قال الرئيس الصيني، “شي جين بينج”، إن تكوين “دائرة صغيرة” وإشعال “حرب باردة جديدة” على الساحة الدولية، وإقصاء وتهديد وتخويف الآخرين، وفك الارتباط، وقطع الإمداد، وفرض العقوبات بدون مبرر، وافتعال التباعد وحتى الانعزال، سيدفع العالم نحو الانقسام وحتى المجابهة.
جاء ذلك في كلمة الرئيس الصيني، اليوم الإثنين، أمام اجتماع حوار “أجندة دافوس” للمنتدى الاقتصادي العالمي، وذلك عبر دائرة الفيديو.
وأضاف بينج: “لقد علمنا التاريخ والوقائع أن المقاربة الخاطئة الداعية إلى الاستقطاب والمجابهة، سواء أكان شكلها حربا باردة أو ساخنة أو تجارية أو تكنولوجية، ستضر بمصالح دول العالم ورفاهية شعوبها في نهاية المطاف”.
وتابع بينج: “أثبتت تجاربنا مرارا وتكرارا أن سياسة إفقار الجار والعمل الانفرادي واللجوء إلى الانعزالية المتغطرسة محكوم عليها بالفشل حتما”، دعيا إلى العمل المشترك وتعزيز التعددية، والالتزام بمفهوم التعاون المتمثل في المنفعة المتبادلة والفوز المشترك وضمان حقوق التنمية المتساوية لجميع البلدان، وتعزيز المنافسة الصحية على أساس عادل ومنصف للارتقاء بمستويات التنمية لكل الأطراف، بدلا من التناحر والتصارع المميت.
وأكد بينج أن الصين متمسكة بالتعددية عبر تبني إجراءات عملية، وتبذل جهودا دءوبة للمساهمة في حماية أرضنا المشتركة وتحقيق التنمية البشرية المستدامة، مشيرا إلى أن المشاكل التي تواجهها البشرية لا يمكن أن تحلها أي دولة بمفردها، ويتعين أن يكون هناك عمل جماعي واستجابة عالمية وتعاون لتسويتها.
ولفت بينج إلى أن الصين ستواصل العمل على إقامة نوع جديد من العلاقات الدولية، وأن فكرة “اللعبة الصفرية والفائز يأخذ كل شيء ليست من فلسفة الشعب الصيني”، حيث تتمسك الصين بثبات بالسياسة الخارجية السلمية المستقلة، وتعمل على تسوية الخلافات عبر الحوار وحل النزاعات عبر المفاوضات.
ودعا بينج إلى ضمان المصالح التنموية المشروعة للبلدان النامية وتقاسم الفرص والإنجازات التنموية، حيث يجب على المجتمع الدولي النظر إلى المدى البعيد والوفاء بوعوده، وتوفير الدعم الضروري لتطور الدول النامية وضمان حقوقها ومصالحها التنموية المشروعة، وتعزيز المساواة في الحقوق والفرص والقواعد، بما يمكن شعوب العالم من تقاسم الفرص والإنجازات التنموية.
وحول جائحة “كورونا الجديد” (كوفيد 19)، قال الرئيس الصيني: “في العام الماضي، تفشت الجائحة التي أتت فجأة في كل أنحاء العالم، ما شكل تهديدا خطيرا على الصحة العامة العالمية، وأوقع الاقتصاد العالمي في الركود الشديد، وواجهت البشرية أزمات متعددة نادرا ما تحدث في التاريخ”.
وأضاف بينج: “أحرز العالم تقدما أوليا لمكافحة الجائحة اعتمادا على العلوم والعقلانية والروح الإنسانية، غير أن الجائحة بعيدة عن الانتهاء، وتصاعدت مجددا في الآونة الأخيرة، ما ألزمنا بمواصلة مكافحتها. ولا شك أن البشرية ستنتصر على الجائحة وتخرج أقوى منها وتتقدم إلى الأمام”.
وشدد بينج على أهمية تعزيز العالم التنسيق في السياسات الاقتصادية الكلية، وتضافر الجهود لتحقيق النمو القوي والمستدام والمتوازن والشامل للاقتصاد العالمي، ونبذ التحيز الأيديولوجي والسير على طريق التعايش السلمي والمنفعة المتبادلة والكسب المشترك، وتجاوز الفجوة بين الدول المتقدمة والدول النامية، والعمل سويا على تعزيز التنمية والازدهار في كافة الدول، والعمل سويا على مواجهة التحديات الكونية وخلق مستقبل أجمل للبشرية.
كما دعا بينج إلى الالتزام بالقانون الدولي والقواعد الدولية، بدلا من السعي وراء الهيمنة من جانب واحد، والالتزام بسيادة القانون الدولي والحفاظ على المنظومة الدولية المتمحورة حول الأمم المتحدة والنظام الدولي القائم على أساس القانون الدولي بدون تزعزع، مع الالتزام بالتشاور والتعاون، بدلا من التصادم والمجابهة، إلى جانب تفعيل دور منظمة الصحة العالمية وإقامة مجتمع تتوفر فيه الصحة للجميع، ودفع إصلاح منظمة التجارة العالمية والمنظومة المالية والنقدية العالمية، وتعزيز النمو الاقتصادي العالمي وضمان المصالح والحقوق والفرص التنموية للدول النامية.
ونوه الرئيس الصيني إلى أهمية صياغة قواعد الحوكمة الرقمية العالمية، وتنفيذ “اتفاق باريس” لمواجهة تغير المناخ وتعزيز التنمية الخضراء، والتمسك بإعطاء الأولوية للتنمية، وتنفيذ أجندة 2030 للتنمية المستدامة للأمم المتحدة، بما يضمن أن جميع الدول، خاصة الدول النامية، تتقاسم ثمار التنمية العالمية.
وقال بينج إنه مع دخول الصين مرحلة جديدة من التنمية سيتم العمل على تطبيق المفهوم الجديد للتنمية، وبناء معادلة تنموية جديدة تعتمد على الدورة المحلية كالدعامة الأساسية، مع التفاعل الإيجابي بين الدورتين المحلية والدولية، وبذل جهود مشتركة مع دول العالم في بناء عالم منفتح وشامل ونظيف وجميل يسوده السلام الدائم والأمن السائد والازدهار المشترك.
وأشار بينج إلى أن الصين ستواصل مشاركتها النشطة في التعاون الدولي لمكافحة الجائحة، حيث يجب تعميق التضامن والتعاون وتعزيز تقاسم المعلومات والاستجابة الدولية لأعمال الوقاية، والسيطرة من أجل تحقيق الانتصار في المعركة العالمية ضد الجائحة، مع تعزيز التعاون في تطوير وإنتاج وتوزيع اللقاحات، لجعلها منفعة عامة حقيقية تتاح لشعوب العالم بتكلفة ميسرة.
وجدد بينج التزام بلاده بجعل اللقاح ميسورا ومتاحا بنطاق أوسع في الدول النامية، بما يسهم في هزيمة الجائحة في العالم في وقت مبكر.