السيسي لتواضروس: أجهزة الدولة لن تهدأ قبل معاقبة مرتكبي هجوم المنيا
أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في اتصال هاتفي مع بطريرك الأقباط الأرثوذكس تواضروس الثاني، أن أجهزة الدولة «لن تهدأ قبل أن ينال المسؤولون عن اعتداء المنيا جزاءهم على هذه الجريمة».
وقَدَّم السيسي التعازي للبابا تواضروس الثاني في ضحايا الاعتداء الذي وقع صباح أمس الجمعة في محافظة المنيا (وسط)، وأوقع 29 قتيلاً.
وأكد الرئيس المصري لبابا الأقباط أن «أجهزة الدولة لن تهدأ قبل أن ينال المسؤولون جزاءهم الذي يستحقونه على هذه الجريمة الخسيسة»، بحسب بيان نشرته الرئاسة المصرية ليل الجمعة – السبت.
وكان السيسي أعلن مساء الجمعة توجيه ضربة جوية لأحد معسكرات تدريب متشددين في ليبيا.
وأكدت وزارة الدفاع المصرية أن الضربة استهدفت «تجمعات من العناصر الإرهابية بالأراضي الليبية بعد التأكد من اشتراكهم في تخطيط وتنفيذ اعتداء المنيا».
وجاء اتصال السيسي بالبابا تواضروس الثاني بعد ساعات من مطالبة الكنيسة القبطية في بيان السلطات بـ«اتخاذ الإجراءات اللازمة لتفادي خطر هذه الحوادث التي تشوه صورة مصر وتتسبب في آلام العديد من المصريين».
وحَيَّت الصحف المصرية السبت الضربة الجوية في ليبيا. وعنونت صحيفة «أخبار اليوم» الحكومية «أخذنا بالثأر»، بينما قالت «صحيفة المصري» الخاصة، اليوم: «نسور مصر يثأرون لشهداء المنيا».
وكتبت صحيفة «الوطن» الخاصة: «مصر تنتقم لشهدائها بتدمير معسكر للإرهابيين في ليبيا».
وأعلنت قوات شرق ليبيا أنها شاركت في الغارات الجوية التي شنتها القوات الجوية المصرية في مدينة درنة الليبية.
وقال المكتب الإعلامي للقوات الجوية لشرق ليبيا في بيان إن الغارات استهدفت قوات مرتبطة بـ«القاعدة» في عدد من المواقع وستعقبها عملية برية.
وقال أحد المقيمين في درنة لـ«رويترز» إنه سمع دَوِيّ أربعة انفجارات قوية، وإن الهجمات استهدفت معسكرات تقع حول درنة يستخدمها مقاتلون ينتمون لجماعة مجلس شورى المجاهدين.
ولم تعلن أي جهة حتى الآن مسؤوليتها عن الهجوم الذي وقع قبل يوم من بدء شهر رمضان. لكنه يأتي بعد سلسلة تفجيرات استهدفت كنائس، وأعلن تنظيم «داعش» الإرهابي مسؤوليته عنها ضمن حملة عنف ضد الأقباط.
وفي قرية قريبة تجمع الآلاف فيما بعد لحضور قداس جنائزي تحول إلى احتجاج غاضب ضد تقاعس السلطات عن حماية المسيحيين.
وهتف المشيِّعون أثناء سيرهم وهم يحملون صليباً خشبياً ضخماً: «يا نجيب حقهم يا نموت زيهم».
وقال شهود إن ملثمين فتحوا النار بعد أن أوقفوا الأقباط الذين كانوا يستقلون حافلة ومركبتين أخريين. وأظهرت لقطات تلفزيونية حافلة عليها فيما يبدو آثار طلقات الرصاص وملطخة بالدم. وشوهِدَت ملابس وأحذية متناثرة داخل الحافلة وحولها.
وقال شهود إن ثلاث مركبات هوجمت. وأول مركبة أُصيبَت كانت تقل أطفالاً إلى الدير في إطار رحلة كانت تنظمها الكنيسة، ومركبة أخرى كانت تقلّ أسراً إلى هناك.
وصعد المسلحون إلى المركبات وأطلقوا النار على كل الرجال وأخذوا حلي النساء. ثم أطلقوا النار بعد ذلك على سيقان النساء والأطفال.
وعندما فرغ الهواء من إطار إحدى مركبات المسلحين أوقفوا شاحنة كانت تقل عمالاً مسيحيين، وقاموا بإطلاق النار عليهم وأخذوا الشاحنة.
ووقع الهجوم على طريق يؤدي إلى «دير الأنبا صموئيل المعترف» في محافظة المنيا التي يقطنها عدد كبير من الأقلية المسيحية.
وفرض رجال شرطة مسلحون طوقاً أمنياً، في حين عكف مسؤولون من النيابة العامة والبحث الجنائي على جمع الأدلة ورفع البصمات. وفي وقت لاحق وصلت قوات خاصة مدججة بالسلاح وهي ترتدي أقنعة وسترات واقية من الرصاص.
ونُقل المصابون إلى مستشفيات محلية وجرى نقل البعض إلى القاهرة. وقالت وزارة الصحة إن من بين المصابين طفلين عُمر كل منهما عامان.
وندد الرئيس الأميركي دونالد ترمب بالهجوم، وقال إن الولايات المتحدة تقف إلى جانب السيسي والشعب المصري في المعركة لهزيمة الإرهابيين.
ونقل البيت الأبيض عن ترمب قوله في بيان: «يخوض الإرهابيون حرباً ضد الحضارة ويجب على كل من يقدرون الحياة مواجهة وهزيمة هذا الشر».
وأضاف ترمب: «تقف أميركا بجانب الرئيس السيسي والشعب المصري كله اليوم وعلى الدوام في معركتنا لهزيمة هذا العدو المشترك».
وأدان شيخ الأزهر أحمد الطيب الهجوم قائلاً إن «حادث المنيا لا يرضى عنه مسلم ولا مسيحي ويستهدف ضرب الاستقرار في مصر». وأضاف: «أطالب المصريين بأن يتحدوا جميعاً في مواجهة هذا الإرهاب الغاشم».
كما أدان مفتي الجمهورية شوقي علام الهجوم، وقال في بيان: «إن هؤلاء الخونة خالفوا كافة القيم الدينية والأعراف الإنسانية بسفكهم للدماء وإرهابهم للآمنين وخيانتهم للعهد باستهدافهم الإخوة المسيحيين الذين هم شركاء لنا في الوطن».
وقال البابا تواضروس بابا الإسكندرية وبطريرك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية الذي تحدث مع السيسي بعد الهجوم إن هذا الهجوم لم يكن موجهاً ضد الأقباط وإنما ضد مصر وقلب المصريين.
ووصف البابا فرنسيس، الذي زار القاهرة قبل نحو شهر، الهجوم بأنه «عمل أخرق من أعمال الكراهية».
وبدأت قوات الأمن حملة مطاردة لضبط المهاجمين، وأقامت عشرات نقاط التفتيش مع تسيير دوريات على الطريق الصحراوي.
ويمثل المسيحيون ما يصل إلى عشرة في المائة من سكان مصر البالغ عددهم 92 مليون نسمة.
واعتداء المنيا هو الرابع ضد الأقباط في مصر خلال أقل من ستة أشهر.
ففي ديسمبر (كانون الأول) الماضي قُتِل 29 قبطيّاً في تفجير داخل كنيسة ملاصقة لبطريركية الأقباط الأرثوذكس في قلب القاهرة.
وفي أبريل (نيسان)، سقط 45 قتيلاً في اعتداءين استهدفا كنيستين في طنطا (دلتا النيل) وفي الإسكندرية (شمال) أثناء احتفال الأقباط بأحد الشعانين.