يقدم موقع الحدث الآن رؤية تحليلية لمستجدات الأوضاع الأمنية و الميدانية على الساحة الليبية ، وذلك على النحو التالي :
أولاً : على الصعيد الميداني والأمني :
1 – استمراراً للمتابعة المستمرة لكافة الأوضاع الأمنية والميدانية على الساحة الليبية في ضوء استمرار الاشتباكات المسلحة بين ( قوات الجيش الليبي / الميليشيات المسلحة التابعة لحكومة الوفاق وداعميه من المرتزقة السوريين ) ، فقد تلاحظ تصاعد معدل العمليات العسكرية لقوات الجيش الليبي بقيادة المشير ” حفتر ” في عدد من المحاور المحيطة بالعاصمة طرابلس ، مع استمرار تحقيق بعض النجاحات الميدانية من خلال السيطرة على بعض النقاط في عدد من المحاور وتكبيد الميليشيات المسلحة خسائر ( عسكرية / بشرية ) .
2 – على الرغم من النجاحات الميدانية التي تحققها – نجاحات نسبية – قوات الجيش إلا أن الميليشيات المسلحة حاولت أكثر من مرة مهاجمة مواقع وتمركزات قوات الجيش في عدد من المحاور ، حيث بدأت تلك الميليشيات من الانتقال من مرحلة الدفاع والتصدي لتقدم قوات الجيش إلى مرحلة الهجوم .. وهو ما يشير إلى أن تلك الميليشيات أصبحت حالياً تمتلك قدرات ( عسكرية / بشرية ) تمكنها من مواجهة قوات الجيش ، نتيجة الدعم التركي لها .
3 – بناءً على بعض التصريحات الصادرة عن عدد من القادة العسكريين ، فإن الميليشيات المسلحة المدعومة من المرتزقة الموالين لتركيا والتنظيمات الإرهابية ، تخطط لشن عدد من الهجمات التي تستهدف قوات الجيش في عدد من المناطق المختلفة في محاولة لتشتيت جهود قوات الجيش واختلال توازنها .
4 – لمواجهة الدعم التركي لحكومة الوفاق وميليشياتها المسلحة ، تعمل حالياً قوات الجيش الليبي على اتباع استراتيجية عسكرية تتمحور حول ( استمرار استنزاف القدرات العسكرية ) للميليشيات ، حيث استهدفت قوات الجيش ( طائرات بدون طيار / أنظمة دفاع جوي / رادارات / مدرعات حديثة / مخازن أسلحة ) .. وذلك بناءً على معلومات استخباراتية .. مع استمرار السيطرة بشكل كامل على كافة المنافذ ( الجوية / البحرية ) التي من المتوقع أن تستقبل الدعم العسكري التركي للميليشيات المسلحة في ليبيا ، والتركيز على تكثيف المراقبة الجوية لتلك المنافذ ، حيث تعتبر ( مصراتة / ميناء الخمس / مطار معيتيقة / ميناء طرابلس / مطار زوارة ) البوابة الوحيدة لوصول الدعم العسكري التركي للميليشيات .
5 – فيما يخص ملامح الدعم العسكري التركي للميليشيات المسلحة ، فقد تم رصد الآتي :
أ – وصول نحو (1900) مرتزق موالي لتركيا إلى معسكرات في طرابلس ، بالإضافة إلى (1000) ضابط وفرد تركي ، ليرتفع عدد المجندين المرتزقة الموالين لتركيا في طرابلس إلى (7500) مجند.
ب – مقتل نحو (270) مرتزق سوري في ليبيا وإصابة (470) آخرين .. وقد أعلن الجيش الليبي ارتفاع عدد القتلى من الجنود والضباط الأتراك إلى (16) خلال العمليات التي ينفذها الجيش هناك ضد المرتزقة والقوات التركية .
جـ – عدد الإرهابيين الذين أرسلتهم تركيا من ( جبهة النصرة / تنظيم داعش ) بنحو (2000) إرهابي .
د – شمل الدعم ( أنظمة دفاع جوي / أسلحة حديثة / مدرعات / طائرات بدون طيار ) .
6 – بالرغم من الدعم التركي المتزايد للميليشيات المسلحة لمواجهة قوات الجيش الليبي ، فإن طبيعة الوضع الميداني على أرض الواقع على الساحة الليبية تؤكد أن الرئيس التركي ” أردوجان” فشل في تنفيذ خططه ومؤامراته في فرض سيطرته الاقتصادية والعسكرية على ليبيا ، حيث تتواصل الخسائر في صفوف المرتزقة والجنود الأتراك في ليبيا .
7 – بناءً على الدعوات الدولية لجميع أطراف الصراع في ليبيا من أجل وقف القتال لمواجهة فيروس كورونا ، وتشمل الدعوة وقف نقل جميع المعدات العسكرية والمقاتلين إلى ليبيا لتمكين السلطات المحلية من مواجهة فيروس كورونا .. وفي ضوء اهتمام القيادة العامة لقوات الجيش الليبي بصحة المواطنين ومواجهة فيروس كورونا ، على الرغم من استمرار التهديدات وتزايد أعداد المرتزقة السوريين والعناصر التركية في الأراضي الليبية ، فقد أعلن المتحدث باسم الجيش اللواء ” أحمد المسماري ” – عبر حوار صحفي – أن القوات المسلحة تدرس دعوات دولية وشعبية لوقف فوري للقتال في طرابلس ، وإفساح المجال لمواجهة فيروس كورونا .
8 – على الرغم من الدعوات الدولية لوقف القتال في ليبيا لمواجهة خطر انتشار فيروس كورونا ، إلا أن الجانب التركي يكثف خلال الفترة الحالية من إرسال المزيد من السلاح والعتاد إلى الميليشيات الموالية لحكومة الوفاق ، مستغلة بذلك انشغال العالم بفيروس كورونا .
فيما يخص نشاط تنظيم داعش في جنوب وغرب ليبيا :
يقدر حجم أفراده الحالي بحوالي (700) فرد ، حيث يتجه التنظيم حالياً لحشد عناصره في جنوب مدينة ” سرت ” ، كما توجد خلايا نائمة لتنظيمي داعش والقاعدة بالمدن الليبية (غرباً مصراتة وطرابلس / وسط وجنوب ليبيا جبل الهروج – سبها – أوباري ) .
ثانياً : على الصعيد السياسي :
1 – على الصعيد الداخلي :
أ – استمرار حالة الجمود السياسي بين أطراف الصراع في ليبيا ( حفتر / السراج ) نتيجة تمسكهم بالحل العسكري للأزمة ، حيث ترى القيادة العامة للجيش أنها غير مستعدة لأي حوار قبل القضاء على الميليشيات التي أفسدت الاتفاقيات والتفاهمات السابقة ، في حين تتمسك حكومة الوفاق بضرورة الالتزام بالاتفاق السياسي الليبي كمرجعية سياسية لأي حوار أو اتفاق ، وتشترط الوقف الفوري للتعامل مع كافة المؤسسات الموازية ، وانسحاب قوات الجيش من العاصمة طرابلس .
ب – بناءً على هذا المشهد تعطلت جولات الحوار ( السياسية / العسكرية / الاقتصادية ) والمنبثقة عن مؤتمر برلين بين أطرف الصراع في ليبيا ، نتيجة تمسكهم بمطالبهم وشروطهم ، وهو ما نتج عنه قيام المبعوث الأممي إلى ليبيا ” غسان سلامة ” بتقديم استقالته .
جـ- تكثف أطراف الصراع حالياً تحركاتها الخارجية ، حيث قام ” حفتر ” بزيارة إلى كلاً من ( فرنسا / ألمانيا ) بناءً على دعوة من قيادات تلك الدولتين ، وذلك لمناقشة الملف الليبي ، ونتائج قمة برلين بشأن ليبيا ، التي لم ينتج منها شيء حتى الآن .. في المقابل قام عدد من المسئولين في حكومة الوفاق بعدد من الزيارات شملت كلاً من ( بريطانيا / موريتانيا / جنوب أفريقيا / الجزائر ) ، وذلك في محاولة للحصول على أي دعم سياسي لحكومة الوفاق ، مع محاولة الضغط على المشير ” حفتر ” لوقف العمليات العسكرية في طرابلس .
2 – على الصعيد الخارجي :
أ – استمرار المجتمع الدولي في التأكيد على أن الحوار هو الطريق الوحيد لإيجاد حل سياسي على أساس خطة الأمم المتحدة في ليبيا ، والتأكيد على أنه لا حل عسكرياً للأزمة الليبية ، إضافة لدعوة الأطراف الليبية لوقف الأعمال العسكرية كافة ، لمواجهة فيروس كورونا .
ب – استمرار الصمت الدولي تجاه المخططات والمؤامرات التي ينفذها الرئيس التركي تجاه ليبيا ، من خلال الاستمرار في إرسال المرتزقة السوريين ، بالإضافة إلى المعدات العسكرية لدعم حكومة الوفاق ، حيث يشير هذا الصمت إلى وجود حالة من التخوف الأوروبي تجاه تهديدات ” أردوجان ” بفتح الحدود أمام المهاجرين ، حيث جاء هذا التهديد ارتباطاً بمشاورات أوروبية عن تطبيق خطة لمراقبة قرار تطبيق حظر توريد السلاح إلى أطراف الصراع في ليبيا ، وهو ما يُمثل تهديداً صريحاً لخطط ” أردوجان ” في ليبيا .
ثالثاً : الخلاصــــة :
1 – نجاح الجيش الليبي خلال العام الجاري في تعزيز نفوذه وشرعيته عبر تحقيق نجاحات على محاور العاصمة طرابلس بعد تحقيق السيطرة الميدانية على أكثر من (90%) من الأراضي الليبية ، إلى جانب نجاح الجيش في تحقيق التفوق الجوي والسيطرة بشكل كامل على الأجواء الليبية ، بما يعكس تصاعد القدرات العسكرية للجيش الليبي .. سياسياً نجاح الجيش أيضاً في تسويق نفسه باعتباره الطرف الأقوى في الداخل الليبي ، وهو ما عزز من موقفه أمام المجتمع الدولي .
2 – طبيعة الصراع الدائر في ليبيا حالياً يتمثل في وجود جيش وطني يحظى بقبول على المستويين الإقليمي والدولي إلى جانب سيطرته على أغلب عناصر القوة الفاعلة في الداخل الليبي انطلاقاً من تمركزه في أغلب الأراضي الليبية وتحقيقه الغلبة الجوية وتفوقه التسليحي والبشري ، وفي المقابل هناك ميليشيات مسلحة أغلب قوامها من العناصر الإرهابية تابعة لحكومة ” السراج ” ، تعتمد على الدعم العسكري من ( تركيا / قطر ) .
3 – حسم دخول الجيش إلى قلب طرابلس والسيطرة عليها سيتم بالفعل ، ولكن سيستغرق بعض الوقت ، لكن ذلك يتوقف بشكل أساسي على العوامل التالية ( مساندة المجتمع الدولي لجهود الجيش في القضاء على الميليشيات المسلحة الموجودة في طرابلس / رفع حظر السلاح المفروض على ليبيا ، وهو ما طالب به الرئيس السيسي أكثر من مرة / نجاح الجيش في منع تركيا من إمداد ميليشيات الوفاق بالأسلحة أو المقاتلين من أجل منع سقوط العاصمة ) .
4 – في ضوء الوضع الميداني الحالي على الساحة الليبية واستمرار تفوق الجيش الليبي ، فإن تركيا ستعمل خلال الفترة المُقبلة على تكثيف الدعم العسكري للميليشيات المسلحة بكافة الأسلحة الحديثة والمتطورة ( قوات عسكرية / أنظمة دفاع جوي / رادارات / معدات وخبراء / بوارج من السلاح البحري ) في محاولة لصد قوات الجيش ومنعها من السيطرة على العاصمة طرابلس .
5 – من المحتمل أن تشهد الأوضاع الأمنية في ليبيا خلال الأيام المُقبلة تصاعد في معدل العمليات العسكرية بين أطراف الصراع وذلك في ضوء فشل جولات الحوار ( السياسية / العسكرية ) ، حيث بدأت أطراف الصراع في حشد عناصرها ودعم صفوفها .