تحقيقات و تقاريرعاجل

إيران: الاحتجاجات صمتت مؤقتاً..لا عودة إلى الوراء

يتوقع عدد من الخبراء والساسة ألا تنتهي الانتفاضة الإيرانية الحالية، وحتى لو أسكتت مؤقتاً، لأن المحتجين الإيرانيين، تجاوزوا خطاً جديداً، ولن يعودوا إلى الوراء.

وكتب على رضا نادر، محلل بارز في السياسات الدولية لدى مؤسسة “راند” غير الربحية، في مجلة “بوليتيكو” الأمريكية، أن إيران المعاصرة شهدت عدة انتفاضات وحركات تمرد وثورات، بدءاً من الثورة الدستورية لعام 1905، وثورة 1979، وصولاً إلى الانتفاضة الخضراء في عام 2009.

ولكن إيران شهدت عاصفة جديدة، ومثلت انتفاضة عام 2017، أكبر تحدٍ تواجهه السلطة الدينية منذ تأسيسها قبل قرابة 40 سنة.

حالة مختلفة

وبحسب نادر، إن حدة الغضب والعنف ضد قوات أمنية ومكاتب حكومية ونطاقه، يجعلها مختلفة عن الانتفاضة الخضراء في عام 2009. فقد خرجت معظم التظاهرات خارج طهران، وفي مئات البلدات والمدن الإيرانية الصغيرة.

وقد صبّ المحتجون غضبهم على المرشد الأعلى علي خامنئي، ومزقوا صوره، وهو أمر نادر في إيران، ويذكر بثورة عام 1979، عندما حطم إيرانيون تماثيل الشاه في كل مكان.

فرصة نادرة

ويشير الكاتب لإيرانيين عبروا عن غضبهم ليس ضد خامنئي لوحده، بل ضد المؤسسة الدينية والسياسية بكاملها. كما كشفت الانتفاضة عن خلل كبير في المؤسسة الأمنية الإيرانية. فقد تبين أن الحرس الثوري قد يظهر قوياً في الشرق الأوسط، لكن عدداً من الإيرانيين عبروا عن استيائهم حيال سياساته الخارجية والاقتصادية والاجتماعية.

وقد يوفر هذا فرصة نادرة أمام واشنطن كي تعزز قوتها ضد طهران، في ضوء إنجازات إيران المزعومة في المنطقة.

تضليل

ويلفت نادر إلى تقارير أشارت لعدم مشاركة أبناء الطبقة الغنية في طهران ( يتركزون في القسم الشمالي من المدينة) في الانتفاضة.

ولكن ذلك نوع من التضليل، لأن النظام توقع حدوث اضطرابات في طهران ومدن كبرى أخرى، ونشر قواته ومصادر استخباراته هناك، بعيداً عن المدن الصغيرة.

ضائقة معيشية

وفيما يعاني سكان طهران من ضائقة معيشية، فقد تلقوا بعض الإعانات الاقتصادية بعد التوقيع على الصفقة النووية. وكان أكبر المستفيدين من تلك الإعانات من لهم علاقات وتواصل مع الحكومة. ولكن بقية الإيرانيين واجهوا حالة إفقار، حيث تصل مستويات البطالة، في بعض المدن المتمردة، لما بين 40 و60٪.

وقد كشفت الميزانية الإيرانية التي تسربت تفاصيلها قبل الانتفاضة، عن قطع المساعدات عن الفقراء فيما تضاعف حجم تمويل الحرس الثوري والمؤسسات الدينية، وشركات كبرى تدعمها الدولة، والتي يعتبرها عدد كبير من الإيرانيين مصدراً للفساد.

إفقار

ويشير نادر لحالة من الغضب تستبد بالإيرانيين من عامة الشعب الذين يصارعون من أجل تأمين لقمة العيش لأطفالهم بينما تنفق حكومتهم مليارات على مشاريعها الخارجية في لبنان وسوريا والعراق واليمن، وفي مناطق أخرى. وفيما أصبحت إيران فقيرة، أصبح نظامها الديني أغنى. وبينما يعاني إيرانيون عاديون، غدا حلفاء النظام أغنياء ومتسلطين.

تطور غير مفاجئ

وبرأي الكاتب، لم يكن الغضب الذي ساد بين إيرانيين وليد اللحظة، بل بدأ منذ عقود بسبب سوء إدارة النظام لموارد البلاد ولقمعه شعبه ووحشيته في التعامل مع معارضيه. 

من جانب آخر، كان برنامج إيران النووي من أكبر أخطاء النظام، إذ لم يثمر عن أية فوائد لصالح الشعب الإيراني، بل تسبب بعقوبات دولية وأمريكية أضعفت الاقتصاد، وتوقفت شركات واستثمارات أجنبية عن العمل في الجمهورية الإسلامية. ونتيجة لكل ما سبق ذكره، انصب غضب الإيرانيين ضد كامل المؤسسة الإيرانية، بما فيها روحاني والإصلاحيين الذين دعموه.

زر الذهاب إلى الأعلى