الآثار المصرية شغف عالمى، يسعى الجميع لمشاهدته والبعض يسعى لامتلاكه فيرتكبون الجرائم ويسرقون التاريخ، ومن ذلك ما حدث لـ تابوت “نجم عنخ” العائد إلى مصر، مؤخرا، بعد رحلة طويلة.
نهاية القصة هو إعلان السلطات الأمريكية عودة التابوت المذهب للكاهن الفرعونى ” نجم عنخ” المسروق إلى مصر مرة أخرى، بعدما تم بيعه عن طريق الاحتيال لمتحف ميتروبوليتان للفنون فى نيويورك، وذلك فى إطار الجهود على الجهود الدولية المتنامية لمكافحة السوق السوداء فى الآثار، والجهود التى تقوم بها الدولة المصرية من أجل عودة تراثنا المسروق فى الخارج.
أما بدية القصة فهى سرقة التابوت الذهبى من مصر فى عام 2011 عندما كانت البلاد فى حالة اضطراب سياسى واجتماعي، بعد أحداث ثورة 25 يناير، وذكرت هيئة الإذاعة البريطانية أن “التابوت الكبير والمزخرف قد دفن فى منطقة المنيا فى البلاد لمدة 2000 عام قبل سرقته”، حيث تم تهريبها إلى خارج الإمارات العربية المتحدة أولاً ثم إلى ألمانيا، وتم إجراء بعض الترميم على التابوت هناك، قبل أن يتم شحنه إلى فرنسا، وفقًا لصحيفة ديلى ميل، قام متحف متروبوليتان فى نيويورك “بشراء التابوت من تاجر فنون فى باريس فى يوليو 2017 مقابل حوالى 4 ملايين دولار”.
تابوت نجم عنخ
وتشير صحيفة “الديلى ميل” أن التابوت الآثرى تم بيعه بوثيقة مزيفة بما فى ذلك رخصة تصدير مصرية مزورة مؤرخة بعام 1971، وبينما تعامل مسئولى المتحف بحسن نية مع التاجر كريستوف كونيكي، إلا أنه تم خداع المتحف بإيهامه مسئوليه أنهم حصلوا على التابوت الذهبى بطريقة مشروعة، وتم وضع التابوت فى قاعة العرض بالمتحف وسرعان ما حقق نجاحًا كبيرًا مع الجمهور، فى فترة قصيرة من الزمن، وزار حوالى 500000 شخص التابوت الجميل، وهو فى حالة رائعة.
وذكرت صحيفة “ديلى ميل” إنه فى فبراير 2019، تم الاتصال بالمتحف من قبل مكتب المدعى العام فى نيويورك، حيث قدم أدلة للمتحف تشير إلى أن القطع الأثرية الثمينة قد سُرقت كجزء من عملية تهريب دولية، وبعد الإطلاع على الادلة وافق مسئولى المتحف على إعادة التابوت الذهبى إلى أصحابه الشرعيين “الشعب المصرى”، وإزالة التابوت من العرض العام بالمتحف.
تم التعرف على التابوت الذهبى على أنه مسروق بفضل العمل الجيد لوحدة الاتجار بالآثار، وهو ملحق بمكتب النيابة العامة فى نيويورك، والتعاون مع مسئول الخارجية والآثار المصرية، واستعادت هذه الوحدة الآثار الأثرية المسروقة التى قدرت قيمتها بـ 150 مليون دولار، والتى تم إرجاعها إلى بلدها الأصلى من بين العناصر التى تم استردادها الآثار الرومانية والإترورية واليونانية والهندية والبوذية، أصبحت مصر أكثر سعيا لاستعادة الآثار التى سُرقت أو بيعت بشكل غير قانونى.
فى الأسبوع الماضى، عقد مؤتمر صحفى للإعلان عن عودة التابوت، حضره وزير الخارجية المصرى، سامح شكرى، ومحامى منطقة نيويورك وكبار المسؤولين، صرح وزير الخارجية المصرى أن التابوت “ليس فقط للمصريين ولكن هذا من أجل تراثنا الإنسانى المشترك”.
ولا تزال التحقيقات جارية فى السرقة والبيع غير القانونى للتابوت التاريخي، ولم تشير السلطات إلى ما إذا كانت قد حددت المشتبه بهم فى سرقة التابوت، كما أكد أن مسئولى متحف ميتروبوليتان عبروا عن غضبهم الشديد من الحادث بأكمله وهم يراجعون كيفية اكتسابهم عناصر جديدة، كما تعهد المتحف باسترداد الأموال التى قدمها إلى تاجر الفن الفرنسى مقابل القطعة المسروقة.
ومن المقرر أن يتم عرض التابوت فى المتحف المصرى الكبير بالقاهرة، حيث يبلغ طول التابوت، على شكل مومياء، 6 أقدام (2 متر) ومصنوع بمهارة من الخشب والمعدن، وهو مغطى بصفائح من الذهب، كان ينتمى إلى كاهن باسم Nedjemankh ويعود تاريخه إلى القرن الأول قبل الميلاد عندما حكمت مصر من قبل الأسرة البطلمية، وكان كاهنًا كبيرًا للإله “هيرشيف” فى مدينة هيراكليوبوليس (مركز أهناسيا ببنى سويف حاليا) ولم يعد التابوت يحتوى على مومياء الكاهن.
التابوت الذهبى لنجم عنخ، مزخرف بشكل متقن بالمشاهد والنصوص الهيروغليفية التى تهدف إلى توجيه الكاهن فى رحلته إلى الحياة الأبدية، وفقًا لتقارير شبكة “CNN” يرمز الذهب فى التابوت إلى علاقة الكاهن الخاصة بالألهة المصرية، حيث كان هناك اعتقاد واسع بأن الآلهة كانت مصنوعة من المعدن الثمين، على سبيل المثال، كان يُعتقد أن عيون حريف مصنعة من الذهب، ميزة فريدة من التابوت هى طبقات رقيقة من الفضة داخل النعش، وربما صممت لحماية وجه الكاهن خلال رحلته إلى الحياة الآخرة.