أقرت المحكمة الدستورية العليا فى إسبانيا بالإجماع عدم دستورية وإلغاء قانون استفتاء انفصال كتالونيا رقم 19 لعام 2017 الصادر فى 6 سبتمبر الماضى، والمعروف باسم “حق تقرير المصير”، والذى تم تعليقه قضائيا فى الشهر نفسه.
ووقعت خلال عرض مشروع القانون 19/2017 على البرلمان مخالفات جسيمة للإجراءات التشريعية، أضرت بتشكيل إرادة البرلمان، وكذلك بحقوق الأقليات وبحقوق جموع المواطنين فى المشاركة، من خلال ممثليهم فى مناقشة الشئون العامة.
وأصدرت السفارة الإسبانية بالقاهرة بيانًا حصل “اليوم السابع” على نسخة منه، يوضح نص حكم المحكمة الدستورية، الذى جاء كالتالى:
القانون غير دستورى لمخالفته الصريحة لمبادئ أساسية فى النظام الدستورى ومنها: مبدأ السيادة الوطنية ومصدرها الشعب الإسبانى، وحدة الأمة المتمثلة فى دولة قانون ديمقراطية واجتماعية، ومبدأ سيادة الدستور، والذى يسرى على كافة السلطات العامة، ومن بينها برلمان كتالونيا ذاته (مواد: 1.2، 2، 1.1، 9 من الدستور الإسبانى.
ويعتبر تنظيم الاستفتاء وسيلة لمشاركة جميع المواطنين بصورة مباشرة فى الشئون العامة، وهو اختصاص حصرى للدولة، بصرف النظر عن الطريقة أو النطاق الإقليمى الذى سيجرى به، ولا يمكن إخضاع جميع القضايا للاستفتاء الشعبى، وهذا يسرى على تلك القضايا الأساسية التى تم حلها من خلال العملية التأسيسية وطرحت لإقرارها من قبل السلطات القائمة.
والمحكمة الدستورية ترى أن إعادة تعريف الهوية والوحدة للشعب مصدر السيادة، تعد مسألة يجب توجيهها من خلال عملية تعديل، وفقا لأحكام المادة 168 من الدستور عن طريق استفتاء على مراجعة أحكامه، ولا تعتبر السلطة مخالفة للدستور، نتيجة لسوء فهمها بشأن ما تقتضيه وتقره فى كل حالة، بل بسبب رفضها الصريح للنظام الدستورى القائم، ولا يحق لأية سلطة قائمة أن تعتبر نفسها فوق الدستور والقانون، ولا يمتلك الشعب الكتالونى الحق فى السيادة، بمعزل عن الأمة الإسبانية الكائنة داخل الدولة، كما لا يستطيع تعريف نفسه على أنه “شخص قانونى” يحق له منازعة صاحب الحق فى السيادة الوطنية.
والذى يؤثر على الجميع، بمعنى مسألة استمرار أو عدم وجود تلك الدولة المشتركة المتمثلة فى إسبانيا، لا يمكن، إذا لزم الأمر، سوى التدبر فيها واتخاذ قرار جماعى بشأنها، وإلا فإن العكس سوف يجرنا إلى تفكك وحدة المواطنة، والانهيار – قانونيا ودستوريا، كأمة تتسع للجميع.
ويقر الدستور إجراء مراجعة شاملة لأحكامه، إلا أن هذا يمكن أن يتم فقط فى إطار عملية التعديل المتضمنة داخل مواده، و يضمن الدستور انفتاح تام لتنقيح مضمون أحكامه، وهو إجراء قد يتم بناء على طلب أو اقتراح مقدم من قبل البرلمانات المحلية لأقاليم الحكم الذاتى، من بين أجهزة أخرى تابعة للدولة.
ويمثل ما فرضه برلمان كتالونيا من خلال إقرار قانون تم تعليقه، تحرير السلطة العامة من أية مسئولية تجاه دولة القانون، وهو أمر فيه ضرر لا يمكن إصلاحه لحرية المواطنين.
وقام برلمان كتالونيا، فى تجاهل تام للدستور ولمبادئ الديمقراطية، وبعد أن وضع نفسه تماما على هامش القانون، وارتكب بالفعل ممارسات غير مقبولة، ومتخليا كلية عن أداء مهامه الدستورية والمؤسساتية، بتعريض لخطر جسيم، كافة حقوق وضمانات جميع المواطنين فى كتالونيا، والتى كفلها لهم الدستور والإطار القانونى لنظام الحكم الذاتى نفسه.
وترك برلمان كتالونيا المواطنين تحت رحمة سلطة تدعى أنها لا تعترف بأية ضوابط على الإطلاق، وما جرى خلال جلسة برلمان كتالونيا المنعقدة فى السادس من سبتمبر، أضر بصورة قطعية أو جذرية بالعملية التشريعية المعمول بها وفقًا للائحة برلمان إقليم الحكم الذاتى نفسها.
وجرت مناقشة الاقتراح الذي تمخض عن قانون وتمت الموافقة عليه بعيدا عن أية إجراءات تشريع مرعية ومقننة وفقا للائحة، واستندت الأغلبية البرلمانية المدعومة من قبل رئاسة البرلمان الإقليمى، لأحكام المادة 81 من لائحة البرلمان الكتالونى لارتجال وصياغة إطار خاص وغير مسبوق، تخضع لأحكامهم بمقتضاه إمكانية المشاركة وحقوق باقي التكتلات الحزبية والنواب.
وإزاء هذه المسألة، عدلت الأغلبية البرلمانية لائحة البرلمان الكتالونى ذاتها مرتجلة إجراء غير مسبوق تبنته وفرضت بموجبه مصلحتها، وبمعزل عن أى قانون، قامت الأغلبية بإخضاع ومن ثم انتهاك كافة الحقوق فى سبيل مصلحتها.
ويمثل قرار البرلمان الكتالونى عدم طلب رأى (مجلس ضمانات إطار الحكم الذاتى المعنية بالتوفيق بين إطار الإقليم القانوني ودستور البلاد)، إخلالا من جانب البرلمان بأحد إجراءاته التشريعية، وانتقاصا من حقوق النواب فى ممارسة هذه الاختصاصات تحديدا التى أوكلت لهم بموجب القانون وتعد جزءا من وضعهم القانونى الدستورى.
بالرغم من ذلك ألغى البرلمان الكتالوني بدون مقدمات هذا الاختصاص، بقرار فرضته الأغلبية منفردة، على الرغم من احتجاجات الأقليات والتحذيرات الصادرة من داخل البرلمان.