تحقيقات و تقاريرعاجل

المغرب يسعى للعودة للاتحاد الأفريقي

– في تحرك هو الأول من نوعه لملك المغرب محمد السادس منذ تنصيبه ملكاً عام 1999، قام خلال شهر أكتوبر بجولة أفريقية لثلاث دول تقع في شرق أفريقيا ، بدئها برواندا في الثامن عشر من أكتوبر أستمرت خمس أيام  ثم تنزانيا ، وفي تطور لاحق تم الإعلان عن تأجيل زيارته لإثيوبيا ، بسبب الاحتجاجات وعدم عودة الهدوء للشارع الاثيوبي .. رافق الملك محمد السادس وفد رسمي شمل مستشارين ملكيين ووزراء وعدد من الشخصيات المدنية والعسكرية .

– يسعى المغرب إلى إعادة عضويته بمنظمة الاتحاد الإفريقي التي انسحب منها منذ 1984 ، احتجاجاً على قبول المنظمة عضوية ما يسمى بالجمهورية الصحراوية التي شكلتها جبهة البوليساريو ، حيث كان العاهل المغربي قد وجه رسالة لرئاسة الاتحاد الإفريقي خلال القمة الأخيرة يطلب فيها عودة المغرب للمنظمة ؛ فيما يلي زيارات العاهل المغربي للدول الإفريقية:- 

زيـــارة العاهـــل المغربــي إلى روانـــدا :

استهل العاهل المغربي الملك محمد السادس زيارته لرواندا بعقد مباحثات مع رئيس جمهورية رواندا بول كاجامي بمقر الرئاسة بكيجالي ، وترأسا بعدها حفل التوقيع على 19 اتفاقية تهم قطاعات الإسكان والتكوين المهني والقطاع المالي والضريبي والبنكي والتكنولوجيات الجديدة والملاحة الجوية والسياحة والطاقات المتجددة ، كما ترأس حفل إطلاق برنامج للشراكة الفلاحية بين البلدين ، وتم التوقيع على مذكرة تفاهم بين مؤسسة محمد السادس للتنمية المستدامة ومؤسسة إمبوتو فوندايشن ، وبمقتضى هذه المذكرة ستستفيد المؤسسة الرواندية من منحة بقيمة مليون يورو تمنحها مؤسسة محمد السادس للتنمية المستدامة وستخصص هذه الهبة لتمويل مشروعين في مجالي الصحة والتربية ، وأوضح الرئيس المنتدب للمؤسسة مصطفى التراب أن مؤسسة محمـــد السادس للتنمية المستدامــة والتي تدعم عـــدة مبادرات في 7 دول : ( السنغال – مالي – غينيا كوناكري – غينيا بيساو – كوت ديفوار – الجابون – مدغشقر ) تعمل من أجل النهوض في مجالات ( الصحة – التنمية الاقتصادية ) لهذه الدول وإعداد برامج لمحاربة الفقر. 

زيـــارة العاهـــل المغربــي إلى تنزانيـــا :

أجرى العاهل المغربي محمد السادس زيارته لتنزانيا بعقد لقاء مع رئيس جمهورية تنزانيا جون بومبي ماجوفولي بدأت يوم 23 أكتوبر بالقصر الرئاسي بدار السلام ، وتم التوقيع على 22 اتفاقية للتعاون الثنائي في مجالات الاقتصاد والتعليم والثقافة ، فضلاً عن إرساء آلية للتشاور السياسي وقطاعات والطاقة المعادن والجيولوجيا النقل الجوي والفلاحة والصيد البحري والأسمدة والطاقات المتجددة والسياحة والتأمين الزراعي ، بالإضافة إلى مذكرات تفاهم في مجالات تطوير وحدات صناعية ولوجستية ، وتطوير أروقة لوجستية بين الموانئ والوحدات الصناعية بتنزانيا ، والشراكة بين اتحادي أصحاب المقاولات بكلا البلدين ، والقطاع البنكي والصحة وتسهيل المبادلات التجارية والاستثمار بإفريقيا ، فضلاً عن إحداث وحدة لتثمين وتعبئة الشاي عالي الجودة .. وجاءت هذه الاتفاقيات في إطار التوجه الملكي الذي يهدف إلى تدعيم الشراكة مع الدول الأفريقية ، لتعزيز الإطار القانوني المنظم للتعاون بين البلدين .. وفي كلمة له بالمناسبة ، أكد رئيس جمهورية تنزانيا أن بلاده مستعدة للتعاون مع المغرب بكامل قواها ، مشيراً إلى أن الاتفاقيات التي تم توقيعها بين البلدين ستمكنهم من المساهمة في تحول وتحديث اقتصاد تنزانيا ، كما تقدم بالشكر للملك محمد السادس والوفد المرافق ، مشيداً بالعلاقات الجيدة التي تجمع الرباط بدار السلام .

الملك يؤجل زيارته إلى إثيوبيا بعد مؤتمر ( كوب22 )

كانت اثيوبيا المحطة الثالثة في جولة محمد السادس بشرق افريقيا بعد روندا وتنزانيا ، وتم أرجاؤها لوقت لاحق ، وذكر بيان للديوان الملكي  المغربي أن محمد السادس أجرى اتصالاً هاتفياً مع رئيس الوزراء الإثيوبي ديسالين ، وأن زيارة العاهل المغربي لأثيوبيا ستجري مباشرة بعد انتهاء مؤتمر كوب22 يوم 18 نوفمبر الجاري ، وخلال هذا الاتصال أوضح العاهل المغربي ورئيس الوزراء الاثيوبي أهمية ضمان التحضير الجيد للزيارة الملكية المرتقبة لأديس أبابا ، وأكدا على أن هذه الزيارة تشكل مرحلة أساسية في تعزيز الشراكة الاقتصادية الثنائية والتقارب بين الشعبين … فيما يلي أهداف الجولة:-  (أولاً : التقـــرب مـــن إفريقيـــا)

– تربط المغرب علاقة تاريخية مع منطقة إفريقيا جنوب الصحراء باعتبار موقعه الجغرافي كدولة إفريقية تقع في أقصى الشمال الغربي للقارة ، كما أن له امتداداً إفريقياً يمس العرق والثقافة لكن علاقاته بالرغم من ذلك مع مساحة إفريقيا جنوب الصحراء كان يطبعها الفتور لزمن طويل ، غير أنه في العقد الأخير خاصة خلال السنوات الأخيرة عرفت المملكة المغربية توجهاً اندفاعياً نحو إفريقيا جنوب القارة ظهر على شكل زيارات ملكية مكثفة لدول إفريقيا عديدة وعقد شراكات اقتصادية متبادلة وتنظيم لقاءات ثقافية مشتركة ، وقد قام الملك بزيارة أكثر من (15) دولة من إفريقيا جنوب الصحراء خلال الـ (15) عام الماضي ، كما زاد المغرب من تمثيل حضوره الدبلوماسي ، حيث وسَّع قائمة سفرائه في دول المنطقة بعد أن كان غائباً في العديد منها ، إضافة إلى اللقاءات الدبلوماسية والمؤتمرات السياسية المتعلقة بإفريقيا جنوب الصحراء .

– على صعيد آخر عمل المغرب على تعزيز علاقاته الاقتصادية مع الدول الإفريقية من خلال استثمارات الشركات المغربية وعلى رأسها شركة ( اتصالات المغرب / أونا / تجاري وفا بنك ) في مجال الاتصالات السلكية واللاسلكية والخدمات المصرفية والتأمين والبناء والصناعات والمناجم وتشكل هذه الاستثمارات في غرب إفريقيا نسبة 51% من إجمالي استثمارات المغرب الخارجية .

– انخرط المغرب في سلسلة اتفاقيات مع دول جنوب الصحراء منها 6 اتفاقيات تجارية وجمركية و18 اتفاقية لتشجيع الاستثمار و9 اتفاقيات لتفادي الازدواج الضريبي ، كما ارتفعت المبادلات التجارية بين الطرفين من (10 : 37) مليار درهم ، إضافة لبرامج الدعم والمنح السخية وإعفاءات الديون المقدمة لدول أفريقية من قبل المغرب .

– في جانب آخر تستغل المملكة امتدادها التاريخي بدول الساحل والصحراء للنفاذ في العمق الإفريقي ، حيث يتم إحياء الزوايا الدينية المشتركة كالزاوية التيجانية وتصدير صورة الملك كأمير للمؤمنين من سلالة الرسول وهو ما له تأثير كبير على دول مثل السنغال ومالي .

(ثانياً : العـــودة للاتحـــاد الإفريقـــي) 

– يسعى المغرب مؤخراً إلى إعادة عضويته في منظمة الاتحاد الإفريقي التي انسحب منها منذ 1984 ، احتجاجاً على قبول المنظمة عضوية ما يسمى بالجمهورية الصحراوية التي شكلتها جبهة البوليساريو ، حيث كان العاهل المغربي قد وجه رسالة لرئاسة الاتحاد الإفريقي خلال القمة الأخيرة يطلب فيها عودة المغرب للمنظمة .

– ومن أجل ذلك شنَّ المغرب حملة دبلوماسية مكثفة جمع خلالها توقيع 28 دولة إفريقية من أصل 54 على وثيقة تطــالب بإلغــاء عضويــة جبهة البوليساريو بالاتحــاد الإفريقي في حين لا تــزال مصر وتونس مترددتين ، بينما رفضت الجزائر طلب المغرب وذلك عبر رئيس وزرائها ” عبد المالك سلال ” الذي أكد أن المطالبة بمغادرة الجمهوريّة الصحراويّة أمر غير معقول ، ولكن إذا أراد المغرب الانضمام للاتّحاد الإفريقيّ دون شرط فالجزائر ليست لديها مشاكل في ذلك .

– كما تهدف سياسة التوغل داخل إفريقيا جنوب الصحراء التي يتبعها المغرب إلى أهداف سياسية واقتصادية بالأساس لكنها تصب في الأخير في خانة حشد الدعم الدولي من أجل قضية الصحراء ، حيث تشكل منطقة الساحل والصحراء سوقًا متنامياً وخالي من المنافسين الكبار مما قد يوفر للمغرب فرصاً أكبر لنجاح الاستثمارات مستقبلًا ومن ثمَّة تثبت عدد من الشركات المغربية العاملة في الاتصالات والبنوك فروعها بهذا الجانب من العالم غير أنه حسب مراقبين يبقى نجاحاً مشكوكاً فيه نظراً لضعف القدرة الشرائية للسكان إفريقيًا الأمر الذي يجعله سوقاً شحيحاً .. في حين تظهر على المستوى السياسي الفائدة الكبرى لتعزيز العلاقات بين المغرب ودول الساحل والصحراء حيث ساهمت الزيارات الملكية المرفقة عادة بحزم الاتفاقات والاستثمارات والمنح السخية في دفع مجموعة من الدول إلى سحب موقفها السابق حول قضية الصحراء كان آخرها إعلان رواندا وتنزانيا اللتين كانتا تعترفان بجبهة البوليساريو دعمهما للمغرب في طرحه حول نزاع الصحراء .

– من جانب آخر يطمح المغرب إلى أن يكون وسيطًاً ضرورياً بين أوروبا وإفريقيا جنوب الصحراء بالنظر إلى موقعه الجغرافي الرابط بين القارة الإفريقية والأوروبية ، ما يجعله صمام أمان أولي لأوروبا كما يمكن أن يكون بوابة للسياسة الخليجية نحو إفريقيا .

مخاوف أفريقية من عودة المغرب لمنظمة الاتحاد الأفريقي -:

أكد مسئول في الأمانة العامّة للاتّحاد الإفريقيّ أن هناك مخاوف وقلق لدى الأمانة العامّة للاتّحاد الإفريقيّ من أنّ المغرب يريد العودة لتصفية حساباته ونقل صراعه حول إقليم الصحراء لداخل أروقة الاتّحاد .

دلالات تؤكد اهتمام سعي المغرب للعودة بقوة إلى أفريقيا -:

 – زيارة وزير الخارجية المغربي ( صلاح الدين مزوار ) في يوليو الماضي للعاصمة الإثيوبية أديس أبابا  – حيث مقر الاتحاد الأفريقي ، هي الأولى لمسئول من المغرب بهذا المستوى ، منذ إعادة العلاقات بين البلدين في 1997.

– افتتاح إثيوبيا سفارة لها في المغرب عقب الزيارة التي أجراها وزير خارجيتها أدهانوم إلى الرباط في مايو 2015 ، والتي اعُتبرت زيارة تاريخية ، حيث كانت الأولى لمسئول إثيوبي بهذا المستوى .

– طلب المغرب رسمياً العودة إلى الاتحاد بعد مغادرته عام 1984 ، احتجاجاً على قبول عضوية ما تعرف بالجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية ، المعلنة من جانب واحد من جبهة البوليساريو بإقليم الصحراء ، الذي تعده الرباط جزءاً من أراضيها ، وخلال قمة الاتحاد الأفريقي الأخيرة التي استضافتها عاصمة رواندا – كيجالي – في يوليو الماضي ، وجه الملك محمد السادس رسالة للقادة الأفارقة ، يعبر فيها عن رغبة بلاده في استعادة عضويتها بالاتحاد ، ورحبت بالطلب 28 دولة أفريقية شاركت في القمة .

زر الذهاب إلى الأعلى