الأسرة والحياة الزوجية التي يبحث عنها كل إنسان، هي السكينة التي تظلل هذه الخلية الناشئة، وهذه الرحمة التي تغمر قلبي طرفيها، هذه المعاني كلها تجعل الرجل يندفع للارتباط بأنثاه، مضحيًا من أجلها بماله، ومغيرًا طريق حياته، مستبدلًا روابطه السابقة بروابط أخرى.. وهي التي تجعل المرأة تقبل الانفصال عن أهلها ذوي الغيرة عليها، وتترك أبويها وإخوتها وسائر أهلها لترتبط بالزواج برجل غريب عنها، تقاسمه السرّاء والضرّاء، وتسكن إليه ويسكن إليها، ويكون بينهما من المودة والرحمة أقوى من كل ما يكون بين ذوي القربى، وما ذلك إلّا لثقتها بأن صلتها به ستكون أقوى من أيِّ صلة، وعيشتها معه أهنأ وأحسن من كل عيشة، وهذا ميثاق فطري من أغلظ المواثيق وأشدها إحكامًا.
وتحت هاش تاج #وعاشروهن_بالمعروف قامت صفحة دار الإفتاء المصرية المقاصد من الزواج حيث شرعه الإسلام لتكون الأسرة وعاءً شرعيًّا نظيفًا لاستقبال هذه الطاقة الجنسية وتوظيفها في المحل الصحيح.
من أهم المقاصد التي أرادها الإسلام من تكوين الأسرة: تنظيم الطاقة الجنسية، هذه الطاقة خُلقت في الإنسان سواء أكان ذكرًا أم أنثى لتحقيق غاية جليلة، وهي التناسل والتوالد والتكاثر بغرض استمرار الجنس البشري؛ لتتحقق العمارة التي أرادها الله تعالى للأرض.
لولا الزواج الذي هو تنظيم لتلك الفطرة المشتركة بين الإنسان والحيوان لتساوى الإنسان مع غيره من أنواع الحيوان في سبيل تلبية هذه الفطرة عن طريق الفوضى والشيوع، وعندئذٍ لن يكون هو الإنسان الذي كرَّمه ربه ونفخ فيه من روحه، ثم منحه العقل والتفكير، وفضَّله على كثير من خلقه مصداقًا لقوله تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا}.
إن الإسلام لا ينظر إلى طاقة الشهوة الجنسية كمجرد أمر واقع، ولكنه يعاملها بالتقدير باعتبارها وسيلة لغاية جليلة، وقد قال- صلى الله عليه وآله وسلم-: “إن في بضع أحدكم صدقة”؛ أي: إن الرجل يثاب على العمل الجنسي الذي يأتيه مع زوجته، قيل يا رسول الله: أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: “أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر. .”.