طلب رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية سعد الحريري، دعمًا ماليًا للبنان من دول أجنبية وعربية عدة لتأمين المواد الأساسية الغذائية والأولية ومعالجة النقص في السيولة في بلد يشهد أزمة اقتصادية خانقة.
ويواجه لبنان انهيارًا اقتصاديًا مرشحًا للتفاقم مع ارتفاع مستمر في أسعار المواد الأساسية التي بات استيرادها صعبًا، بعدما أصبح الحصول على الدولار مهمة شبه مستحيلة.
تزامن ذلك مع عجز القوى السياسية عن تشكيل حكومة، بعد أكثر من شهر من استقالة الحريري تحت ضغط حراك شعبي مستمر منذ 17 أكتوبر مطالبًا برحيل الطبقة السياسية مجتمعة، والتي يتهمها المتظاهرون بالفساد، ويحمّلونها مسؤولية التدهور الاقتصادي.
وأعلن الحريري في بيان أنه “في إطار الجهود التي يبذلها لمعالجة النقص في السيولة، وتأمين مستلزمات الاستيراد الأساسية للمواطنين”، توجّه إلى كل من السعودية وفرنسا وروسيا ومصر وتركيا والصين وإيطاليا والولايات المتحدة “طالبًا مساعدة لبنان بتأمين اعتمادات للاستيراد من هذه الدول، بما يؤمن استمرارية الأمن الغذائي والمواد الأولية للإنتاج لمختلف القطاعات”.
تشهد البلاد أزمة سيولة، بدأت معالمها منذ أشهر، مع تحديد المصارف سقفًا للحصول على الدولار، خفّضته تدريجيًا بشكل حاد، ما تسبب بارتفاع سعر صرف الليرة الذي كان مثبتًا على 1507 ليرات مقابل الدولار منذ أكثر من عقدين، إلى أكثر من ألفين في السوق الموازية.
وباتت قطاعات عدة تواجه صعوبات في استيراد مواد أساسية من الخارج نتيجة الشح في الدولار ومنع التحويلات بالعملة الخضراء إلى الخارج. لاحظ اللبنانيون انقطاع عدد من الأدوية وارتفاعًا كبيرًا في أسعار المواد الغذائية، مقابل تقلّص كبير في قدرتهم الشرائية.
طالبت وزارة الصحة مصرف لبنان بالتدخل لتوفير المبالغ الضرورية اللازمة بالدولار لتسهيل استيراد المعدات الطبية. وأصدر المصرف المركزي في بداية أكتوبر تعميمًا لتسهيل الحصول على الدولار لمستوردي الوقود والقمح والأدوية، إلا أن الأزمة تفاقمت أكثر تدريجيًا مع تشديد المصارف إجراءات سحب الدولار.
وتعدّ الأزمة الراهنة وليدة سنوات من النمو المتباطئ، مع عجز الدولة عن إجراء إصلاحات بنيوية، وتراجع حجم الاستثمارات الخارجية، عدا عن تداعيات الانقسام السياسي الذي فاقمه النزاع في سوريا على اقتصاد يعتمد أساسًا على الخدمات والسياحة.
يبلغ الدين العام في لبنان 86 مليار دولار، ما يعادل 150 في المئة من إجمالي الناتج المحلي. وكان لبنان ينتظر الحصول على 11.6 مليار دولار كهبات وقروض أقرّها مؤتمر “سيدر” في باريس عام 2018، مقابل إصلاحات هيكلية وخفض عجز الموازنة، لكن الانقسام إزاء تطبيق هذه المشاريع والخلاف على الحصص والتعيينات، حال دون وفاء الحكومة بالتزاماتها.
يعيش ثلث اللبنانيين تحت خط الفقر، بينما يبلغ معدل البطالة ثلاثين في المئة في صفوف الشباب. ويهدد الانهيار الاقتصادي الحالي بارتفاع هذين المعدلين، وفق البنك الدولي، في غياب حكومة. ويجد الآلاف من اللبنانيين أنفسهم مهددين بخسارة وظائفهم أو تم أساسًا الاقتطاع من رواتبهم.