خطوة جديدة اتخذها رئيس الصين مع نظيره الأوكراني، اليوم الأربعاء، أملًا في إخماد نيران الحرب المشتعلة بين روسيا وأوكرانيا منذ أكثر من عام، بعدما عبرت الصين عن رغبتها في القيام بدور وسيط سلام في الحرب الروسية الأوكرانية، كما أعلنت الحكومة الصينية أنها سترسل وفدًا إلى أوكرانيا بهدف البحث عن تسوية “سياسية” للنزاع.
اتصال هاتفي مدته ساعة، يعد الأول من نوعه، أجراه اليوم الرئيس الصيني شي جين بينج مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، قال عنه الأخير إنه دافع قوي في تنمية العلاقات الثنائية بين كييف وبكين، مقررًا تعيين وزير سابق سفيرًا لدى الصين، بعد المحادثة الهاتفية، حيث صدر مرسوم عن الرئاسة الأوكرانية بأن زيلينسكي عين وزير الصناعات الاستراتيجية السابق بافلو ريابيكين (57 عامًا) سفيرًا لأوكرانيا في الصين، بعد أن كان هذا المنصب شاغرًا منذ فبراير 2021.
تساؤلات حول مستقبل الأزمة
وفرضت تلك الخطوات التي اتخذها الرئيس الصيني ونظيره الأوكراني العديد من الأسئلة حول تداعيات تعيين بافلو ريابيكين سفيرا لأوكرانيا في الصين، وكذلك المكالمة التي أجراها الطرفان وإرسال وفد صيني لأوكرانيا على مسار الحرب الروسية الأوكرانية ومستقبلها وإمكانية رؤية نتائج فعلية بعد أكثر من عام على الحرب التي راح ضحيتها الآلاف، وتسببت في أزمة اقتصادية كبرى علي العالم برمته وكذلك تهجير المواطنين وكوارث أخرى لا حصر لها.
الصين رقم صعب في معادلة السلام
ردًا على تلك التساؤلات قالت الدكتورة نادية حلمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة بني سويف الخبيرة المصرية فى الشؤون السياسية الصينية والآسيوية، في تصريحات خاصة لـ “فيتو ”: إن الصين تحاول الدخول على خط الوساطة الأوكرانية بتعيين مبعوث صينى للسلام فى أوكرانيا، فضلًا عن الاتصال الأول من نوعه بين الرئيس الصينى “شى جين بينج” ونظيره الأوكرانى “زيلينسكى”، يأتي محاولة من الصين لتقديم نفسها بوصفها قوة عالمية مسؤولة وراعية للسلام على المسرح الدولى، فضلًا عن تحولها لرقم صعب في معادلة السلام المستقبلية في أوكرانيا.
وأشارت إلى أن تحركات الرئيس الصينى “شى جين بينج” الدبلوماسية فى أوروبا أتت كجزء من تقديم الصين لنفسها كراعية للسلام عالميًّا.
وأوضحت أستاذ العلوم السياسية: سبقت تحركات الرئيس “شى” لأوروبا مبادرة السلام المقترحة لبكين بشأن حل الأزمة الأوكرانية الروسية فى فبراير 2023، والتى تتكون من 12 بندًا لوقف الحرب بين روسيا وأوكرانيا، مع اتهام الأمين العام لحلف الناتو “بينس ستولتنبرغ” لبكين، بأنها تفتقر إلى المصداقية لطرح أى مقترحات بعد فشلها فى إدانة روسيا.
دعم خطة السلام بين روسيا وأوكرانيا
وتتمثل رؤية الصين والرئيس الصينى “شى جين بينج” فى دعم خطة السلام بين روسيا وأوكرانيا عبر الحل الدبلوماسى، وتوقف الغرب عن تصدير الأسلحة بشكل غير مشروط لأوكرانيا، من خلال الضغط الصينى بإتجاه توقف الولايات المتحدة الأمريكية والغرب عن إشعال التوترات بين طرفى الصراع، وهو انتقاد صينى مبطن وغير مباشر للولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها.
وتأتى تحفظات أوكرانيا ودول الاتحاد الأوروبى على خطة بكين للسلام بشأن أوكرانيا بسبب عدم دعوة بكين لانسحاب القوات الروسية من الأراضى التى ضمتها منذ بدء الحرب فى أوكرانيا.
الصين بدورها تحاول استهداف دعم دول العالم الثالث لها فى مبادرتها للسلام بشأن أوكرانيا، من خلال دعوتها للحفاظ على تصدير الحبوب عبر البحر الأسود، وتسويق المبادرة الصينية بشأن الأمن الغذائى العالمى.
من هنا أتت زيارة الرئيس الصينى “شى جين بينج” لعدة دول أوروبية، كجزء من جهود الوساطة الصينية للأزمة فى أوكرانيا كمحور رئيسى للمباحثات، مع الرهان الصينى على تحقيق بعض المكاسب من خلال الدخول فى جهود الوساطة لحل الأزمة بين روسيا وأوكرانيا، بسعى الصين إلى إنجاحها، ومنها: منافسة واشنطن فى الملعب الدولى، وتحقيق بعض المكاسب الأخرى الهامة بالنسبة لبكين، مثل: التصدي الصينى للعقوبات الأمريكية والأوروبية على روسيا والضارة بالمصالح الصينية، وتعزيز التعاون أكثر مع روسيا، وكسر الهيمنة الأوروبية والغربية على كييف.
بكين تجني المكاسب
وبدأت الصين فعليًا فى جنى بعض المكاسب الجديدة داخل معترك السياسة العالمية عبر وساطتها لحل الأزمة مع أوكرانيا، أهمها تقديم بكين لنفسها كراعى للسلام عالميًا واستبدال الدور الأمريكى وإنهاء هيمنة واشنطن عالميًا، وهو ما اتضح فعليًا من خلال السعى الصينى عبر الرئيس “شى جين بينج” لإبرام مصالحة بين روسيا وأوكرانيا، فى الوقت الذى تنحاز واشنطن لأوكرانيا وتدعمها بالمال والسلاح بشكل صريح ضد موسكو.
الخارجية الروسية أظهرت ترحيبها بالمبادرة الصينية للسلام مع أوكرانيا، مع انفتاحها على المباحثات مع أوكرانيا، لكنها اشترطت ذلك بالاعتراف بالحقائق الجديدة على الأرض هناك، أى بضم روسيا للمناطق الأوكرانية الأربع التى استحوذت عليها القوات الروسية داخل الأراضى الأوكرانية. وهو ما يرفضه الأوكرانيين والغرب.