تحقق النيابة العامة فى السبب المباشر لوفاة المجنى عليه المعقور من كلب بمدينة الشيخ زايد.
إلحاقًا ببيان النيابة العامة السابق صدوره فى الواقعة، فقد استُكملت التحقيقات بسؤال زوجة المجنى عليه، والتى شهدت بنقل زوجها يوم الحادث عقب وقوعه إلى أحد المستشفيات الخاصة بمدينة الشيخ زايد، حيث أجريت له إسعافات أولية نُقل على إثرها إلى مستشفى عام آخر، حيث تلقى جرعة واحدة من مصل تطعيم “عقر الكلب”، ثم نُقل إلى مستشفى آخر لإجراء العمليات الجراحية اللازمة له، وتلقى الجرعة الثانية من المصل، وخلال البدء فى إجراءات التدخلات الجراحية بالمستشفى الأخير، وتلقيه المخدر تمهيدًا لها، توقفت عضلة قلبه عن العمل، وفقد المجنى عليه وعيه، حيث قدمت الشاهدة سندًا لذلك تقريرًا طبيًّا ثابتًا فيه تفصيلات حالة المتوفى الطبية.
وقد انتقلت النيابة العامة إلى المستشفى الأخير، وسألت طبيب الطوارئ واستشارى جراحة العظام والمفاصل اللذين استقبلا المجنى عليه يوم الحادث، فأكدا أنه حضر يومئذ فى وعى وإدراك تامين، بادعاء عقر كلب بالساعد والكوع الأيمن، وحُجز له غرفة عادية بالمستشفى، وأجريت له بعض التدخلات العلاجية لتنظيف جرحه ظاهريًّا بمحلول الملح، تمهيدًا لإجراء عملية جراحية له، ثم عقب موافقته وذويه على إجراء العملية أودع بغرفة العمليات، وأثناء اتخاذ إجراءات تخديره توقفت عضلة قلبه لنحو ثلاثين دقيقة، فتجمع أطباء التخدير لإنعاشه (إنعاش رئوى قلبي)، أسفر عن إعادة عمل القلب، فنُقل لذلك إلى الرعاية المركزة لملاحظة حالته الصحية، وهو فى غيبوبة تامة، وقد أحال الطبيبان أسباب ما آلت إليه حالة المريض إلى طبيب التخدير المختص.
حيث سألت النيابة العامة الطبيب الأخير، فأكد كذلك حضورَ المجنى عليه للمستشفى يومئذ فى وعى وإدراك تامين معانيًّا من ارتفاع فى ضغط الدم، فأجريت له كافة الفحوص الطبية اللازمة قبل التخدير، وتبين له لياقته طبيًّا لإجراء التدخل الجراحى، وعقب حقنه بالعقاقير المخدرة حدث انخفاض بنبضات قلبه وضغط دمه فحُقن بعقاقير أخرى لمعالجة تلك المضاعفات، ولكنه لم يستجب لها، فتوقفت عضلة القلب، وأُجرى له إنعاش رئوى قلبى عاد معه القلب إلى العمل بعد مرور ثلاثين دقيقة، وقرر الطبيب أن أسباب ما آلت إليه حالة المريض لا يمكن تحديدها يقينيًّا، مرجحًا أنها إما لتلقيه جرعة مصل تطعيم “عقر الكلب” وما قد تحدثه من ضَعْفٍ فى عضلة القلب، أو ما يمكن أن ينقله عقر الكلب ذاته من أمراض قد تؤدى لتوقف قلبه.
وكانت النيابة العامة تباشر تحقيقاتها فى الواقعة طوال فترة إيداع المجنى عليه بالمستشفى، انتظارا لاستقرار حالته الصحية، لتحديد سند المسئولية الجنائية قِبل المتهم المحبوس- صاحب الكلب- وكذا للتحقيق فيما أثير بالأوراق من وقوع خطأ طبى حال تجهيز المجنى عليه لإجراء العملية الجراحية على نحو ما تقدم من هذا البيان، الأمر الذى قد يؤثر -إن ثبتت صحته ووقوعه- فى تحديد المسئوليات الجنائية وترتيب إحداها على عاتق الطاقم الطبى المثار بشأنه الخطأ.
وخلال ذلك تلقت النيابة العامة إخطارًا بوفاة المجنى عليه يوم التاسع من شهر إبريل الجارى، فأمرت النيابة العامة بسرعة نقل جثمانه إلى مصلحة الطب الشرعى لإجراء الصفة التشريحية عليه بيانًا لسبب الوفاة المباشر، وفحص الأوراق الطبية والعلاجية الخاصة بالمتوفى؛ لتحديد إذا ما قد اتُّبعت الإجراءات الطبية الصحيحة معه وفقًا للأصول المتعارف عليها منذ وصوله للمستشفى من عدمه، وبيان إذا ما كان هناك خطأ طبى قد شاب أيًّا من تلك الإجراءات، وإن وُجد تحدد درجته ومدى جسامته وعلاقته بالوفاة، على أن يُعد تقرير مفصل يعرض على النيابة المختصة بالتحقيق.
ونفاذًا لذلك طلبت مصلحة الطب الشرعى من المستشفى المعنى تقارير تفصيلية عن تاريخ دخول المجنى عليه إليها، وتشخيص حالته بها والفحوص والتحاليل التى كان قد أجريت له فيها، وكذا تقرير مفصل من طبيب الرعاية المركزة الذى استلم حالة المتوفى بعد توقف قلبه خلال التخدير، مُبيَّن فيه تفاصيل حالته آنذاك، وتقرير آخر من استشارى الرعاية المركزة بالمستشفى عن تطور حالة المجنى عليه منذ دخوله الرعاية وحتى وفاته مُبيَّن فيه سبب الوفاة الطبى المسجل بالأوراق.
وحرصًا من النيابة العامة على سرعة إنجاز التحقيقات، انتقلت إلى المستشفى وسألت الأطباء المختصين بإعداد التقارير والأوراق المطلوبة من مصلحة الطب الشرعى، وأشرفت على إرسالها إليها كما طلبت، حيث أفادت المصلحة بإجرائها الصفحة التشريحية على الجثمان واتخاذها بعض العمليات البحثية عليه لتأهيله للفحص المجهرى تحت الميكروسكوب، وجارٍ استكمال التحقيقات بانتهاء مصلحة الطب الشرعى من الفحص وإيداع نتيجته ونتيجة دراسة كافة الأوراق والتقارير الطبية الخاصة بالمتوفى نفاذًا لقرار النيابة العامة.
وسوف تعلن النيابة العامة فى بيان رسمى عما أسفرت عنه نتائج التحقيقات، وما انتهى إليه تصرفها فيها، علمًا باستمرار حبس المتهم احتياطيًّا على ذمة التحقيقات، حيث عرضته النيابة العامة على المحكمة المختصة والتى أمرت عقب نظر الأوراق بمد حبسه احتياطيًّا.