تحقيقات و تقاريرعاجل

الرئيس الأمريكي ” ترامب ” يتجه لخفض قيمة الدولار أمام العملات الأخرى لتشجيع الصادرات الأمريكية

1 – يتجه الرئيس الأمريكي ” دونالد ترامب ” نحو تبني رؤية اقتصادية تشجع علي خفض سعر صرف الدولار من أجل إعطاء دفعة تنافسية للصادرات الأمريكية ، وقد ظهرت تلك الرؤية في تصريحات ” ترامب ” وفريقه الاقتصادي ،حيث صرح ” ترامب ” – في حوار مع صحيفة وول ستريت جورنال في (17) يناير الماضي – قائلاً ( إن عملتنا قوية جدا وهذا يقتلنا ) ، وسجل الدولار انخفاضاً بعد ذلك الحوار ، كما  اتهم ” ترامب ” القوي الاقتصادية المنافسة بإضعاف الميزات التنافسية لمنتجات الولايات المتحدة ، مهدداً بإتخاذ إجراءات جمركية ضد ( الصين / اليابان / منطقة اليورو ) مالم تتخلي عن سياساتها للتدخل في أسعار الصرف ، وهو ما يلوح في الأفق بالدخول في ( حرب عملات ) ، حيث تعد الصين المتهم الأول في حرب العملات ، فعندما تباطيء  نمو الاقتصاد الصيني ، كان ( اليوان ) قد اكتسب قوة ، ولم يكن أمام البنك المركزي الصيني من خيارات سريعة لدفع النمو إلا التركيز علي الصادرات ، وعندها قام البنك بإضعاف ( اليوان ) لتشجيع الصادرات .

2 – يوجد لدي البنوك المركزية الكبرى في العالم أدوات لإدارة حرب العملات ، أولها : تصريحات صناع السياسة النقدية ، حيث يدلي مسئولو البنوك المركزية بتصريحات لا تشجع علي توقعات إيجابية مما يدفع المستثمرين إلي موجة بيع تضغط علي قيمة العملة ، ثانياً : التدخل المباشر ، ويتم عن طريق ضخ مبالغ ضخمة من العملة المحلية في سوق الصرف  ، ثالثاً : تحريك معدل الفائدة وذلك عبر خفضه ما يجعل العملة رخيصة ولا تعطي للمستثمرين ميزة حيازة أصول ذات قيمة أعلي ، رابعاً : التيسير الكمي ، وهي أداه تقوم البنوك المركزية من خلالها بشراء السندات والديون  الحكومية وأصول أخري مقابل ضخ السيولة في السوق .

3 تداعيات حرب العملات :

أ – تتزايد مخاطر الاستثمار في سوق المال ، إذ يؤدي القلق من احتمال تراجع قيمة العملات إلي الإحجام عن دخول الكثير إلي الأسواق المعرضة لحرب العملات  .

ب- تدهور سوق الديون ، حيث يسبب التقلب في أسعار  العملات تراجع النشاط خوفاً من تداعي قيمة الحيازات .

جـ- تآكل الاحتياطي النقدي في الدول ويحدث هذا في حال تدهور سعر الصرف .

د – تفاقم الاضطرابات في قطاع المصارف ، فعندما تتعرض أصول البنوك في الأسواق الأكثر تضرراً من حرب العملات ، قد ينتج عن ذلك انهيار أكبر مثل إفلاس بنك ، ويلي ذلك انتقال العدوي لكامل النظام المصرفي .

4 – تعد أسباب ” ترامب ” في عدم رغبته في عملة أمريكية قوية ، أنه يدين بفوزه للعاملين في المصانع في ولايات ( ميتشجان / ويسكونسن / أوهايو / بنسلفانيا ) الذين صدقوا وعوده بإعادة المصانع التي خرجت من البلاد إلى الولايات المتحدة وزيادة التوظيف في القطاع الصناعي ، ولكي يحقق ” ترامب ” الهدف الذي أعلنه بأن يرفع نسبة مساهمة الإنتاج الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي من (12 : 20) في المائة ، هو أنه يجب أن يحافظ على سعر الدولار في مستوى لا يجعله يخفض من القوة التنافسية للشركات الأمريكية في مواجهة نظيراتها الأجنبية .

5 – وقد بدأت سياسات ” ترامب ” المثيرة للجدل في التقليل من قيمة الدولار ، حيث أثرت القرارات التي اتخذها منذ انتخابه رئيساً على سعر الدولار وبدأت المؤسسات المالية الهامة في التخلي عن احتياطياتها من العملة الأمريكية ، وذكر بنك ( جيه بي مورغن تشيس ) – البنك الأكبر في الولايات المتحدة – في مذكرة استثمارية أرسلها إلى عملائه مؤخراً ، إن الثقة في الدولار تتآكل بفعل السياسات غير المتزنة للبيت الأبيض ، وأعلن عن تحويل جزء من احتياطياته بالدولار إلى ( الين الياباني / الفرنك السويسري ) .

6 – من أهم القرارات التي اتخذها ” ترامب ” وجعلت المستثمرين يعيدون النظر في توقعاتهم من إدارته ، الأمر التنفيذي الذي اتخذه بفرض حظر مؤقت على دخول مواطني (7 ) دول ذات غالبية مسلمة إلى الولايات المتحدة ، ومن القرارات الأخرى التي سببت حالة من الإرباك وعدم اليقين في الأسواق ، الانسحاب من اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ ، ورغبته في إعادة التفاوض حول اتفاقية التجارة الحرة لدول أمريكا الشمالية ، التي تضم ( المكسيك / كندا )  وكذلك الخطوات التي يتخذها من أجل إلغاء اللوائح التنظيمية التي فرضت بعد الأزمة المالية العالمية في عام  2008.. وفي حال استمرار حالة عدم اليقين والإرباك في الأسواق ، سيؤدي ذلك بالإضافة إلى موقف ” ترامب ” المعارض للدولار القوي ، إلى استمرار انخفاض سعر الدولار خلال الأيام المقبلة .

7 – كان الدولار قد سجل ارتفاعا كبيرا مقابل سلة العملات العالمية بعد فوز ” ترامب ” في الانتخابات الرئاسية التي أجـريت في نوفمبر المـاضي ، ووصل الارتفـاع بعد ذلك في منتصف ديسمبر الماضي إلى أعلى له سعر منذ نحو (14) عاما  ،  ومن بين العوامل الرئيسية التي دفعت المستثمرين إلى التوجه إلى الدولار في تلك الفترة، توقعات تسارع وتيرة النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة نتيجة التخفيضات الضريبية الواسعة التي يدعو إليها ” ترامب ” وكذلك برامج الاستثمار في البنية التحتية ، إلا أن ذلك الارتفاع لم يستمر طويلا ، حيث أخذت قيمة الدولار في الانخفاض شيئا فشيئا حتى وصل في نهاية يناير الماضي إلى أدنى مستوى له منذ (10) أعوام ، وقد لعبت تصريحات ” ترامب ” وأعضاء فريقه الاقتصادي حول اعتقادهم بأن قيمة الدولار الحالية مرتفعة للغاية دورا كبيرا في ذلك الانخفاض .

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى