أودعت محكمة النقض حيثيات حكمها فى القضية المعروفة إعلاميًا بـ”التخابر مع قطر” المتهم فيها الرئيس المعزول محمد مرسى بالسجن بالأشغال الشاقة المؤبدة وآخرين.
وقالت المحكمة فى حيثياتها، إن وقائع الدعوى توافرت بها كل العناصر القانونية للجرائم التى دان الطاعنين بها، وأضافت أن الحكم المطعون فيه قد بين سواء فيما أورده فى بيانه لواقعات الدعوى أو فى أفراده لأدلة الثبوت فيها أن الطاعنين الثلاثة الأول قد تولوا قيادة فى جماعة الإخوان المسلمين التى أسست على خلاف أحكام القانون، وأن باقى الطاعنين عدا السابع قد انضموا لتلك الجماعة وأن الغرض من تلك الجماعة هو تعطيل أحكام الدستور ومنع مؤسسات الدولة من القيام باعمالها والاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعى وهو ما يضفى عدم الشرعية على تلك الجماعة ويجعلها مخالفة للقانون.
وأضافت الحيثيات، كما أثبت الحكم بما ساقه من أدلة توافر القصد الجنائى بأن اتجهت إرادة كل منهم إلى ارتكاب الفعل المسند إليه من الانضمام إلى الجماعة وهم على علم باتخاذها لأعمال القوة والعنف والتهديد والترويع وسائل لتحقيق أغراضها، ولا ينال من ذلك ما اثاره الدفاع عن الطاعنين من أن تلك الجماعة قد وفقت اوضاعها طبقا لأحكام قانون الجمعيات الأهلية أو أن الطاعن الأول قد تخلى عن رئاسة حزب الحرية والعدالة التابع لتلك الجماعة منذ توليه رئاسة الجمهورية إذ كل ذلك لا يعدو أن يكون دفاعا موضوعيا يتعلق بنفى الاتهام يكفى للرد عليه ما ساقته المحكمة من أدلة الثبوت السائغة التى اطمأنت إليها.
وقالت الحيثيات، إن الطاعن الأول وقت إن كان يتولى رئاسة الجمهورية وهو فى حكم الموظف العام قد تسلم من قائد الحرس الجمهورى آنذاك والمخابرات العامة والحربية وهيئة الرقابة الإدارية والأمن الوطنى وثائق مهمة تتعلق بالقوات المسلحة وأمن الدولة ومصالحها القومية واحتفظ بها لنفسه بنية تملكها وامتنع عن ردها لحفظها لدى المختصين بذلك بمؤسسة الرئاسة وأنه كان على علم بأهمية تلك المستندات وتعليقها بأمن الدولة ومصالحها القومية القومية إلا أنه امتنع عن ردها للجهات المختصة لحفظها لنفسه بنية تملكها الأمر الذى تتوافر معه فى حقه الجريمة المؤثمة بالمادة 77 د فقرة 1 بند 2 من قانون العقوبات. وإزاء ثورة الشعب ضده قام بتسليم المستندات إلى الطاعن الثالث والذى كان يعمل سكرتيرًا بمؤسسة الرئاسة والذى قام بجمعها بحقيبه وحفظها بعيدًا عن مؤسسة الرئاسة فى مسكنه ومن ثم فإن النعى على الحكم المطعون فيه فى هذا الشأن يكون غير سديد، ولا ينال من ذلك ما دفع به الطاعن الثالث من أن قيامه بنقل تلك المستندات من مكان حفظها بمؤسسة الرئاسة واخفائها بمسكنه إنما كان نفاذًا لأمر رئيسه فى العناوين الطاعن الأول وأن طاعته واجبة عليه الأمر الذى يجعل ما قام به من عمل مباحًا ومن ثم تنتفى أركان تلك الجريمة فى حقه، وأكدت المحكمة، لما هو مقرر من أن طاعة المرءوس لرئيسه لا تكون فى أمر من الأمور التى يجرمها القانون ولا تمتد بأى حال إلى ارتكاب الجرائم وأنه ليس على المرءوس أن يطيع الأمر الصادر له من رئيسه بارتكاب فعل يعلم هو أن القانون يعاقب عليه وهو ما أثبته الحكم المطعون فيه فى حقه ومن ثم فإن الحكم يكون بريئًا من مخالفة للقانون والخطأ فى تطبيقه.
وأوضحت المحكمة فى حيثياتها، أن واقع الدعوى كما أثبتها الحكم المطعون فيه يبين أن جريمة “تولى قيادة جماعة أسست على خلاف أحكام القانون لتعطيل أحكام الدستور” حدثت فى فترة زمنية محددة وانتظمها فكر إجرامى واحد ووقعت فى مكان واحد وبسبب واحد وارتبطت مع باقى الجرائم ارتباطًا لا يقبل التجزئة، ما يوجب اعتبارها جريمة واحدة عملاً بالفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات والحكم بالعقوبة المقررة لأشدها بالنسبة للعقوبات الأصلية دون التكميلية.
وقالت المحكمة إن الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر ولذا يتعين نقضه جزئيًا وتصحيحه بالنسبة للطاعنين الأول والثلاث والرابع والخامس والسادس وذلك على النحو التالى:
1. إلغاء عقوبة السجن 15 عامًا المقضى بها على المحكوم محمد مرسى على الجريمتين المسندتين إليه بالبندين رابعًا وثامنًا والاكتفاء بعقوبة السجن المؤبد المقضى بها عليه بالبند تاسعًا من الحكم المطعون فيه.
2- إلغاء عقوبة السجن 15 عامًا المقضى بها على أمين الصيفى عن الجريمتين المسندتين إليه بالبندين خامسا وثامنا والاكتفاء بعقوبة السجن المؤيد عن الجريمة المسندة إليه بالبند تاسعا.
3- إلغاء عقوبة السجن المشدد لمدة 15 عامًا المقضى بها على المحكوم عليه أحمد عفيفى بالبند عاشرا، والاكتفاء بعقوبة الإعدام.
4- إلغاء عقوبة السجن المشدد على المتهم خالد حمدى رضوان، والاكتفاء بعقوبة السجن 15 عامًا وتغريمه 10 آلاف دولار.
5- إلغاء عقوبة السجن المشدد على المتهم محمد كيلانى والاكتفاء بعقوبة الإعدام، ورفض الطعن فيما عدا ذلك وقبول طعن النيابة العامة شكلاً وفى الموضوع بالرفض.
قررت المحكمة إحالة الأوراق للنائب العام لاتخاذ اللازم نحو التحقيق والتصرف فيما نسب إلى رئيس قناة الجزيرة محمد بن جاسم من أفعال ووقائع تنطوى على جرائم جنائية مؤثرة بشأن التخابر على دولة أجنبية، والإضرار بمصلحة البلاد ومركزها الحربى والسياسى والدبلوماسى والاقتصادى وإعطاء مبالغ مالية بقصد ارتكاب عمل ضار بمصلحة قومية للبلاد.