نشرت دار الإفتاء المصرية على صفحتها على “فيس بوك” فتوى “هل يجوز احتفال المسلمين مع المسيحيين وتهنئتهم فى رأس السنة الميلادية؟”، وأجابت: المسلمون يؤمنون بأنبياء الله تعالى ورسله كلهم، ولا يفرقون بين أحد منهم، ويفرحون بأيام ولادتهم، وهم حين يحتفلون بها يفعلون ذلك شكرا لله تعالى على نعمة إرسالهم هداية للبشرية ونورا ورحمة، فإنها من أكبر نعم الله تعالى على البشر، والأيام التى ولد فيها الأنبياء والرسل أيام سلام على العالمين، وقد أشار الله تعالى إلى ذلك؛ فقال عن سيدنا يحيى: ﴿وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا﴾، وقال عن سيدنا عيسى:﴿والسلام على يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا﴾، وقال تعالى: ﴿سلام على نوح فى العالمين﴾، وقال تعالى: ﴿سلام على إبراهيم﴾، ثم قال تعالى:﴿سلام على موسى وهارون﴾، إلى أن قال تعالى:﴿وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين﴾ .
وتابعت: فإذا كان الأمر كذلك، فإظهار الفرح بهم، وشكر الله تعالى على إرسالهم، والاحتفال والاحتفاء بهم؛ كل ذلك مشروع، بل هو من أنواع القرب التى يظهر فيها معنى الفرح والشكر لله على نعمه، وقد احتفل النبى صلى الله عليه وآله وسلم بيوم نجاة سيدنا موسى من فرعون بالصيام؛ فروى البخارى عن ابن عباس رضى الله عنهما: أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم لما قدم المدينة وجد اليهود يصومون يوما – يعنى: عاشوراء -، فقالوا: هذا يوم عظيم، وهو يوم نجى الله فيه موسى، وأغرق آل فرعون، فصام موسى شكرا لله، فقال: «أنا أولى بموسى منهم» فصامه وأمر بصيامه. فلم يعد هذا الاشتراك فى الاحتفال بنجاة سيدنا موسى اشتراكا فى عقائد اليهود المخالفة لعقيدة الإسلام.
وبناءً عليه: فاحتفال المسلمين بميلاد السيد المسيح من حيث هو: أمر مشروع لا حرمة فيه؛ لأنه تعبير عن الفرح به، كما أن فيه تأسيا بالنبى صلى الله عليه وآله وسلم القائل فى حقه: «أنا أولى الناس بعيسى ابن مريم فى الدنيا والآخرة، ليس بينى وبينه نبى».
وأضافت: هذا عن احتفال المسلمين بهذه الذكرى، أما تهنئة غير المسلمين من المواطنين الذين يعايشهم المسلم بما يحتفلون به؛ سواء فى هذه المناسبة أو فى غيرها؛ فلا مانع منها شرعًا، خاصة إذا كان بينهم وبين المسلمين صلة رحم أو قرابة أو جوار أو زمالة أو غير ذلك من العلاقات الإنسانية، وخاصة إذا كانوا يبادلونهم التهنئة فى أعيادهم الإسلامية؛ حيث يقول الله تعالى: ﴿وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها﴾، وليس فى ذلك إقرار لهم على شىء من عقائدهم التى يخالفون فيها عقيدة الإسلام، بل هى من البر والإقساط الذى يحبه الله؛ قال تعالى: ﴿لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين﴾، فالآية تقرر مبدأ التعايش، وتبين أن صلة غير المسلمين، وبرهم، وصلتهم، وإهداءهم، وقبول الهدية منهم، والإحسان إليهم بوجه عام؛ كل هذا مستحب شرعًا؛ يقول الإمام القرطبى فى “أحكام القرآن” : قوله تعالى: ﴿أن تبروهم﴾ – أى لا ينهاكم الله عن أن تبروا الذين لم يقاتلوكم – ﴿وتقسطوا إليهم﴾ أى تعطوهم قسطًا من أموالكم على وجه الصلة.