«القواعد العسكرية» تفضح أطماع أمريكا في العراق بعد تحرير الموصل
البنتاجون يطالب الكونجرس بتسهيل إنشاء قواعد عسكرية أمريكية بالعراق
تقارير مخابراتية تكشف وجود قواعد أمريكية سرية في العراق وسوريا
وتخوفات ضياع النفوذ سبب الهوس الأمريكي بالقواعد العسكرية
أعادت تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بوجود بدائل إقليمية للقاعدة العسكرية «العديد» في قطر حال أرادت الولايات المتحدة نقل جنودها منها، مسلسل أطماع واشنطن العسكرية بمنطقة الشرق الأوسط.
فبعد خروج الجنود الأمريكيين من العراق عام 2011 عادوا إليه مرة أخرى في صورة المخلص من تنظيم داعش الإرهابي الذي سيطر على مناطق واسعة في سوريا وبغداد عام 2014.
وكانت الولايات المتحدة احتفظت بـ1500 جندي بالعراق لم يخرجوا ضمن اتفاق الانسحاب عام 2011، ووفقا لتقرير نشرته جريدة "وول ستريت" فإنهم قبعوا داخل السفارة الأمريكية ببغداد.
وكشفت صحيفة "المونيتور" عن أن "البنتاجون" طلب في منتصف الشهر الحالي من الكونجرس الموافقة على بناء قواعد صغيرة في سوريا والعراق، وأرجعت الصحيفة دوافع ذلك إلى المساعدة في محاربة تنظيم "داعش"، وهدف آخر ذي أمد بعيد وهو مواجهة إيران.
ويلزم بناء قواعد عسكرية في العراق قانون من المشرعين الأمريكيين، إذ وقع الرئيس السابق جورج دبليو بوش في عام 2008، مشروع قانون "إقرار الدفاع الوطني" عمل أولا على الحد من التمويل للقواعد الدائمة في العراق إبان توقيع اتفاقية ثنائية عن وضع القوات، والتي نصّت على سحب القوات الأمريكية بحلول عام 2011، وجدد الكونجرس التأكيد على تلك القيود في مشروع قانون "إقرار الدفاع الوطني" في عام 2012، وأجاز في 2015 بعض الصلاحيات لتنفيذ عمليات بالعراق من أجل بسط الاستقرار في مواجهة تنظيم داعش لكنه أبقى على القيود المفروضة على القواعد الدائمة.
قواعد سرية
وكان البنتاجون أعلن في يونيو 2015 أنه يبحث إنشاء قواعد عسكرية جديدة في العراق لتسريع وتيرة تدريب القوات العراقية وتقريب مستشاريها العسكريين أكثر من خطوط الجبهة بهدف التصدي لتنظيم داعش.
لكن وزارة الدفاع الأمريكية نفسها لجأت لإنشاء قواعد غير شرعية بالعراق وسوريا وفقا لعدد من التقارير الصحفية، وأخرى صادرة عن مؤسسات روسية اتهمت الولايات المتحدة بتأسيس قواعد عسكرية في سوريا.
فبعد ثلاثة أسابيع على سقوط الأنبار بيد تنظيم داعش أذن الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما بنشر 450 جنديا أمريكيا إضافيا في العراق توجهت إلى قاعدة «التقدم» الجوية الواقعة على بعد حوالي 40 كيلومترا من الرمادي، وأشار رئيس أركان الجيوش الأمريكية المشتركة الجنرال مارتن ديمبسي إلى إمكانية إقامة معسكرات أمريكية جديدة أخرى بعد قاعدة التقدم، وذلك بالتوازي مع استعادة الجيش العراقي مناطق يسيطر عليها تنظيم داعش.
ووقعت واشنطن اتفاقية عسكرية مع حكومة كردستان العراق على بناء خمسة قواعد لها بمناطق تحت سيطرة الإقليم «قاعدة قرب سنجار، وأخرى في منطقتي أتروش والحرير، إضافة إلى قاعدتين حلبجة بمحافظة السليمانية والتون كوبري في كركوك».
كما اتخذت القوات الأمريكية قاعدتي «عن الأسد» في قضاء البغدادي و«الحبانية» في الأنبار قاعدتين عسكريتين، وفقا لتقارير إخبارية أضافت أيضا سيطرة الجنود الأمريكان على مطار القيارة العسكري جنوبي مدينة الموصل، بعد تأهيل المدرج وبناء كانتونات سكنية لعوائل العسكريين، بالإضافة إلى تشييد قاعدة أخرى عند سد الموصل، وتمركزها أيضا بقاعدة بلد الجوية ومعسكر التاجي، إلى جانب قاعدة أخرى في منطقة المنصورية بمحافظة ديالى.
في الجوار
ربما لم تكن القواعد العسكرية السابقة كافية لسد رمق الأمريكان فتوجهوا إلى سوريا لبسط نفوذهم على عدد من المناطق، إذ اتهم تقرير حديث لموقع «جلوبال ريسيرش» البحثي الولايات المتحدة بعرقلة الجيش السوري من التقدم نحو الخطوط العريضة لحدود كردستان بسبب قواعدها الأمريكية.
وكشف التقرير عددا من القواعد العسكرية التي سيطرت عليها قوات أمريكية في سوريا، معتبرا ذلك انتهاكا للقانون الدولي.
ومن بين القواعد العسكرية الأمريكية التي كشفها التقرير، ما ذكر أن الولايات المتحدة أقامت مطارين في الحسكة ومطارا في كوباني ومطارا آخر على الحدود مع تركيا إضافة إلى مركز للفرقة العسكرية في مدينة منبج شمال شرق حلب.
موقع حدث بالفعل «Already Happened» أورد أيضا تقريرا قال خلاله إنه رصد بالأقمار الصناعية توضح وجود مهبط صغير للطائرات جنوبي سوريا على بعد أميال قليلة من الحدود الثلاثية ما بين الأردن والعراق وسوريا.
وذكر مصدر استخباراتي لموقع «ديلي بيست» قائلا: «وقبل ما يقرب من عام من إنشاء مهبط الطائرات الجديد في صحراء سوريا، كانت الولايات المتحدة تعمل جاهدةً لتوسيع قاعدة منفصلة للطائرات بدون طيار شمال شرقي الأردن، على مسافة ليست بعيدةً عن الحدود الثلاثية (بين الأردن وسوريا والعراق)، وقد تأسست هذه القاعدة، المعروفة باسم «H4»، في بادئ الأمر في عام 2014، أو ربما قبل ذلك، وخضعت لتوسيعاتٍ كبيرة في أوائل العام الماضي 2016».
بعبع إيران
أهداف التوسع في بناء القواعد العسكرية الأمريكية في المنطقة يفسره خبراء عسكريون بأنه يأتي دعما للقوات العراقية والقوات السورية المدعومة أمريكيا في حربها ضد تنظيم داعش، بالإضافة إلى تكوين جبهة عسكرية أمام النفوذ الإيراني في بغداد ودمشق، والروسي الداعم للرئيس السوري بشار الأسد.
وبرر كوري زولي، مدير الأبحاث في معهد الأمن القومي ومكافحة الإرهاب في جامعة سيراكوز، لصحيفة "المونيتور"، وجود القواعد العسكرية الأمريكية قائلا إن وزير الدفاع جايمس ماتيس يدرس بعض الخطوات للمرحلة المقبلة ويريد تحقيق السلام وبسط الاستقرار في المنطقة، وممارسة ضغوط عسكرية على إيران، ومن الأفضل بالتأكيد أن تتوافر له اللوجستيات اللازمة للقيام بذلك.
وصرح اللفتنت جنرال الأمريكي ستيفن تاونسند بأنه يتوقّع الآن أن تتوسع حملة التحالف الدولي نحو وادي نهر الفرات بعدما استعادت القوات العراقية السيطرة على الموصل الأسبوع الماضي، وأقر باستخدام منشآت مؤقتة تتم إقامتها لأغراض محددة، مثل المنشآت التي اقترحتها الإدارة الأمريكية، لكنها تستند في معظمها إلى القواعد العسكرية القائمة.
وذكرت تقارير صحفية أن القاعدة العسكرية في مدينة حلبجة، قد تقلق إيران كونها في السليمانية والتي ستعتبر بمثابة اليد الأمريكية التي تمتد في العمق الإيراني، أما القاعدة الثانية في منطقة ألتون كوبري بمحافظة كركوك، فإنها تتميز بموقعها الاستراتيجي المتميز وسط الطريق بين مدينتي كركوك وإبريل وكحلقة وصل بين وسط العراق وشماله.
وفسر الباحث في الشؤون الدولية الدكتور عمر عبد الستار التواجد الكثيف للقواعد الأمريكية في العراق، بأنه يأتي في سياق الترتيب للصدام مع الوجود الإقليمي الإيراني في المنطقة، وأكبر تواجد له بالعراق.
وقال عبد الستار في تصرحات صحفية سابقة إن تواجد القواعد الأمريكية في المحافظات السنية، الهدف الأول منه هو الاستعداد لإعادة تشكيل البنية الأمنية والسياسية لهذه المناطق التي تحتاج قبل كل شيء إلى مواجهة النفوذ الإيراني المتمثل بالمليشيات.