وكالات
قال السفير القطري لدى تركيا سالم آل شافي، إن “الإمارات دعمت الثورات المضادة في العالم العربي بهدف استعادة أنظمة ديكتاتورية، على اعتبار أن من شأن هذه الأنظمة أن توقف مد الثورات”.
ونفى السفير إنفاق بلاده “الملايين على دعم المتطرفين في المنطقة”، مشيرًا إلى أن هذه “ادّعاءات غير صحيحة”، مؤكدا أن قطر تعمل “كل ما من شأنه أن يساعد على تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة وبما لا يتعارض مع تطلعات الشعوب”.
جاء ذلك في بيان للسفير القطري ردا على ما جاء على لسان وزير الدولة للشئون الخارجية في الإمارات أنور قرقاش، خلال مقابلة مع صحيفة “جمهوريات” التركية، نشرتها في السابع من الشهر الجاري.
وقال السفير إن قرقاش تطرق في مواضيع مختلفة من المقابلة إلى قطر بشكل مباشر عبر “اختلاق الكثير من الادعاءات غير الصحيحة والأكاذيب”.
وأشار “آل شافي” إلى أنه بخصوص “ادعاءات” قرقاش المتعلقة بالأزمة الخليجية، فإن دور الإمارات “في افتعال الأزمة مع قطر أصبح واضحًا للجميع”.
وأضاف: “لقد أكّدت تحقيقاتنا التقنيّة والقانونية التي أجريناها بالتعاون مع أجهزة دولية مثل مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي (إف بي آي)، ووكالة الجريمة القومية البريطانية، هذا الأمر بشكل قاطع (في إشارة على ما يبدو إلى اختراق موقع وكالة الأنباء القطرية)، نقوم الآن بمتابعة الإجراءات القانونية ضد الإمارات فيما يتعلق بهذا الجرم”.
وتابع الدبلوماسي القطري أن “الإمارات وباقي دول الحصار رفضت منذ البداية أيضًا أي وساطة خارجية، وعبّرت عن ذلك من خلال تصريحات رسمية، لذلك فإن الإدعاء بأنّ موقف تركيا حرمها من الوساطة هو أمر غير صحيح”.
وكان قرقاش دعا تركيا إلى “البقاء على الحياد” حيال الأزمة الخليجية، وقال إنها “تحركت مبكرا” فيما يخص أزمة بلاده مع قطر.
وتابع السفير: “المجتمع الدولي، ومعظم دول العالم بما في ذلك الدول الكبرى الرئيسية (الولايات المتّحدة، ألمانيا، فرنسا، بريطانيا، روسيا…الخ) كلها رفضّت مزاعم وإجراءات الإمارات غير القانونية ضد دولة قطر، لقد تصرفنا بهدوء كدولة مسئولة ولم نتخذ إجراءات انتقامية كما فعلوا هم، ولو قمنا بايقاف صادراتنا من الغاز إلى دبي مثلا والتي تغطي نحو 40% من احتياجاتها لانهارت على الفور”.
وقال: “نأمل أن يعودوا إلى رشدهم (دول المقاطعة)، ونؤمن بأنّهم سيضطرون في نهاية المطاف إلى الجلوس على طاولة المفاوضات والحوار”.
وبخصوص ما وصفه سفير الدوحة بـ”الادعاءات عن علاقة قطر بالإرهاب والجماعات المتطرفة”، قال: “دولة الإمارات ليست الجهة المؤهّلة أو المخوّلة للقول إن هذه الدولة أو تلك ملتزمة بمحاربة الإرهاب أو غير ملتزمة، هناك مجتمع دولي ومؤسسات دولية ومنظمات معنيّة مباشرة بهذا الأمر”.
وشدد السفير على أن بلاده ملتزمة “بمكافحة الإرهاب والجماعات الإرهابية التي قامت الأمم المتحدة بتصنيفها استنادًا إلى قرارات أممية.. من المعروف أن بعض الدول وعلى رأسها الإمارات تقوم بتأليف قوائم بناءً على دوافع سياسية متعلقة بها، أو خوفًا من تغييرات تطال نظامها السياسي بسبب حالات الكبت والقمع وغياب الحريات، ومثل هذه القوائم لا تلزم أحدًا”.
وأكد “آل شافي” أن بلاده عضو فاعل سياسيا وماليا وعسكريا في كل المنصات المتعلقة بمكافحة الإرهاب، وكذلك الأمر في التحالف الدولي لمكافحة “داعش”، كما تستضيف أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط (قاعدة العديد) لمكافحة الإرهاب وتضم نحو 10 آلاف جندي أمريكي.
وقال: “نحن واثقون أن مزاعم الإمارات غير صحيحة، بالرغم من ذلك، فقد قمنا إلى جانب الكويت والولايات المتحدة وتركيا وعدد كبير من دول العالم بمطالبتها هي وباقي دول الحصار بشكل رسمي بتقديم دليل واحد فقط على دعم دولة قطر للإرهاب، لم يقدموا أي دليل على الإطلاق”.
وعن القاعدة العسكرية التركية في الدوحة، أشار السفير القطري إلى أن “الوزير الإماراتي قال للصحيفة إنّ انزعاجهم من موضوع القاعدة العسكرية التركية في الدوحة يتعلّق بتوقيت نشر القوات فقط، هذا ادعاء مخالف للحقيقة، لأنّ المطلب رقم 2 في ورقة الـ13 نقطة التي قدموها إلى قطر تطالب الدوحة بإغلاق القاعدة فورًا، وتطالبها أيضًا بوقف أي تعاون عسكري مع تركيا”.
ولفت الدبلوماسي القطري إلى أنه “من المثير للسخرية والاستغراب معًا، أنّ تطالب دولة الإمارات التي تضم على أراضيها قواعد عسكرية أجنبية لعدة دول، بإغلاق القاعدة العسكرية التركية في الدوحة وقطع العلاقات الدفاعية بين قطر وتركيا إلا إذا كانت لدى الإمارات والدول المتحالفة معها نوايا عدوانية مبيتة أو مخطط لتدخل عسكري”.
وحول ما وصفه السفير بـ”الادعاءات حول علاقة قطر بطالبان والقاعدة والمجموعات الراديكالية”، قال “آل شافي”: “لقد نسي السيد قرقاش على ما يبدو أن يقول لكم بأنّ دولة الإمارات هي واحدة من بين ثلاث دول فقط في العالم اعترفت بحكومة طالبان في أفغانستان، ولم تكن قطر من بين هذه الدول”.
وتابع: “في موضوع طالبان، طلبت الولايات المتّحدة منّا المساعدة، وقد رحّبنا بذلك، وكما كشفت التسريبات عن بريد السفير الإماراتي في واشنطن يوسف العتيبة، فإن الإمارات حاولت التنافس معنا على فتح مكتب لطالبان، وعندما فشلت في ذلك بدأت تلفّق الأكاذيب والادعاءات وتتّهم قطر بدعم الإرهاب والتطرف”.
وقال قرقاش خلال المقابلة إن قطر تربطها علاقات بحركتي طالبان والقاعدة والمجموعات الراديكالية.
وفيما يتعلق بالعلاقة بين قطر وحماس، قال السفير إن “القيادات الأساسية لحماس موجودة في داخل فلسطين وليس بالخارج، لقد طلبت العديد من الدول في السابق مساعدتنا لإقناع حماس بالمشاركة في الانتخابات الفلسطينية لكي يتم إعطاء الانتخابات الشرعيّة اللازمة، وعندما فازت بأغلبية الأصوات بدءوا يتهمونها بالإرهاب والتطرف”.
وأضاف: “هناك بعض الأنظمة السياسية في المنطقة (لم يحددها) تعاني من مشكلات في شرعيتها الداخلية، لذلك فهي تحاول أن تحمي نفسها من خلال علاقات قوية مع إسرائيل على حساب الشعب الفلسطيني، وتحقيق هذه المعادلة يتم من خلال مهاجمة تيارات سياسية معيّنة بدعوى أنها متطرفة كالموقف من حماس على سبيل المثال”.
وفي قضية أخرى، قال الدبلوماسي القطري: “ادعى الوزير الإماراتي أن قطر تنفق الملايين على دعم الإسلاميين والمتطرفين في المنطقة، هذه ادّعاءات غير صحيحة، نحن نعمل كل ما من شأنه أن يساعد على تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة وبما لا يتعارض مع تطلعات الشعوب”.
واستدرك: “أما دور الإمارات فهو يساهم للأسف وفق التقارير الموثّقة للأمم المتحدة والمنظمات الدولية في تقويض الأمن والاستقرار في عدد كبير من الدول، عبر خرقها المتكرر للقرارات الدولية الملزمة”.
وبخصوص دور قطر في الثورات العربية، قال سفير الدوحة إن “الادعاءات التي تقول إن قطر وضعت الإسلاميين في قيادة الثورات العربية هو إدعاء سخيف ويقلل من أهمية ودور الشعوب العربية”.
وأضاف: “المشكلة في هذا السياق أن هناك بعض الدول العربية تخاف من أن تصلها موجة الثورات الشعبية، وبدلا من أن تقوم بإصلاح أنظمتها والاستجابة إلى تطلعات شعوبها وتنفيذ سياسة تنسجم مع إرادة الشعب، تلقى باللوم على قطر وعلى ما يسمى الإسلام السياسي”.
وتابع “آل شافي”: “لقد قامت الإمارات بدعم الثورات المضادة في العالم العربي بهدف استعادة أنظمة ديكتاتورية وأنظمة عسكرية وأنظمة رجعيّة فاسدة على اعتبار أنّ من شأن هذه الأنظمة أن توقف مد الثورات”.
وواصل حديثه في هذا الصدد قائلا: “لذلك دفعت الإمارات وعدد من حلفائها نحو 40 مليار دولار لتثبيت الانقلاب العسكري الذي جرى في مصر فقط دون أن نتحدث عما أنفقته في دول أخرى”.
وأردف: “نحن نقول إنّ هذه الدول ما لم تعي الدرس بشكل جيد، وتتخلى عن مثل هذه السياسات التخريبية، فإن إلقاء اللوم على قطر والمطالبة بإغلاق الجزيرة أو استخدام مصطلحات براقة كمكافحة الإرهاب، ومهاجمة المعتدلين بحجة التطرف لكسب استعطاف الغرب، لن ينفع في حمايتهم من الشعوب طال الزمن أو قصر”.
وعن علاقة قطر بإيران، أشار السفير إلى أن “الوزير الإماراتي قال للصحيفة إن إيران ليست السبب الرئيسي للأزمة مع قطر، والحقيقة هي أنّه عندما اندلعت الأزمة، شنت الإمارات حملة علينا قالوا فيها إن السبب الأساسي للأزمة هو علاقة قطر مع إيران، لكن عندما تبين أن مستوى علاقات دولة قطر مع إيران هو الأقل في مجلس التعاون الخليجي وأنّ الإمارات تتمتّع بأكبر علاقات مع طهران بدءوا يتنصّلون من هذا الأمر”.
جدير بالذكر أن كل من السعودية ومصر والإمارات والبحرين قطعت علاقاتها مع قطر بدعوى “دعمها للإرهاب”، وهو ما نفته الدوحة، معتبرة أنها تواجه “حملة افتراءات وأكاذيب”.
وفرضت تلك الدول عقوبات اقتصادية شملت إغلاق مجالها الجوي أمام الطيران القطري والحدود البحرية والجوية.