الموصل (العراق) (رويترز) – خاضت القوات الخاصة وقوات الشرطة العراقية اشتباكات مع مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية يوم الأربعاء واقتربت أكثر من جامع النوري بغرب الموصل لتحكم بذلك قبضتها حول هذا الموقع المهم بينما شهدت بغداد هجوما انتحاريا بشاحنة ملغومة أودى بحياة 17 شخصا على الأقل.
ويتركز القتال على المدينة القديمة المحيطة بالمسجد الذي أعلن منه أبو بكر البغدادي زعيم التنظيم دولة خلافة في المناطق الخاضعة لسيطرة الدولة الإسلامية بالعراق وسوريا قبل قرابة ثلاثة أعوام.
وفر آلاف السكان من المناطق التي يسيطر عليها التنظيم داخل الموصل أكبر معقل متبق للمتشددين في العراق. لكن ما زال عشرات الآلاف محاصرين داخل منازل في وسط القتال والقصف والضربات الجوية مع تقدم القوات العراقية المدعومة من التحالف بقيادة الولايات المتحدة في غرب الموصل.
وقال مراسلو رويترز إن الطائرات الهليكوبتر التي تحلق فوق غرب الموصل قصفت مواقع للدولة الإسلامية خارج محطة قطارات الموصل التي شهدت اشتباكات عنيفة وهجمات كر وفر في الأيام القليلة الماضية وإن دخانا أسود كثيفا أسود تصاعد في السماء.
ويقول سكان فارون إنهم سمعوا دوي إطلاق نار كثيف من منطقة المدينة القديمة حيث يختبئ المتشددون وسط السكان مستغلين الأزقة والدروب الضيقة ومنازل السكان.
وقال الفريق رائد شاكر جودت من الشرطة الاتحادية في بيان إن قوات الشرطة فرضت سيطرتها الكاملة على منطقة قضيب البان واستاد الملعب الرياضي في الجناح الغربي من الموصل القديمة وتحاصر المتشددين حول جامع النوري.
وتتقدم قوات الرد السريع التابعة لوزارة الداخلية على أطراف المدينة القديمة ويتسلق أفرادها أسوار الحدائق. وردت الدولة الإسلامية بالصواريخ فتصاعدت أعمدة من الدخان الأبيض في السماء.
وقال مسؤول بوحدات الرد السريع إن هناك مجموعات تدخل المدينة القديمة منذ يوم الثلاثاء.
وأسقطت القوات العراقية طائرة واحدة على الأقل بدون طيار يشتبه بأنها تابعة للدولة الإسلامية. ويستخدم المتشددون نماذج تجارية صغيرة من الطائرات بدون طيار للتجسس وإسقاط الذخيرة على مواقع الجيش العراقي.
وفي بغداد قالت مصادر بالشرطة إن 17 شخصا على الأقل قتلوا وأصيب نحو 60 آخرين عندما انفجرت شاحنة ملغومة في هجوم انتحاري استهدف نقطة تفتيش عند المدخل الجنوبي للعاصمة في أحدث هجوم على بغداد منذ بدأت الدولة الإسلامية تفقد أراضي مع تقدم قوات الجيش.
* المدنيون في خطر
مع دخول معركة الموصل المناطق المكتظة بالسكان في غرب الموصل تزداد المخاوف من سقوط قتلى وجرحى مدنيين. وتقول الأمم المتحدة إن مئات المدنيين قتلوا الشهر الماضي ويقول سكان إن متشددي الدولة الإسلامية يتخذون من المدنيين دروعا بشرية.
وقال البابا فرنسيس في عظته الأسبوعية بساحة القديس بطرس يوم الأربعاء إن حماية المدنيين في العراق أمر “ضروري وملح” وعبر عن قلقه بشأن المحاصرين في غرب الموصل.
وأقر أكبر قائد أمريكي بالعراق يوم الثلاثاء بأن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ربما كان له دور في انفجار بالموصل يعتقد أنه أسفر عن مقتل عشرات المدنيين لكنه قال إن التنظيم المتشدد ربما يتحمل المسؤولية أيضا.
ومع إجراء تحقيقات في الانفجار الذي وقع في 17 مارس آذار قال اللفتنانت جنرال ستيفن تاونسند إن من المتوقع زيادة عدد القتلى والجرحى مع دخول الحرب على المتشددين مرحلتها الأعنف في الشوارع المكتظة والضيقة بالمدينة القديمة.
ويقول سكان محليون وشهود عيان إن ما يصل إلى 240 شخصا ربما قتلوا في حي الجديدة بعد أن تسبب انفجار ضخم في انهيار مبنى ودفن أسر تحته. ولا يزال عمال الإنقاذ ينتشلون الجثث من تحت الأنقاض.
وقال مسؤول محلي يوم الأربعاء إنه جرى انتشال 250 جثة من الموقع رغم أن هذا الرقم أعلى من تقديرات الجيش العراقي. لكن مساعي الإنقاذ تعرقلت بسبب نقص العتاد وانعدام الأمن.
* انفجار ضخم
ما حدث بالضبط في 17 مارس آذار ما زال غير واضح.
قالت القيادة العسكرية العراقية إن أحد الاحتمالات التي يبحثها التحقيق هي ما إذا كان التنظيم المتشدد قد وضع متفجرات مما أدى في النهاية إلى الانفجار الذي دمر مباني. وقال الجيش العراقي إنه لا توجد إشارات على أن الضربة استهدفت المبنى بشكل مباشر.
وقال شهود إن ضربة ربما أصابت شاحنة ملغومة متوقفة قرب المبنى. ويقول آخرون إن عائلات كانت إما تحتمي في قبو أو أجبرت على دخوله.
وقال تاونسند في إفادة بوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) “تقييمي الأولي هو أنه ربما كان لنا دور في هذه الخسائر البشرية.”
وأضاف “ما لا أعلمه هو هل جمعهم العدو هناك؟ لا نزال نحتاج لإجراء بعض التقييمات. يبدو أن الأمر كذلك بالتأكيد.”
وسلطت هذه الواقعة الضوء على المخاوف بشأن سلامة المدنيين وهي مبعث قلق كبير للحكومة العراقية التي يهيمن عليها الشيعة فيما تحاول تفادي استعداء سكان الموصل الذين يغلب عليهم السنة.
وقال الأمير زيد بن رعد الحسين مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان يوم الثلاثاء أن 307 مدنيين على الأقل قتلوا وأصيب 273 في غرب الموصل منذ 17 فبراير شباط، مضيفا إن الدولة الإسلامية تضع السكان في مبان ملغومة كدروع بشرية وتطلق النار على من يحاول الفرار.