تسعى مصر إلى أن تكون مركزاً محورياً للطاقة عبر مشروعات الربط الكهربائي مع الدول العربية والإفريقية والأوروبية، مستفيدة من موقعها الجغرافي والميزات والمقومات التنافسية التي تتمتع بها، والاحتياطي اليومي بالشبكة القومية للكهرباء، وزيادة الإنتاج من الطاقة المتجددة، فضلاً عن تأسيس بنية تحتية قوية ومتكاملة على مدار السنوات الماضية، الأمر الذي أسهم في دعم استراتيجية مصر للطاقة، وتوجهها لتشجيع الاستثمارات المحلية والأجنبية في هذا المجال، بما يعزز النمو الاقتصادى ويرسخ علاقات مصر الدولية.
وفى هذا الصدد نشر المركز الإعلامي لمجلس الوزراء تقريراً تضمن إنفوجرافات تسلط الضوء على تحول مصر لمحور للربط الكهربائي بين القارات، وذلك بعد مرور 7 سنوات على بدء النهوض بقطاع الكهرباء.
وأوضح التقرير أن العجز في الكهرباء تحول إلى فائض يسمح بالتصدير بفضل المشروعات الكبرى، لافتاً إلى وصول قيمة الاستثمارات في مجال إنتاج الكهرباء إلى 355 مليار جنيه منذ 2014 حتى نهاية 2021.
وأظهر التقرير أنه تم إضافة نحو 30 ألف ميجاوات قدرات كهربائية بعد الانتهاء من تنفيذ 31 محطة إنتاج طاقة كهربائية ومجمع بنبان للطاقة الشمسية، ليصل فائض الكهرباء في يونيو 2020 إلى 13 ألف ميجاوات بعد عجز وصل إلى 6 آلاف ميجاوات في يونيو 2014.
ورصد التقرير أبرز المشروعات المنفذة في هذا الصدد، وعلى رأسها تنفيذ شركة سيمنز 3 محطات (العاصمة الإدارية- بني سويف- البرلس)، وذلك بإجمالي استثمارات بلغ 6 مليارات يورو، وإجمالي قدرات يبلغ 14.4 ألف ميجاوات، بينما تم تنفيذ مجمع بنبان للطاقة الشمسية بتكلفة بلغت أكثر من 2 مليار دولار، وإجمالي قدرات يبلغ 1465 ميجاوات.
كما تم تنفيذ 3 محطات لإنتاج الكهرباء في جبل الزيت، بإجمالي تكلفة بلغ 580 مليون يورو، وإجمالي قدرات يبلغ 580 ميجاوات، فضلاً عن تحويل 5 محطات توليد كهرباء تعمل بالدورة البسيطة لتعمل بنظام الدورة المركبة، وهم (الشباب- غرب دمياط- 6 أكتوبر- غرب أسيوط- غرب دمياط 2)، وذلك بإجمالي استثمارات بلغ 27 مليار جنيه، وقدرات مضافة تبلغ 1840 ميجاوات.
هذا وقد استعرض التقرير مشروعات الربط الكهربائي مع دول أفريقيا، مشيراً إلى خط الربط الكهربائي القائم بين مصر والسودان، والذي يصل طوله إلى نحو 170 كم بواقع 100 كم بالجانب المصري و70 كم بالجانب السوداني.
وأوضح التقرير أن قدرة خط الربط بين مصر والسودان وصلت عند بداية تشغيله في أبريل 2020 إلى 80 ميجاوات، علماً بأن هناك دراسة لزيادة سعته إلى 300 ميجا وات، وذلك بعد الانتهاء من تركيب المهمات الكهربائية اللازمة.
وفي السياق ذاته، أشار التقرير إلى خط الربط الكهربائي القائم بين مصر وليبيا، والذي تبلغ قدرته الحالية 150 ميجاوات، علماً بأن هناك دراسة لزيادة سعته مستقبلاً إلى 2000 ميجاوات، وفقاً للمقترح الذي تقدمت به مصر، وذلك كمرحلة أولى لاستكمال الربط الكهربائي بين دول شمال أفريقيا بالكامل.
يشار إلى أنه تم التصديق على المقترح المصري في فبراير 2021 خلال قمة الاتحاد الأفريقي بعدما تم إدراجه ضمن القائمة النهائية لمشروعات PIDA-PAP2 في مجموعة المشروعات العابرة للأقاليم.
وبشأن الربط الكهربائي مع دول آسيا، لفت التقرير إلى أن إجمالي القدرات الكهربائية التي سيتم تبادلها من خلال الربط الكهربائي بين مصر والسعودية تبلغ 3000 ميجاوات، في حين تصل إجمالي الاستثمارات بالمشروع إلى 1.8 مليار دولار، يخص الجانب المصري منها 550 مليون دولار، فيما يتضمن المشروع 3 محطات تحويل جهد عالي، وهم محطة شرق المدينة ومحطة تبوك بالمملكة، ومحطة بدر شرق القاهرة.
وأضاف التقرير أن طول خط الربط يبلغ 1372 كم من خلال كابلات بين البلدين، بواقع خطوط نقل هوائية تبلغ 1350 كم، وبحرية في خليج العقبة تبلغ 22 كم.
وأظهر التقرير فوائد المشروع، والمتمثلة في تعزيز موثوقية الشبكات الكهربائية الوطنية ودعم استقرارها والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة، فضلاً عن استفادة البلدين من دخول مصادر الطاقة المتجددة لإنتاج الكهرباء وتفعيل التبادل التجاري للطاقة الكهربائية، وكذلك إمكانية استخدام خط الألياف الضوئية المصاحب لخط الربط الكهربائي في تعزيز شبكات الاتصالات ونقل المعلومات بين البلدين والدول العربية والدول المجاورة لها.
كما أشار التقرير إلى خط الربط الكهربائي القائم بين مصر والأردن، والذي تبلغ قدرته 450 ميجاوات، ومن المستهدف زيادة قدرة خط الربط بين البلدين مستقبلاً إلى 2000 ميجاوات، في حين يجري دراسة تزويد العراق بالكهرباء من خلال الربط الثلاثي المصري الأردني العراقي.
وإلى جانب ذلك، تناول التقرير الحديث عن مشروع الربط الكهربائي بين مصر والسعودية الجاري تنفيذه، والذي من المقرر تشغيل المرحلة الأولى منه في 2024 بقدرة تبلغ 1500 ميجاوات.
وعلى صعيد الربط الكهربائي مع دول أوروبا، أشار التقرير إلى احتياجات أوروبا من الطاقة، موضحاً أن 60.7% من الطاقة الإجمالية المتاحة في الاتحاد الأوروبي عام 2019 جاءت من دول خارج الاتحاد، علماً بأنه منذ عام 2013 أصبحت جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبى- 27 دولة- دولاً مستوردة صافية للطاقة.
وفي سياق متصل، أشار التقرير إلى أنه يجري دراسة مشروع الربط الكهربائي بين مصر وقبرص واليونان، والذي يبلغ إجمالي الاستثمارات التقديرية له 3مليارات دولار، بينما يبلغ إجمالي القدرات الكهربائية التي يمكن تبادلها من خلاله 3000 ميجاوات، علماً بأنه تم توقيع مذكرة تفاهم ثلاثية بين مصر واليونان وقبرص في أكتوبر 2021.
وتناول التقرير فوائد مشروع الربط الكهربائي بين مصر وقبرص واليونان، حيث يسهم في تحفيز التعاون الإقليمي وإنشاء شبكة ربط قوية بشرق المتوسط لتحسين أمن واعتمادية الإمداد بالطاقة، والمساعدة عند حدوث الأعطال والانقطاعات والحالات الطارئة على شبكات النقل ورفع درجة تأمين الإمدادات الكهربية، وإتاحة إمكانية الربط الكهربائي مع دول أوروبا بالكامل مما يحول مصر إلى محور رئيسي للطاقة الكهربائية للعالم.
يأتي هذا بينما، رصد التقرير إشادات وتوقعات المؤسسات الدولية لمشروعات الربط الكهربائي، حيث أشادت بلومبرج بتنفيذ مصر عدة مشروعات للربط الكهربائي تسمح من خلالها بإقامة نظام لمشاركة الطاقة مع جيرانها بالمنطقة، على رأس تلك المشروعات ربط شبكة الكهرباء مع المملكة العربية السعودية وقبرص واليونان وباقي الدول الأوروبية.
ومن جانبها أكدت الإيكونوميست أن مشروع الربط الكهربائى بين مصر والسودان سيدعم النمو الاقتصادي والطموحات المصرية في زيادة صادراتها من الطاقة، كما يعزز من العلاقات الثنائية بين الدولتين.
كما أوضحت الإيكونوميست أن الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيسمح بإدارة أكثر كفاءة لإمدادات الطاقة في البلدين مع زيادة قدرة مصر على تطوير مصدر جديد لإيرادات التصدير من خلال بيع الكهرباء.
هذا ورصد التقرير توقعات فيتش بأن تصبح مصر واحدة من أسرع أسواق الطاقة المتجددة غير الكهرومائية نمواً في المنطقة خلال السنوات الـ 10 القادمة، فضلاً عن أن زيادة القدرة على تصدير الكهرباء وإمكانات الطاقة الشمسية الطبيعية وطاقة الرياح ستجذب استثمارات واسعة النطاق طوال العقد المقبل.
وأشادت الوكالة ذاتها بالإصلاحات الاقتصادية التي تم تنفيذها خلال السنوات الأخيرة، حيث أدت إلى تحسين الاستثمارات بقطاع الكهرباء، ما انعكس إيجابياً على النمو السريع بالطاقة الكهربائية والسعي نحو توسيع شبكة خطوط الربط مع منطقة الشرق الأوسط وأوروبا.
وفي نفس السياق، أشار التقرير إلى ما ذكرته مجموعة أكسفورد للأعمال بأن مصر تخطط للحفاظ على فائض بقدرات توليد الطاقة مما يمكنها من زيادة صادراتها للبلدان المجاورة، حيث تم بالفعل إبرام عدة اتفاقات للربط مع المملكة العربية السعودية والسودان وقبرص واليونان.
وبدورها ذكرت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة أن مصر استغلت الفرص التي توفرها موارد الطاقة المتجددة لتحويل استراتيجيتها للطاقة المستدامة 2035 إلى واقع ملموس، كما أشادت بتكريس مصر جهودها لتنفيذ العديد من مشروعات الربط للسماح بتبادل الكهرباء المولدة على المستوى الإقليمي والدولي.