على هذه الأرض مخلصون يسعون إلى الأمام، وخلال سعيهم يجرون قاطرة الوطن؛ لعل الجهد ينتج العودة للصدارة والريادة مرة أخرى، فبعد 198 عاما من زراعة القطن في مصر، واحتلال مركز الصدارة في الجودة والإنتاج لعقود، تعثرنا وهوى القطن إلى مكان غير محمود.
جهود كبيرة بذلت خلال الموسم الماضي لإعادة القطن المصري إلى مكانته فعلا وليس قولا، بعد موسم 2016 الكارثي، الذي وصلت فيه مساحات القطن إلى أدنى مستوياتها منذ بدء زراعته في مصر، فبذلت وزارة الزراعة مجهودا من خلال معهد بحوث القطن لتوجيه المزارعين لتحقيق أعلى إنتاجية وأجود إنتاج.
عبد الله منصور عبد الحميد عبد السلام مزارع من مركز الحسينية بالشرقية حقق خلال الموسم الحالي أعلى إنتاجية قطن للفدان في مصر، وهو ما جعله في مقدمة المكرمين من وزير الزراعة واستصلاح الأراضي الدكتور عبد المنعم البنا ضمن مزارعي القطن الأكثر إنتاجية.
12.5 قنطارا حققها الفدان الذي زرعه عبدالله الموسم الحالي، بفضل الحرص على المعاملات الزراعية السليمة وجودة الأرض التي لم تزرع بالقطن منذ 8 أعوام، وهو ما جعلها جاهزة لتدر الكثير، حيث تضعف زراعة القطن المتتابعة الأرض وتوطن فيها الأمراض الخاصة بالمحصول وتفقدها العناصر اللازمة له.
باع عبد الله المحصول هذا العام بسعر يراه جيدا، فيقول: “بعت القنطار مقابل 3050 جنيها للقنطار، وهو عائد أعلى من الأرز والذرة ومن أية محاصيل أخرى في نفس التوقيت”.
ويكشف عبدالله منصور أحد أهم أسباب الإنتاجية والجودة العالية للمحصول، فيؤكد أن الالتزام بموعد الزراعة في 10 مارس أحد أهم عوامل النجاح إلى جانب اتباع الإرشادات الفنية للتسميد والري في الوقت المناسب طبقا لإرشادات المهندسين الزراعيين، الذين يشرفون على زراعة ذلك الحقل، ولفت إلى أن اختياره لصنف جيزة 94 عالي الإنتاجية، ساهم في رفع زيادة إنتاجية الفدان أكثر من التقاوي التقليدية الأخرى، وبعد هذا إنجاح عقد العزم على زراعة 5 أفدنة الموسم المقبل، في ظل ارتفاع الإنتاجية وزيادة الأسعار.
من جانبه، قال الدكتور عادل عبد العظيم مدير معهد بحوث القطن، أن الوزارة لن تكتفي بتكريم المزارعين الأعلى إنتاجية فقط، بل ستصرف علاوات لمزارعي أقطان الإكثار، مشيرًا إلى أن إنتاج بذور الزراعة من زراعات الإكثار تكفي لتغطية مساحة 500 ألف فدان العام المقبل، لكننا نسير بخطة لزيادة المساحات تدريجيا ترتبط بالسوق العالمي، وحجم طلبه على القطن المصري، والذي بدأ يتعافى عن العام الماضي، فحققنا هذا الموسم 216 ألف فدان بإنتاجية 1.4 مليون قنطار، ورغم ذلك، فإن الإنتاج لا يكفي طلبيات السوق العالمي ولا التوريد للداخل لذلك تستهدف الوزارة زراعة من 300 : 350 ألف فدان العام المقبل؛ لترفع الإنتاجية التي تكفي التصدير وتشغيل المغازل والمصانع المحلية.