كل ما تشهده مصر من صفقات وقرارات، يفترض أن تنعكس على السوق، وأن يشعر المواطن بالنتيجة بشكل عاجل ومتوسط وطويل المدى، وأهم مؤشر بجانب فرص العمل، هو الأسعار التى يفترض أن تستقر طالما أسعار العملة مستقرة، وبسعر واحد، واختفاء السوق الموازى يفترض أن ينعكس على تراجع أسعار سلع ومستلزمات إنتاج، ما يؤدى لانخفاض فى أسعار سلع أخرى.
على سبيل المثال، فإن انخفاض أسعار الأعلاف، ينعكس على أسعار الدواجن واللحوم والبيض، وفى حالة عدم حدوث هذا الانخفاض، فإننا نكون أمام وضع غير طبيعى، وتعطيل لقوانين العرض والطلب، طبعا من المهم استمرار الرقابة على الأسواق، لضمان عدم التلاعب وإخفاء السلع.
فى النهاية فإن المواطن لديه حس وترمومتر، يحدد تأثيرات وانعكاسات الأسعار، لكن الواضح دائما أن هناك اختلالا فى قوانين السوق، التى تطبق بالمزاج ومن أجل الربح وباتجاه واحد، لكنها تعطل عند الحاجة اليها وعندما يتعلق الأمر بالمواطن.
أعلنت الحكومة الإفراج عن سلع أساسية وأدوية وخامات ومستلزمات إنتاج، بقيمة 12 مليار دولار، قبل أسبوعين، ما يعنى أن هذا ينعكس على توافر السلع، وأيضا استقرار وتوازن الأسعار. لكن ما يحدث يبدو عكس قوانين السوق، عندما ترتفع الأسعار فأنها لا تعود إلى الانخفاض حال توافر السلع بكميات كبيرة، وهو أمر يتعلق فى جزء منه بالرقابة، وأيضا بدور المنظمات والغرف التجارية وحماية المستهلك التى يفترض أن تتابع تطبيق قوانين السوق بشكل حاسم، لأن اليات السوق لا تعنى فوضى فى التسعير، أو الربح، وفى دول متقدمة فإن الأسعار ترتفع وتنخفض طبقا لقوانين العرض والطلب، وتثبت ولا تشهد هذه أول هذه القفزات والبالونات فى ارتفاعات الأسعار.
خلال كلمته فى «عيد الأم» تحدث الرئيس السيسى حول القضية الأهم التى تتعلق بالجمهور والناس والاقتصاد، وكيفية ضبط الأسواق، وتطبيق قوانين العرض والطلب بما ينتهى الى وجود توازن بين الأسعار وأرباح التجار، وبالرغم من أن لدينا قوانين فإن هذه القوانين غالبا لا تطبق أو أن قوانين السوق تطبق عند ارتفاع الأسعار لكنها تتعطل عند الحاجة إلى انخفاض الأسعار.
المواطنون يسألون عن انعكاسات الصفقات والقرارات الاقتصادية على الأسعار بشكل عام، ومتى يمكن أن تنخفض الأسعار بالشكل الذى يتناسب مع قوانين العرض والطلب؟ خلال كلمته فى «عيد الأم» تطرق الرئيس السيسى إلى اقتصاد السوق، وأهمية وجود توازن فى الأسعار، بعد قرارات البنك المركزى، وتراجع سعر الدولار عما كان قبل القرارات، ومع هذا لم تنخفض الأسعار بنفس النسبة، وهو أمر يتناقض مع اقتصاد السوق، وأهمية وجود توازن فى السوق، ومواجهة الاحتكارات، أو رفع الأسعار غير المنطقى، ودراسة كيفية ضبط الأسعار والأسواق، واذا كان اقتصاد السوق يعنى منح فرصة للقطاع الخاص وتراجع الحكومة، فهذا يشترط الوصول إلى توازن فى الأسعار، ووجه الرئيس الحكومة بدراسة تدبير تمويل 3 مليارات دولار سلعا يتم بها خلق توازن فى الأسعار.
الرئيس يوجه رسالة إلى الحكومة و التجار والمستوردين وأيضا للغرف التجارية والقائمين على تطبيق قواعد السوق، أن عليهم تطبيق قوانين السوق والعرض والطلب بما يضمن استقرار الأسعار، وعدالتها، وأنهم إذا لم يخلقوا التوازن بأنفسهم فإن الحكومة يمكن أن تتدخل، بقوانين العرض والطلب، لخلق هذا التوازن.
الرئيس قال أيضا خلال كلمته إن المبادئ والأفكار يجب أن تتحول فى الدول إلى قوانين وبرامج للتعامل مع الجميع، وإذا كان الحديث يدور فى العموم أو يتعلق بقضايا الأسرة والأديان والعلاقات، فهو ينطبق على كل موضوع، ومن هنا، فإننا ونحن نتحدث عن الاقتصاد، فإننا بالفعل نواجه خللا فى القواعد، يتطلب قوانين وتشريعات، وقد يرى البعض أن لدينا ما يكفى من قوانين تحتاج إلى التطبيق، وقد تكون مناسبة وجود حوار وطنى حول الاقتصاد، أن يضع الخبراء والمعنيون مع أطراف المجتمع توصيات بكيفية تطبيق قوانين السوق بشكل شفاف وعادل ولصالح المجتمع، ومعالجة تفاوت الأسعار الكبير.
الهدف هو توفير السلع للمواطن بأسعار عادلة دون مغالاة أو استغلال الأزمة، وأن يتم التسعير طبقا لمعايير يتم التوافق بشأنها، منها الجودة، والنوع، وإعلان الأسعار للالتزام بها من كل سلاسل البيع، مع مراجعتها وتعديلها بصورة شهرية، للتأكد من أنها متوافقة مع أسعار السلع ومدخلاتها، وقوانين العرض والطلب، وهذا فى الواقع اختبار لمدى جدية القطاع الخاص والتجار فى العمل ضمن منظومة شفافة عادلة، بعيدا عن التلاعب والاحتكار، وهو أمر يتطلب بالفعل تطبيقا حاسما لقوانين العرض والطلب واقتصاد السوق.