تحقيقات و تقاريرعاجل

انقسامات في النظام الإيراني.. اعتقالات وخفض موازنة الحرس الثوري

تحدث توماس إردبرينك في تقرير كتبه في صحيفة “نيويورك تايمز” عن محاولة الحكومة الحد من نفوذ الحرس الثوري من خلال الاعتقالات وتخفيض موازنته، فقال إن شركة “خاتم الأنبياء” التابعة للحرس تدير أعمالها من مقرها المؤلف من تسعة طوابق في حي راقٍ بطهران، وتبني المساجد والمطارات وتجهيزات حقول النفط والغاز والمستشفيات وناطحات السحاب. ويقف حراس مسلحون علىى الأبواب، وتعلّق صورٌ صغيرة على جدرانها الخارجية تكريماً للإيرانيين الذين قتلوا في الحروب الدائرة في سوريا والعراق. 

وقال إردبرينك إن هذه الشركة ليست كالشركات الأخرى. إنها الذراع الاقتصادية الأكثر أهمية للحرس الثوري. ويعمل فيها مليون ونصف مليون موظف، بما في ذلك متعاقدون من الباطن، ويترأسها قائد عسكري. ومع ذلك، فإن معالم القوة الخارجية للشركة لا تعكس تيارات التغيير التي تأكل من أعمالها. 

روحاني

وتُنظم حملة على الشركة بقيادة الرئيس حسن روحاني، الذي ترشح مرة ثانية للرئاسة واعداً بإطلاق تنمية اقتصادية من خلال إنجاز الاتفاق النووي مع القوى العالمية وتحرير البلاد من العقوبات الاقتصادية. وبعد إنجاز الاتفاق النووي وإعادة انتخاب روحاني- مع استمرار بعض العقوبات استمرت- ركز الرئيس أنظاره على الحرس الثوري، الذي من خلال احتكاره لقطاعات كبرى من الاقتصاد وميله إلى صفقات يشوبها الفساد، يعتبر عقبة رئيسية أمام تنفيذ وعده بتحقيق النمو بعد التوقيع على الاتفاق النووي.

حملة على اصحاب الامتيازات

ولاحظ الكاتب أن روحاني في حملته على أصحاب الإمتيازات الذين كانوا يُعتبرون محصنين، يحظى على ما يبدو بدعم من مرشد الجمهورية الإسلامية الإيرانية آية الله علي خامنئي. وكان خامنئي، الذي هاجم مؤخراً المسؤولين بسبب تنامي الفساد في كل طبقات النظام السياسي، دعا الحكومة إلى التواصل مع دول أجنبية للحصول على استثمارات ومشاريع تجارية.

“خاتم الأنبياء”

وعلى مدى سنوات، عملت شركة “خاتم الأنبياء” وشركات أخرى يديرها الحرس الثوري متمتعة بالحصانة وبمنأى من السلطات المدنية، وأدارت الاقتصاد الذي كان مكبلاً بالعقوبات، ومولت مغامراتها العسكرية في المنطقة-وليس مصادفة- أغنت القادة المتشددين ورجال الدين الذين يديرون دفة الأمور. لكن مع رفع الكثير من العقوبات، وفيما تحاول الحكومة فتح البلاد أمام المنافسة والإستثمارات الأجنبية، فإن الهيمنة الاقتصادية للحرس الثوري تبدو عائقاً أمام بلوغ هذا الهدف. ومع السمعة السيئة للحرس الثوري دولياً بسبب تدخله في الشؤون الإقليمية، ومع احتمال تصنيفه كمنظمة إرهابية من قبل إدارة دونالد ترامب، ومع العقوبات التي لا تزال تخضع لها إيران، فإن كل ذلك يجعل الحرس شريكاً مسموماً بالنسبة إلى الشركات الغربية والأسيوية التي تحتاج إليها طهران لإعادة تنشيط اقتصادها وإعادة ترميم بنيتها التحتية المتداعية.

خفض موازنة

ونتيجة لذلك، خفّضت موازنة الحرس الثوري، بينما هناك مشاريع حكومية كبرى كانت في الماضي حكراً عليه ذهبت إلى جهات خارجية. وقد تم اعتقال عدد من أعضائه البارزين بتهم الفساد. وهذه التغييرات بدأت بالتكشف منذ الصيف. وفي يوليو (تموز)، قال نواب لوسائل إعلام محلية، إن الحكومة قررت موازنة شركة خاتم الأنبياء السنوية.

فساد

 وخلال الصيف أيضاً، اعتقل أيضاً مسؤولون كبار في الحرس بتهمة الفساد من قبل أجهزة الإستخبارات العائدة للحرس نفسه، وفقاً لما اكد عضو نافذ في مجلس الشورى. كما تم اعتقال مخططين إعلاميين على علاقة بالحرس، في إشارة إلى أن امبراطوريتهم الإعلامية باتت تحت الرقابة أيضاً.

وأدى ذلك إلى قيام قادة الحرس بانتهاج سياسة “التغريد خارج السرب” التي ظهرت جلية في عدد من الأعمال والتحركات التي قام بها الحرس بعيداً عن إدارة روحاني، مما دفع آية الله الخميني لتوجيه خطاب “توبيخ” لقادة الحرس متهماً إياهم بالفساد وعدم توحيد الصف الإيراني في مواجهة أعدائه على حد زعمه طبقاً لما نشرته “نيويورك تايمز”.

حرب أخرى

وتحدث الكاتب عن حرب أخرى بين الحرس الثوري وحكومة الملالي، حيث قام روحاني بانتقاد الحرس الثوري علناً، قائلاً إن الحكومة سلمت اقتصاد البلاد إلى “مجموعة تمتلك السلاح والإعلام وأمور أخرى، ولا أحد يجرؤ على منافستهم”. وأضاف أن ذلك ليس شكلاً من أشكال الخصخصة التي ستساعد الاقتصاد المحلي في النمو.

إلا أن الجنرال علي جعفري، أحد قادة الحرس الثوري، رد على روحاني بالقول إن الحرس يؤمن بأن الحكومة (في إشارة لروحاني) التي “لا تمتلك السلاح سيتم إذلالها من قبل العدو وسوف تستسلم” في انتقاد واضح لسياسات وخطوات روحاني تجاه الحرس الثوري الإيراني.

صراع طويل

وترى الصحيفة أنه من الخطأ افتراض أن الحرس الثوري الإيراني سيستبعد من الاقتصاد الإيراني في القريب العاجل، حيث إن القطاع الخاص داخل إيران صغير للغاية ولا يستطيع المنافسة، وبالتالي ستشهد إيران صراعاً طويلاً بين كل من روحاني والحرس على من يقود زمام الأمور سياسياً واقتصادياً داخل إيران.

زر الذهاب إلى الأعلى