أعرب البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي، عن أسفه لوقوع الأحداث الدامية التي شهدتها منطقة الجبل بالأمس، على نحو تسبب في “إشعال نار الفتنة”.. مشددا في نفس الوقت على أن مصالحة الجبل، وكافة المصالحات بين الأحزاب اللبنانية، هي خط أحمر لا يحق لأحد العبث بتجاوزه.
وأُبرمت مصالحة الجبل في عام 2001 برعاية من البطريرك الماروني الراحل نصر الله صفير، والزعيم السياسي الدرزي وليد جنبلاط رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، لتنهي (حرب الجبل) أحد أكثر الفصول الدموية في الحرب الأهلية اللبنانية، بما شهدته من اقتتال بين المسيحيين الموارنة والدروز.
وشجب البطريرك الراعي الاعتداء بالرصاص الذي تعرض له وزير شئون النازحين صالح الغريب، داعيا في نفس الوقت إلى تغليب لغة العقل والاحتكام إلى الأصول القانونية وأن تقوم أجهزة الأمن بالقبض على الجناة وتسليمهم إلى القضاء.
وأهاب بطريرك الموارنة بالزعماء والمسئولين السياسيين اللبنانيين “ضبط جنوح خطاباتهم وانفعالاتهم ووقف حملات الاستفزاز والشحن الطائفي والمذهبي والمخاطر بأرواح الناس”.. مشددا على ضرورة تغليب المصلحة الوطنية العليا.
من جانبه، أكد الحزب التقدمي الاشتراكي (الممثل السياسي الأقوى للطائفة الدرزية في لبنان) حرصه على مصالحة الجبل، وأن تبقى متجذرة وقوية، مشددا على أن الحزب لم يكن يوما إلا تحت سقف القانون، وأن هذا الأمر يشمل أحداث العنف التي وقعت بالأمس في الجبل.
وأشار الحزب – في بيان له مساء اليوم – إلى تمسكه بدور الأجهزة القضائية ومرجعية الدولة وضرورة أن تأخذ التحقيقات مجراها بشفافية ونزاهة، وأنه لن ينجر إلى أي سجالات سياسية أو إعلامية ترمي إلى إذكاء النيران وتأجيج التوتر في منطقة الجبل، ومشددا على ثقته الكاملة بالجيش اللبناني، ومقدرا تضحياته ودوره الوطني في حماية الاستقرار والسلم الأهلي.
من جهته، اعتبر حزب الكتائب اللبنانية برئاسة النائب سامي الجميل، أن الأحداث الدموية التي وقعت في منطقة الجبل، تجر لبنان إلى فتنة تهدد الأمن والاستقرار والاقتصاد والاستثمار.
وحذر حزب الكتائب اللبنانية من خطورة ما وصلت إليه الأوضاع في البلاد “التي شارفت على الانفجار الأمني والاجتماعي والاقتصادي والمالي”. مشددا على التزام الحزب بمصالحة الجبل، وأنه يعتبرها بمثابة خط أحمر.
من جهته، دعا لقاء سيدة الجبل (تجمع سياسي – ثقافي يهدف إلى تعزيز قيم العيش المشترك بين المسلمين والمسيحيين في لبنان) إلى التمسك بمصالحة الجبل والوقوف بحزم ضد كل من يريد التلاعب بثوابتها.
واعتبر المشاركون في اجتماع اللقاء المنعقد اليوم، أن خطاب وزير الخارجية رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، يطغى عليه “الطابع المذهبي” وأنه أصبح فتنة متنقلة.
وطالب أعضاء لقاء سيدة الجبل – رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، بضبط النفس والتعامل بحزم ضد الفتنة في منطقة الجبل، باعتبارها تستهدفه كما تستهدف المسيحيين في الجبل. كما ناشد أعضاء اللقاء البطريرك الماروني بالدعوة إلى “قمة روحية” لحماية وحدة الجبل والمصالحة، يتم خلالها التأكيد على العيش المشترك والتمسك بالدستور واتفاق الطائف.
وشهدت منطقة الجبل بالأمس اشتباكات مسلحة، حيث قطع عناصر بالحزب التقدمى الاشتراكى الطرق بمدن وقرى الجبل، تعبيرا عن الاحتجاج على زيارة لوزير الخارجية رئيس “التيار الوطنى الحر” جبران باسيل، وتعرض موكب سيارات وزير شئون النازحين صالح الغريب – حليف باسيل – لإطلاق النيران عقب مشاركته فى جانب من جولة الوزير باسيل على نحو تسبب فى مقتل عنصرين أمنيين من المرافقين له.
وكان المحتجون على زيارة جبران باسيل إلى الجبل بالأمس، قد قطعوا الطرق بهدف منعه من استكمال جولته، بعدما اعتبروا أن بعض التصريحات التى أدلى بها تستهدف الوقيعة وإشعال الفتنة الطائفية بين الدروز والمسيحيين من سكان الجبل.
وقُتل عنصران أمنيان من المرافقين لوزير شئون النازحين، المنتمى للحزب الديمقراطى اللبنانى الحليف للوزير باسيل، كما أُصيب آخرون جراء اشتباكات نارية متبادلة مع محتجين، وذلك أثناء مرور موكب الوزير الغريب، وتبادل الحزب الديمقراطى اللبنانى والحزب التقدمى الاشتراكي، إلقاء اللائمة والمسئولية على بعضهما البعض فى وقوع الحادث.
وتعد منطقة الجبل المعقل الرئيسى لأبناء طائفة الموحدين الدروز. ويعتبر الحزب التقدمى الاشتراكى برئاسة وليد جنبلاط الممثل السياسى الأكبر للطائفة الدرزية فى لبنان يليه الحزب الديمقراطى اللبنانى برئاسة النائب طلال أرسلان (المتحالف مع التيار الوطنى الحر وحزب الله) بالإضافة إلى حزب التوحيد العربى برئاسة الوزير السابق وئام وهاب والذى يعد بدوره حليفا لأرسلان فى مواجهة جنبلاط.