شكلت وزارة البيئة، في استجابة سريعة بعد ظهور بعض أنواع من قناديل البحر بساحل البحر المتوسط المصري، مجموعة عمل علمية متخصصة في مجال علوم البحار لبحث ودراسة هذه الظاهرة وأسبابها وكيفية التعامل معها.
وعلى الفور قامت مجموعة العمل بالتنسيق مع أجهزة الوزارة وجهاز شئون البيئة وفرع الجهاز بالإسكندرية، والمحميات الطبيعية بالمنطقة الشمالية لمتابعة هذه الظاهرة.
وأوضحت الوزارة – في بيان تفصيلي لها اليوم الأربعاء – أنه تبين أن النوع المتسبب في هذه الظاهرة هو نوع Rhoplema nomadic وهو من الأنواع المسجلة في البحر المتوسط منذ عقود، وعلى مستوى إقليم البحر المتوسط فإنه جار البحث في دراسة هذه الظاهرة حيث تم تسجيل انتشار هذا النوع خلال هذا العام في موسم الشتاء في لبنان وإسرائيل وقبرص وهي ظاهرة غير مسبوقة، كما ازداد امتداده الجغرافي على الساحل المصري حيث كان يتركز على سواحل العريش وبورسعيد ودمياط، ولكنه امتد مؤخرًا إلى الساحل الشمالي الغربي، وهذه الظاهرة تستدعي مزيدا من الدراسة على مستوى إقليم البحر المتوسط، لاسيما وأن مصر مشتركة في شبكة رصد القناديل البحرية بالبحر المتوسط والتي تشرف عليها المفوضية الأوروبية لحماية البحر المتوسط وتتخذ من إمارة موناكو بفرنسا مقرا لها.
وأشار البيان إلى أنه على الرغم من انتشار ذلك النوع بالبحر المتوسط إلا أنه لم يتم تسجيل أي انتشار كثيف له سواء في البحر الأحمر أو خليج السويس.
وأوضحت الوزارة أنه بصورة عامة فإن انتقال قناديل البحر على مستوى بحار ومحيطات العالم ظاهرة طبيعية مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالتغيرات المناخية والتلوث والصيد الجائر للأسماك والسلاحف البحرية، فقد سجل التاريخ انتقال نوع Mnemiopsis leidyi من المحيط الأطلسي عبر مضيق جبل طارق، وقد عرف هذا النوع بشراسته بل وامتد غطاؤه الجغرافي إلى البحر الأسود، حيث تسبب في خسائر مادية هائلة.
وفي إطار قيام وزارة البيئة بتوعية الجمهور بماهية قناديل البحر Jellyfish، نشرت وزارة البيئة بيانا بصفات هذا الكائن وخصائصه وأهم ما يتعلق به، وما يهم المواطن المصري معرفته عن هذا النوع وكيفية التعامل معه، خاصة في ظل موسم الأجازات الحالي.
ولفتت الوزارة – في هذا البيان – إلى أن قنديل البحر هو حيوان بحري من الرخويات يتبع فصيلة اللافقاريات اللاسعة، ويتميز بقوامه الهلامي، وله مجسات حسية وأطراف طويلة تسمى لوامس، ولا يملك جهازًا هضميًا فمعظم جسمه مكون من الماء وجيلاتين،، ويعتبر قنديل البحر من أقدم الحيوانات الموجودة على الأرض، ويتحرك في البحر عن طريق انقباض جسمه ثم انبساطه بحيث يندفع بسرعة وسط الماء، وتساعده تيارات الماء على الانتقال من مكان إلى آخر، ولقنديل البحر أنواع عديدة منتشرة على مستوى العالم.
ويتغذى قنديل البحر بشكل عام على بيض ويرقات الأسماك، كما يتغذى على الهائمات الأخرى من العوالق البحرية الحيوانية، وعادة يتواجد خلال فترات الصيف نظرًا لوفرة الغذاء، كما أنه يعتبر غذاء لبعض الكائنات الأخرى مثل السلاحف البحرية وبعض الأنواع القليلة من الأسماك.
يعيش قنديل البحر في أسراب، ويمكن العثور عليهم في جميع بحار ومحيطات العالم بصورة طبيعية، بصفة عامة لا تمثل القناديل المتواجدة في المياه المصرية خطرًا جسيمًا للإنسان، ومن الضروري توعية الأطفال بعدم لمسها وتجنب حملها.
ونوه البيان إلى التأثير السلبي لظهور قناديل البحر بكثافات كبيرة على البيئة البحرية، والتي تنحصر في تأثيرها على صحة الإنسان، حيث تؤثر لسعاتها في المصطافين وكذلك في الصيادين، وتتوقف خطورة هذه اللسعات على مدى اتساع موقع الإصابة، ومدة التصاق هذا الحيوان بالجلد وحساسية الفرد المصاب وأيضا تأثيرها على الثروة السمكية، حيث تؤدي كثرة قناديل البحر إلى سد فتحات الشباك مما يؤدي إلى تمزيقها نتيجة ثقلها، وأيضًا بسبب تغذيتها على يرقات الأسماك، وكذلك تأثيرها على الصناعات الشاطئية حيث تخلف قناديل البحر أضرارا تلحق بالمنشآت الصناعية الشاطئية، مثل محطات توليد الكهرباء وغيرها.
وأشار البيان إلى أسباب ظهور قناديل البحر بكثافات كبيرة، فبصفة عامة تتزايد أعداد قناديل البحر خلال فترات الصيف والفصول ذات الحرارة المرتفعة، وذلك لعدة أسباب منها وفرة الغذاء المناسب للقناديل خلال تلك الفترات، تجمعها للتكاثر، حيث إن موسم التكاثر خلال فصلي الربيع والصيف، التغيرات المناخية، والتي تعتبر ذات تأثير مباشر لارتفاع درجات حرارة المياه، وبالتالي وجود بيئة ملائمة لتواجده لفترات أطول، زيادة نسبة الملوثات العضوية في المياه، الانخفاض المتزايد للمفترسات الطبيعية للقناديل مثل السلاحف البحرية وبعض الأسماك مثل سمكة الشمس، وعلى رأسها المفترس الأساسي لقناديل البحر وهي السلاحف البحرية التي تعرضت في السنوات الأخيرة لإبادة كبيرة في البحر المتوسط، وأخيرا ازدياد تلوث الشواطئ والمياه البحرية بالمخلفات البلاستيكية، مما أدى إلى خداع السلاحف بالأكياس البلاستيكية الشفافة المليئة بالمياه، وابتلاعها ظنًا منها أنها قناديل بحر، مما يؤدي إلى انسداد أنبوبها الهضمي وموتها.
وفيما يتعلق بلسعة قنديل البحر، فتختلف لسعة قنديل البحر حسب نوعه، وحسب عدد الخلايا اللاسعة التي تخترق جلد الإنسان، وتتميز قناديل البحر بأنها تظل قادرة على اختراق جلد الإنسان ولسعه حتى وإن كانت ميتة.
أما عن أعراض لسعة قنديل البحر، فلفتت الوزارة إلى أن أعراض اللسعة تبدأ بطفح جلدي بسيط يزداد شيئًا فشيئًا ويسبب إلتهابا شديدا وتورما للجلد، ويشعر المصاب عادةً بحرقة في الجلد، وتبقى آثار اللسعة لمدة يوم تقريبًا قبل أن تزول، ويرافقها تقلص في العضلات، وعادة ما يحدث إحمرار وتورم في الجلد، وقد تحدث أحيانًا بعض الحروق وتسبب تشوهات دائمة لا يمكن شفاؤها.
وحول الإسعافات الأولية للسعة قنديل البحر، ينصح بعدم القلق فور التعرض للسعة، ويجب تهدئة المصاب، وعدم لمس المنطقة الملسوعة، ووضع مياه دافئة فوق مكان اللسعة.
ويمكن وضع المياه المالحة فوق مكان الّلسعة، ووضع خل أو ليمون على منطقة اللسع، وذلك لمعادلة مادة اللسع قلوية التأثير، وفي حالة استمرار آلام اللسع يقترح اللجوء إلى الإشراف الطبي، ويجب استخدام المسكنات لتخفيف الألم الناتج عن اللسعة، ولا يستخدم الماء العذب لغسل الجلد أو وضع الثلج عليه، بجانب المتابعة مع نقطة الإسعاف التابعة لوزارة الصحة المتواجدة بالشواطئ.
وأشارت الوزارة إلى وسائل المكافحة، حيث جرت عدة دراسات لتحديد أفضل وسائل المكافحة للحد من ظهور قناديل البحر على الشواطئ، منها طرق المكافحة البيولوجية من خلال حماية أنواع الترسة البحرية والأسماك التي تتغذى على حيوان قنديل البحر، طرق المكافحة الكيميائية وهي مرفوضة لما تسببه من موت الأحياء البحرية الأخرى، وهناك طرق الجمع الميكانيكي بالشباك حيث يمكن جمعها من خلال استخدام الشباك، كما ينصح باستخدام الشباك في المناطق المتواجد فيها مصطافون من ناحية البحر لحجزها ومنع دخولها ويقترح تحفيز الصيادين لتجميعها.
وأشار البيان إلى فوائد قنديل البحر، فبالرغم من مما يسببه القنديل من أضرار، إلا أن له العديد من الفوائد التي لو سلط عليها الضوء ستكون حلا للعديد من المشكلات، فقد تبين أنه يعد غذاء صحيا يوصف بأنه لذيذ، حيث يعد من الوجبات الشهية لدى دول شرق آسيا، ومن الأطباق الشهية التي تلقى رواجًا كبيرا في أسواقها، وتقدم بعد نزع الأذرع التي تستخدم في إنتاج بعض القلويات التي يستفاد منها في صناعة المنظفات، وكذلك يستخرج منها بعض الأمصال التي تستخدم في الطب، كما يستخدمون الجزء العلوي منه، والذي يتراوح قطره بين 2 و10 سم فقط في صناعة بعض مستحضرات التجميل والمنظفات الصناعية المختلفة، وللقناديل قيمة دوائية كبيرة في علاج أمراض النقرس وضغط الدم وترطيب الجلد.
وبلغ ما استوردته الصين من قناديل البحر المصرية في عام 2004م نحو 600 طن، ومن المتوقع تضاعف هذه الكمية من خلال تحول أنشطة الصيد لصيد قنديل البحر، وتحويل مصدر تهديد دائم لحركة السياحة إلى مصدر رزق لهؤلاء الصيادين الذين زادت أعمالهم في هذا المجال الجديد مع وجود شركات صينية وتايلاندية.
وشددت الوزارة أنه في حالة وجود استفسار أو بلاغ يرجى التواصل على الخط الساخن لوزارة البيئة رقم 19808 أو على واتس آب رقم 01222693333.