً في بنغازي ودرنة (شرق)، ثم امتد إلى سرت وصبراتة (غرب)، حيث استولى على ثكنات ومواقع عسكرية كانت تابعة لنظام القذافي وحولها إلى معسكرات لتدريب مئات «الجهاديين» الراغبين بالقتال في سوريا والعراق.
على صعيد آخر، اتهمت قيادات ليبية دولة قطر بدعم الجماعات المتطرفة و«تخريب البلاد» منذ عام 2011 حتى اليوم، إذ قال وزير الشباب والرياضة الليبي السابق، مصطفى الدرسي، أنه حذر دبلوماسيين أوروبيين، في لقاءات معهم، من خطر اللعب مع الإرهاب، مضيفاً أن كثيراً من القادة الليبيين، ضجوا من التدخل القطري، الذي جاء ضمن تدخل دولي يهدف إلى تفتيت ليبيا والدول العربية، إلا أنه لم تكن هناك استجابة للوقوف ضد دعم الجماعات المسلحة ونقل الأسلحة والمقاتلين إلى ليبيا.
وكان عدد من القادة الليبيين من عهد نظام معمر القذافي، وآخرين من الحكام الجدد، قد انتقدوا في الفترة الأخيرة ما يسمونه «التدخل القطري في شؤون ليبيا». ومن أبرز القيادات التي علقت على الدور القطري في ليبيا، وتسببه في عدم الاستقرار في البلاد، أحمد قذاف الدم، المبعوث الشخصي للقذافي، والمنسق السابق للعلاقات المصرية – الليبية، بالإضافة إلى عسكريين كبار في الجيش الذي يقوده المشير خليفة حفتر، ونواب في البرلمان.
ومن جانبه، قال الدرسي، وهو قيادي في الحركة الوطنية الشعبية الليبية، إن «تدخل قطر في الشأن الليبي، بدعم طرف على حساب طرف آخر، أمر واضح، ويوجد عليه شهود عيان، وأدلة، وتصريحات… وكل الدلائل تشير إلى ذلك، بالإضافة إلى تصريحات من القطريين أنفسهم… من أكبر مسؤول إلى أصغر مسؤول. هذا الأمر لا يخفى على أحد».
ويتهم عدد من القيادات الليبية قطر بالوقوف وراء مجاميع مسلحة تخوض حرباً ضد كل من البرلمان والجيش. لكن قطر ترد عادة بالقول إنها تقف مع من تطلق عليهم «الثوار» الذين أسقطوا حكم القذافي، وإنها تتعامل مع الليبيين كأشقاء. وقال الدرسي: ضلوع قطر في المشكل الليبي، يأتي من جانبهم كأداة لآخرين، لأنهم ليسوا صانعي القرار… ومنذ عام 2011 حتى الآن يلعبون في الساحة الليبية، وعلى مرأى ومسمع من الجميع».
وأضاف أن الهزائم التي يتعرض لها عديد التنظيمات المتطرفة في ليبيا، في الفترة الأخيرة، «من شأنها أن تضع القوى التي تدعمها، ومنها قطر، في حجمها الحقيقي». لكنه قال إن إعلان تنظيم الشريعة في ليبيا، المصنف دولياً تنظيماً إرهابياً، عن حل نفسه قبل يومين، لا يعني انتهاء خطر مثل هذه التنظيمات، فعناصر تنظيم أنصار الشريعة «يمكن أن تتحول إلى نشاط ما يعرف بالذئاب المنفردة، مثلما حدث في مانشستر. المطلوب منع إيجاد مأوى آمن للإرهابيين أو تقديم التمويل لهم».