السياسة والشارع المصريعاجل

الاستعلامات: مكافحة الإرهاب أولوية على أجندة زيارة الرئيس للأمم المتحدة

يشير تقرير أعدته الهيئة العامة للاستعلامات إلى أن اهتمام مصر بقضية مكافحة الإرهاب على الصعيد الإقليمي والدولي قد اكتسب أبعادًا أكثر أهمية فى هذه الدورة مما شهدته الدورات الثلاث السابقة للجمعية العامة للأمم المتحدة.

ويعود ذلك إلى نجاح مصر في إقناع العالم برؤيتها التي عكست بها على مدى السنوات الثلاث الأخيرة من ضرورة المواجهة الشاملة للظاهرة الإرهابية وعدم اقتصار هذه المواجهة على الجانب العسكري المباشر-رغم أهميته-، حيث أصبح المجتمع الدولي الآن أكثر اقتناعًا بضرورة المواجهة الأيدلوجية للأفكار الإرهابية، وتجفيف مصادر تمويل الإرهاب وملاحقة داعميه ومموليه، وكذلك الذين يوفرون لعناصره التمويل والدعم السياسي والملاذات الآمنة والمنابر الإعلامية التي يبررون من خلالها جرائمهم الإرهابية، ويبثون سموم أفكارهم لأجيال من الشباب في أنحاء العالم.

لقد أصبح العالم أكثر ادراكًا لأهمية هذه الرؤية المصرية المتكاملة في مواجهة الإرهاب، وأكثر استعدادًا للتجاوب مع المساعي المصرية لتفعيل نظام العقوبات التي تضمنها ميثاق الأمم المتحدة تجاه الدول والتنظيمات والمنظمات، التي تدعم الإرهاب بأي شكل من أشكال الدعم المالي أو السياسي أو الإعلامي أو اللوجستي، وهو ما طالبت به مصر خلال رئاستها لجلسات مجلس الأمن الدولي الشهر الماضي.

لقد تحركت مصر من خلال الأُطر الدبلوماسية الدولية -وخاصة الأمم المتحدة- لتعزيز المواجهة الدولية الشاملة للظاهرة الإرهابية.

ويشير تقرير هيئة الاستعلامات إلى أن مصر تتبنى إستراتيجية شاملة لمكافحة الإرهاب خلال السنوات الاخيرة، بدأتها بالإطاحة بجماعة الإخوان الإرهابية من الحكم، ومنذ تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئاسة البلاد، شن حربًا داخلية وخارجية ضد التطرف والجماعات الراديكالية، وبذلت الدبلوماسية المصرية جهودًا كبيرة على منابر الأمم المتحدة ومجلس الأمن وفي العواصم الغربية للحشد ضد المعركة الكبرى -الإرهاب- التي تهددها وتهدد دول المنطقة والعالم.

لقد تعاملت مصر مع ظاهرة الإرهاب على عدة مستويات، محلي وإقليميا ودوليا، كما تم التصدى للنظرة الانتقائية لمواقف الدول الغربية تجاه الإرهاب، والعمل على إقناع الدول الرئيسية المؤثرة بضرورة تبنى نظرة شاملة تنطلق من القناعة بأن كل التنظيمات الإرهابية فى المنطقة تنبع من إطار فكرى وعقائدى واحد على الرغم من اختلاف أشكالها وأهدافها. وأيضا تعزيز التعاون الثنائى مع القوى الدولية فى مجال مكافحة الإرهاب بما يخدم المصالح المصرية والجهود الوطنية للتصدى للتهديدات الإرهابية.

على الصعيد الدولي: أكد الرئيس “السيسي” في 21 /6 /2016 خلال كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ71 أن الإرهاب هو آفة هذا الزمان الذي تبثه دعاوى التطرف والعنف في عقول البشر، مشددًا: “علينا أن نغرس في هذه العقول قيم التعايش وقبول الآخر، ولما كانت الثقافة انعكاس لمنظومة القيم التي يحيا بها الإنسان فعلينا أن نسخر الثقافة والقدرات التكنولوجية لصالح التنمية وتحقيق السلام”.

وعلى الصعيد الإقليمي: شدد “السيسي” في كلمته أمام القمة العربية الإسلامية الأمريكية التي عقدت بالرياض في 21 /5 /2017، على أن خطر الإرهاب “بات يمثل تهديدا جسيمًا لشعوب العالم أجمع”، مشيرا إلى أن مواجهته واستئصاله من جذوره “تتطلب إلى جانب الإجراءات الأمنية والعسكرية مقاربة شاملة تتضمن الأبعاد السياسية والأيديولوجية والتنموية”.

بعد خطاب الرئيس “السيسي” في القمة، وافق مجلس الأمن الدولى، على طلب بعثة مصر لدى الأمم المتحدة بنيويورك، بإصدار نص خطاب الرئيس عبدالفتاح السيسي أمام القمة العربية للأمم المتحدة بالرياض كـ”وثيقة رسمية” من وثائق مجلس الأمن، ووافق رئيس مجلس الأمن على طلب مصر، وأقر خطاب الرئيس كوثيقة رسمية لمجلس الأمن الدولي تحت رمز “S/2017/450”.

وتتويجًا لجهود مصر فى مكافحة خطاب وأيديولوجيات الإرهاب، نجحت البعثة المصرية لدى الأمم المتحدة فى نيويورك فى استصدار قرار فى 25 /5 /2017 من مجلس الأمن بإجماع آراء الدول أعضاء المجلس للترحيب بالإطار الدولى الشامل لمكافحة الخطاب الإرهابى ووضعه موضع التنفيذ، وهو الإطار الذى سبق أن نجحت مصر فى اعتماده بالإجماع كوثيقة رسمية من وثائق مجلس الأمن، وصدر القرار تحت رقم 2354.

وفى كلمته بجلسة مجلس الأمن التى تم خلالها اعتماد القرار، أشار السفير عمرو أبو العطا مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة، الى الجهود المصرية التى نجحت فى تحقيق التوافق داخل المجلس حول إطار دولى شامل لمكافحة الخطاب الإرهابى، لافتًا إلى أهمية البعد الفكرى والإيديولوجى فى إطار الحرب العالمية على الإرهاب، والذى يروج لأفكار سامة لتبرير جرائمه ولتجنيد الشباب بل ودفعهم نحو الانتحار اعتقاد منهم بأنهم يقومون بعمل سامى بطولى يستحق التضحية بالنفس.

وأكد “أبو العطا” أن مصر كانت سباقة فى إدراكها لأهمية التصدى لخطاب الإرهاب، منوهًا إلى مساهمتها الجوهرية فى التصدى لهذا الخطاب على المستوى الدولى، خاصة من خلال مؤسساتها الدينية العريقة التى تحظى باحترام وتقدير العالم أجمع، وعلى رأسها الأزهر الشريف، ومشددًا على أن المواجهة الشاملة اللازمة للإرهاب تستلزم التعامل مع كافة المنظمات الإرهابية دون استثناء، والتصدى لمن يقدم لهم يد المساعدة سواء بالتمويل، أو التسليح، أو بتقديم الدعم السياسى والأيديولوجى والإعلامى.

وباعتماد مجلس الأمن للقرار المصرى، ومن قبله إصدار الإطار الدولى الشامل لمكافحة الخطاب الإرهابى، تكون مصر قد نجحت فى وضع مكافحة خطاب وأيديولوجيات الإرهاب على اجندة مجلس الأمن، وبالتالى ضمن أولويات المجتمع الدولى فى إطار مكافحة الإرهاب.

والجدير بالذكر أنه قد تم انتخاب مصر لعضوية المقعد غير الدائم فى مجلس الأمن الدولى لعامى 2016 – 2017 بدعم واسع من الجمعية العامة، مما يعد تقديرًا من المجتمع الدولى لمصر ودورها فى الحفاظ على السلم والأمن الدوليين. كما تولت مصر رئاسة لجنة مكافحة الإرهاب بمجلس الأمن الدولي، وقامت فى هذا الإطار بعدد من المبادرات الرامية لتعزيز التعاون والتنسيق الدوليين فى إطار مكافحة الإرهاب، ومحاولة إيجاد حلول مستديمة تستهدف التعامل مع جذور ظاهرة التطرف.

كانت مصر عقب ثورة 30 يونيو قد واجهت حملة انتقامية مكثفة من قبل إرهابيين ومتطرفين ينتمون لجماعة الإخوان وجماعات إرهابية أخرى، مما أدى إلى وضع مكافحة الإرهاب على رأس قائمة أولويات الأمن القومى المصري، وقامت مصر بتكثيف الجهود المحلية والإقليمية والدولية لمكافحة ظاهرة الإرهاب، التى تتصاعد على مستوى العالم، كما أن مصر عضو محوري فى الائتلاف الدولى لمحاربة تنظيم داعش، خاصة وأن دورها حيوى فى مقاومة ودحض الأفكار المتطرفة من خلال الأزهر الشريف ودار الإفتاء، وهما أهم مراكز الفكر الإسلامى الوسطى على مستوى العالم.

وفيما يتعلق بجهود مصر على الصعيد الداخلي: أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي قرار إنشاء المجلس القومي لمواجهة الإرهاب والتطرف، والذي يهدف إلى حشد الطاقات المؤسسية والمجتمعية للحد من مسببات الإرهاب ومعالجة آثاره.

ويختص المجلس بإقرار إستراتيجية وطنية شاملة لمواجهة الإرهاب والتطرف داخليا وخارجيا، والتنسيق مع المؤسسات الدينية والأجهزة الأمنية لتمكين الخطاب الديني الوسطي المعتدل ونشر مفاهيم الدين الصحيح في مواجهة الخطاب المتشدد بكافة صوره، ووضع خطط لإتاحة فرص عمل بمناطق التطرف، ودراسة التشريعات المتعلقة بمواجهة الإرهاب داخليا وخارجيا، واقتراح تعديل التشريعات القائمة، لمواجهة أوجه القصور في الإجراءات وصولا إلى العدالة الناجزة، والارتقاء بمنظومة التنسيق والتعاون بين كافة الأجهزة الأمنية والسياسية مع المجتمع الدولي، خاصة دول الجوار والسعي لإنشاء كيان إقليمي خاص بين مصر والدول العربية يتولي التنسيق مع الأجهزة المعنية بمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة.

كما سيسعى المجلس إلى تنسيق المواقف العربية تجاه قضايا الإرهاب، وإقرار الخطط اللازمة لتعريف المجتمع الدولي بحقيقة التنظيم الإرهابي ودور الدول والمنظمات والحركات الداعمة للإرهاب ضد الدولة المصرية، والعمل على اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضد الأجهزة والدول الداعمة للإرهاب ضد الدولة المصرية، وتحديد محاور التطوير المطلوب بالمناهج الدراسية؛ بما يدعم مبدأ المواطنة وقبول الآخر ونبذ العنف والتطرف، ومتابعة تنفيذ إجراءات التحفظ على أموال الكيانات الإرهابية والإرهابيين ورصد التحويلات المالية للعناصر والتنظيمات الإرهابية؛ تجفيفا لمصادر تمويل التطرف والإرهاب.

من هذا الرصيد المهم فى جهود مواجهة الارهاب، فإن ملف مواجهة الإرهاب وحشد الجهود الدولية للقضاء عليه فى مقدمة ما تركز مصر عليه فى الدورة الحالية للجمعية العامة للأمم المتحدة والتى يرأس وفد مصر فيها الرئيس عبد الفتاح السيسى.

زر الذهاب إلى الأعلى