تحقيقات و تقاريرعاجل

إيران مصممة على البقاء في سوريا…أياً كان الثمن!

فيما تصعّد روسيا وإسرائيل ضغوطهما على إيران من أجل الانسحاب من سوريا، يبدو أن طهران مصممة على البقاء لتعويض ما خسرته من دماء وأموال هناك.

وكتب، في مجلة “فورين بوليسي”، بورزو داراغاهي، صحافي مقيم في اسطنبول غطى شؤون الشرق الأوسط لأكثر من 16 عاماً، عما يؤكده مسؤولون إيرانيون وخبراء حول إنفاق طهران، حتى تاريخه، ما يزيد عن 30 مليار دولار في سوريا، قائلاً إنه لا يتوقع أن تنصاع إيران لمطالب دولية  بالانسحاب من سوريا، مهما صعدت إسرائيل هجماتها ضد مواقعها، أو حتى تضاعف الضغط الروسي عليها. 
فهي مصممة على حصد ثمار استراتيجية بعيدة الأمد توفرها لها سوريا، حتى لو تحقق ذلك عبر مزيد من القتلى والأموال، في المدى القريب.
السيطرة على الأرض
في ذات السياق، قال محرر منفذ إعلامي رائد في طهران، رفض كشف هويته: “لا أعتقد أن إيران مستعدة للتخلي عن وجودها في سوريا، لأن أراضيها تؤمن لها موقعاً استراتيجياً قوياً في مواجهة إسرائيل. الانتشار على الأرض أمر هام، وإيران بارعة في التحكم بالأرض، وحيث الوجود الروسي ضعيف هناك. ومن يسيطر على المكان لا يهمه من ليس له وجود فيه. وتصر إيران على أنها موجودة في سوريا بمباركة وطلب من دمشق”. 
ومن جانبه، قال الرئيس السوري بشار الأسد، قبل أسبوع، في لقاء مع محطة روسية: “لم تكن هناك قط قوات إيرانية داخل سوريا. لدينا فقط ضباط إيرانيون يقدمون المساعدة للجيش السوري”. 
تدخل للدفاع عن النظام
ويلفت كاتب المقال إلى تدخل إيران، بجانب حليفها اللبناني، حزب الله، بداية في سوريا للدفاع عن نظام لطالما كان حليفاً موالياً، في وقت اعتبرت معظم دول العالم أن الأسد سيكون ضحية أخرى لما عرف باسم انتفاضات الربيع العربي. 
وقد تصاعد الاستثمار الإيراني في سوريا، خلال السنوات السبع الأخيرة، حتى وصل إلى ما قيمته مليارات الدولارات قدمتها طهران لتمويل عمليات عسكرية واقتصادية، ارتبط بعضها ببعض.
تجنيد ميليشيات
ويقول داراغاهي إن إيران جندت أيضاً ميليشيات من الشرق الأوسط وجنوب آسيا ونشرتها في سوريا، ورعت أسر قتلى تلك الميليشيات. 
وحسب تقديرات منصور فارهانغ، باحث وديبلوماسي إيراني سابق يقيم في أمريكا: “أنفقت إيران ما لا يقل عن 30 مليار دولار لتوفير مساعدات عسكرية واقتصادية لسوريا”. 
لكن تقديرات نديم شيهادي، باحث في شؤون الشرق الأوسط لدى جامعة تافتس، تشير لتقديم إيران قروض ومساعدات لسوريا تصل إلى قرابة 15 مليار دولار سنوياً، وبإجمالي بلغ 105 مليار دولار. 
جدل سياسي
وحسب كاتب المقال، يثير التقديران جدلاً سياسياً في وقت يطالب فيه إيرانيون في الداخل بالمساءلة والمحاسبة المالية. 
وقال فارهانغ: “وظف الإيرانيون استثمارات اقتصادية وسياسية، ولذا يصعب عليهم حزم حقائبهم والعودة إلى وطنهم”.
وحسب نوار أوليفر، باحث عسكري لدى مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، مؤسسة فكرية في اسطنبول: “تتواجد قوات إيرانية في 11 قاعدة في سوريا، فضلاً عن وجود تسع قواعد لميليشيات شيعية مدعومة إيرانياً، ومنتشرة في جنوب حلب وحمص ودير الزور، كما يوجد حزب الله في 15 قاعدة ونقط مراقبة منتشرة على طول الحدود اللبنانية وفي حلب”. 
ضغوط روسية
وقال محللون عسكريون إن إيران تتعرض حالياً لضغط روسي لإعادة تموضع قواتها وميليشياتها في سوريا جنوب مدينة دير الزور، غرب نهر الفرات. ولكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو حذر في الأسبوع الماضي من أن إسرائيل “ستمنع أية محاولة من قبل إيران لإرساء وجودها العسكري في سوريا، وليس فقط بالقرب من مرتفعات الجولان، بل في أي مكان داخل سوريا”. 
وتأكيداً لأهمية تلك التصريحات، قال دوري غولد، سفير إسرائيل الأسبق لدى الأمم المتحدة: “لم يبالغ نتانياهو في ما قاله، بل كان يعني كامل الأراضي السورية”. 
ولكن حسب كاتب المقال، لا يقتصر الوجود الإيراني في سوريا على الجانب العسكري التقليدي، بل أخذت إيران في زرع بذور مؤسساتها المالية والإيديولوجية هناك. 
فقد بدأت العمل في تنفيذ مشاريع كبيرة لإعادة بناء مدارس وطرق وسواها من البنية التحتية في حلب ومدن أخرى، كما فازت شركات إيرانية في الأشهر الأخيرة بعقود لتوريد سكر مكرر، وجرارات وفوسفات، فضلاً عن صفقات لإصلاح شبكات الكهرباء.
وحسب تقديرات مسؤولين إيرانيين، أقرضت طهران النظام في دمشق ما لا يقل عن 4.5 مليارات دولار منذ عام 2013.     

زر الذهاب إلى الأعلى