“ماذا فعلتم بمليارات الدولارات.. كيف أنفقتموها وما النتائج التي توصلتم إليها؟ أين ذهبت أموال النفط وما هو المستقبل الذي ينتظر أولادنا؟”.. بهذه التساؤلات هتف سكان مدينة بجاية الجزائرية أمس الإثنين عندما خرجوا في مظاهرة للتنديد بقرار حكومة عبد المالك سلال برفع أسعار المنتجات الأساسية.
المظاهرة تلتها اشتباكات عنيفة مع قوات مكافحة الشغب التي استخدمت الغاز المسيل للدموع لتفرقة الشباب الذين أحرقوا بعض المقرات العمومية وشاحنات النقل. وأسفرت المواجهات عن جرح أكثر من 12 شخصا، من بينهم متظاهرون ورجال شرطة حسب الموقع الإلكتروني “كل شيء عن الجزائر”.
ولم تقتصر هذه الاشتباكات على مدينة بجاية وضواحيها فحسب بل انتقلت إلى مدينة البويرة “130 كلم شرق العاصمة” التي عرفت هي الأخرى مظاهرات عشوائية استدعت تدخل عناصر الأمن.
وتخشى الحكومة أن تنتقل العدوى إلى مدينة تيزي وزو، وهي عاصمة منطقة القبائل المعروفة بأنها منطقة مسيسة بامتياز وبعدائها للنظام الجزائري منذ الاستقلال.
وتأتي هذه المواجهات بعد عملية احتجاجية واسعة النطاق نظمها تجار منطقة القبائل الذين قرروا غلق محالهم التجارية تنديدا بسياسة رفع أسعار المنتجات الأساسية والمواد الاستهلاكية الأولية التي أقرتها حكومة سلال في إطار قانون المالية 2017 والتي يخشى متتبعو السياسة الجزائرية أن تفجر الأوضاع الهشة.
كما تأتي أيضا هذه الاحتجاجات بعد طفرة مالية كبيرة عرفتها الجزائر خلال السنوات العشرة الماضية جنت خلالها أكثر من 800 مليار دولار من صادرات النفط لكن دون أن تتمكن من تحسين ظروف معيشة الجزائريين.
من ناحيتها، أشادت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان بـ”الإضراب العام” الذي نظمه تجار منطقة القبائل، واصفة إياه بـ”الناجح”. فيما دعت المتظاهرين إلى عدم استخدام العنف للتعبير عن مطالبهم والاستمرار في التظاهر بشكل “سلمي”.
وكان الوزير الأول عبد المالك سلال في مداخلة عبر التليفزيون الجزائري الوطني في 28 ديسمبر الماضي أعلن عن سلسلة من القرارات، أبرزها رفع أسعار بعض مواد الاستهلاك الأساسية على غرار الحليب والبنزين والخبز والمواد الإلكترونية تسديدا للعجز المالي الذي تواجهه الحكومة بعد تراجع أسعار النفط من 110 دولارات في 2013 إلى ما بين 45 و50 دولارا في الوقت الحالي.
وتضمنت الموازنة زيادة الضريبة على القيمة المضافة من 17% إلى 19% وكذلك الرسوم على العقارات والوقود والتبغ واستحداث رسم على الأجهزة الكهربائية التي تستهلك الكثير من الطاقة.
وبالإضافة إلى ذلك قررت الحكومة تجميد التوظيف في القطاع العام وعدم زيادة الأجور خلال سنوات 2017 و2018 و2019.
وقال رئيس الوزراء عبد المالك سلال إن الدولة “لن تزيد أي سنتيم في ميزانية” الإدارات والشركات الحكومية، كما نقلت وسائل الإعلام.
وتضمنت الموازنة “إيرادات مقدرة بـ51 مليار دولار، ما يمثل زيادة تناهز 13% مقارنة بسنة 2016” بحسب بيان لرئاسة الجمهورية.
أما النفقات فتم تحديدها بـ62 مليار دولار، منها 14 مليار دولار لدعم أسعار المواد الاستهلاكية والسكن والصحة.
وتظل موازنة الدفاع الأكبر حجما وخصص لها 10 مليارات دولار تتبعها التربية والتعليم العالي بنحو 9،5 مليارات دولار لكل منها ثم الصحة والداخلية 3،5 مليارات دولار لكل منها.
وقبل موعد الانتخابات التشريعية المقررة في شهر أبريل المقبل، تحاول الحكومة الحفاظ على الاستقرار السياسي والسلم الاجتماعي علما أن البلاد تواجه تحديات صعبة، أبرزها تراجع مستوى النمو الاقتصادي والفراغ السياسي في أعلى هرم السلطة منذ 2014 بسبب حالة الرئيس بوتفليقة الصحية، إضافة إلى التهديدات الإرهابية.
ورغم انتخاب عبد العزيز بوتفليقة لمدة رابعة في أبريل 2014 الماضي، فإن مرضه منعه حتى الآن من إلقاء خطاب أمام شعبه، ما جعل التساؤلات تزداد حول هوية المسيرين الحقيقين للبلاد.
وتحاشت الحكومة فرض ضرائب إضافية أو رفع أسعار الوقود خلال السنوات التي أعقبت حركة الاحتجاجات في العالم العربي، لكنها لجأت إلى ذلك في العامين 2016 و2017.
https://youtu.be/Evm5b9m6oPQ