تحقيقات و تقاريرعاجل

الهجوم على مسجد الروضة…هجوم على الإنسانية جمعاء

اعتبر رالف بيترز، محلل استراتيجي لدي “فوكس نيوز”، أن الهجوم الدموي على مسجد في صحراء سيناء خلال أداء صلاة الجمعة، كان جريمة ضد الإنسانية جمعاء.

وكتب في صحيفة نيوبوست الأمريكية أن تلك الجريمة لم تكن مجرد هجوم على المسلمين، بل “علينا جميعاً من المؤمنين بالحضارة والتسامح والإنسانية. وقد يميل أحدهم لوصف ذلك العمل بأنه من صنع الوحوش، ولكن لا يوجد في مملكة الحيوان من يتصرف بمثل تلك القسوة المدبرة”.

أسباب المجزرة

وبرأي الكاتب، يمكن تفسير أسباب المجزرة، إلا أن شرحها لا يفيد سوى في جعلها أسوأ وأشد تأثيراً في النفس البشرية.

فقد ضرب إسلاميون متشددون بواسطة قنابل وأسلحة آلية، وذبحوا في البداية مصلين، ومن ثم قتلوا أول من سارعوا لإنقاذهم. وتكشف نسبة القتلى إلى الجرحى (يكون عادة عدد الجرحى أكبر من القتلى)، مدى قوة المتفجرات، وكيفية التخطيط للهجوم وتنفيذه.

صوفيون

ولم يكن صدفة، بحسب بيترز، أن مسجد الروضة يرتاده عادة صوفيون ينتمون لمجموعة معتدلة متسامحة من المسلمين، ومن الذين يرفضون التشدد ويقبلون على الاستمتاع بالحياة وبما خلقه الله في عباده من حب للفنون والآداب.

ويلفت الكاتب لكون الصوفية كما مارسها الشاعر الشهير الرومي أو حافظ شيرازي، تدعو لعبادة الله والزهد في الثروة والمظاهر.

ولا تخلو مفردات الصوفيين من كلمات الحب، وحيث زخرت أشعار الحلاج والرومي بمفردات الحب والفراق واللوعة وانتظار ملاقاة الحبيب.

أساس فكري

ولكن ذلك لا يعني أن الصوفية مجرد شعر وأحاسيس، بل هناك من وضع أسساً فكرية لها كابن عربي حتى قيل أنه في العصور اللاحقة صيغت معالم الرؤية الصوفية بفكر ابن عربي وشعر الرومي.

وكان للصوفيين دور في رسم التاريخ والفكر الإسلامي، وحيث تجاوزت تأثيرات الرومي وعمر الخيام والغزالي بلاد المسلمين، حتى نهل منها الفلاسفة والكتاب الغربيون.

كراهية طبيعية

ويعود بيترز للإشارة إلى أنه من الطبيعي أن يكره داعش والقاعدة وأفرعهم جميع الصوفيين، ويعتبرونهم كفرة ومعادين للإسلام. فإن الصوفية تركز على العلاقة الباطنية مع الله، فيما يركز المتشددون الإسلاميون على السلوكيات الظاهرية.

ويشار إلى احتمال أن يكون هجوم يوم الجمعة من عمل جماعة أنصار بيت المقدس، تنظيم إرهابي ينشط في سيناء تعهد بالولاء لتنظيم داعش. ومع تدمير” خلافة داعش” التي امتدت إلى مناطق في العراق وسوريا، بدأ إرهابيو التنظيم في البحث عن بيوت وأهداف جديدة.

مزيد من الهجمات

ويتوقع الكاتب أن يشهد العالم مزيداً من الهجمات الإرهابية داخل دول ضعيفة أمنياً أو غير مستقرة، فضلاً عن مواصلة إرهابيين محاولاتهم لمهاجمة الغرب، وحيث سيكون معظم ضحاياهم، كالعادة، من المسلمين.

ويشير لكون التعصب الديني، وليس فقط إرهابيي هذا الزمن، قد أصاب كل قارة سكنها البشر. ومن وقت لآخر، انبثقت عن جميع الديانات حركات متعصبة. ولا يتسامح عادة المتعصبون دينياً مع أي انشقاق عن قواعدهم. وبدءاً من الحروب الدينية التي شهدتها أوروبا، في العصور الوسطى، وصولاً لقمع بوذيي ميانمار لمسلمي الروهينغا، اقترف البشر فظائع باسم الدين. ولكن مر زمن طويل لم يشهد فيه العالم مثل تلك الوحشية التي يمارسها اليوم ذباحو داعش.

وبرأي بيترز، كان هجوم يوم الجمعة الأخيرة على المصلين في سيناء بمثابة هجوم على كل عقيدة، وعلى كل مؤمن بريء.

ويختم الكاتب: “إن كان لدينا شيء من اللياقة الأخلاقية، يفترض بنا شجب ذلك الهجوم من أعماق قلوبنا، كما نفعل عندما تنفذ هجمات على أرضنا”.     

زر الذهاب إلى الأعلى