سأل الطفل محمد أبو حسين ذو الـ 13 عاما، أخاه وهو على سرير المستشفى “هل قطعوا رجلى؟ فقال له: لا لم يقطعوها، وكلما حاول محمد النهوض والوقوف منعه أخوه، فأدرك محمد أن ساقه قد بُترت”.. كانت هذه الساعات الأولى التى قضاها الطفل الفلسطينى بعد إصابة ساقه اليمنى برصاصة متفجرة أطلقها الاحتلال الإسرائيلى خلال مسيرات العودة فى 29 يونيو 2018 الماضى.
ليلة مريرة مرت على أسرة محمد، ففى مستشفى الشفاء قرر الأطباء بتر ساق محمد لخطورة وضعه الصحى وإنقاذه من الموت، وبعد أن استفاق الطفل الصغير وعلم ببتر ساقه أول ما جال فى خاطره هو دفنها، فطلب من أخيه أن يدفنوا رجله بجوار قبر والده الذى توفى قبل عامين.
هكذا أصبحت ساق الطفل محمد المبتور، شاهد على وحشية الاحتلال الإسرائيلى وانتهاكه لأى قواعد أو قوانين، وتعمده ارتكاب أفظع الجرائم بحق الفلسطينيين واغتيال أحلام الأطفال.
وقالت والدته فى مقابلة مع صحيفة “البيان” الإماراتية من مخيم جباليا، “خبر بتر ساق ولدى وقع على كالصاعقة. كان يوماً أسود، محمد فقد استقلاليته، أخاف أن أتركه ولو لحظة واحدة. قلبى يتمزق عندما أراه عاجزا عن اللعب أو الذهاب إلى المدرسة”.
بأى ذنبا.. وتساءلت أم محمد: أى خطر شكله طفلى على جنود الاحتلال، فهو لم يحمل سلاحا، وإن حمل حجرا فأنه لن يؤثر فى أسلحتهم وطياراتهم وصواريخهم.
وبقى هؤلاء ممن اغتال رصاص الاحتلال أحلامهم أشد إصرار على لفظ الاحتلال والمطالبة بحق عودة اللاجئين إلى ديارهم، لم تعوق رصاص وبنادق وجرائم الجنود الإسرائيليين مطالبهم ولم تخرس أفوههم.
كما أن الأطراف الصناعية أصبحت حلم كل حالة مشابهة لمحمد، وبحسب الصحيفة فأن حالة محمد ليست يتيمة، فمثلها عشرات إن لم تكن مئات الحالات فى قطاع غزة، ومنها حالة المصاب عبد الله قاسم (17 عاماً) الذى عبر عن أمنيته بالحصول على أطراف صناعية تعوضه عن أطرافه التى بترت بعد إصابته منتصف مايو الماضى خلال مسيرات العودة فى غزة.
يقول عبد الله: “حلمى الوحيد أن أعود للمشى ولو على أطراف صناعية، لا أستطيع المشى من دون عكازين، لم أعد أركب دراجتى، يوجعنى قلبى وأحزن كثيرا عندما أنظر إلى أصدقائى وهم يلعبون، لقد أطلقوا على الرصاص من دون سبب. بسببهم فقدت قدمى وأصبحت عاجزا”.