تحقيقات و تقارير

تداعيات التوغل الإسرائيلي في دول حوض النيل

نظراً للدور المتعاظم لإسرائيل فى قارة أفريقيا يهدد بشكل مباشر على الأمن القومي العربي والمصري بشكل خاص, فانه يجب القاء الضوء على هذا التوغل الخطير ، حيث تدور السياسة الخارجية لإسرائيل في إطار من المصالح والقناعات الأيديولوجية التي تهدف إلى تأسيس ما
يطلق عليه دولة إسرائيل الكبرى ، وحتى يتثنى لقادتها تحقيق ذلك لابد لهم من تحقيق هدفين وهما (سيطرة إسرائيل في إطار محيطها الشرق أوسطي / التوغل في دول حوض النيل بصفة خاصة وأفريقيا بصفة عامة بما يمكّنها من تحقيق الاختراق والسيطرة ) .. وفيما يلي شواهد وتداعيات التوغل الإسرائيلي في دول حوض النيل بشكل خاص وأفريقيا بشكل عام :

1 قيام رئيس الوزراء الإسرائيلي ” نتنياهو ” قام بزيارة (4) دول بمنطقة حوض النيل خلال يوليو 2016 ، ولاقت هذه الزيارات اهتماماً كبيراً في تلك الدول خاصة إثيوبيا التي تملك علاقات صداقة قوية مع إسرائيل سواء علاقات اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية من خلال يهود الفلاشا الإثيوبيين الذي يشكلون العمالة الهامة في إسرائيل .. وعكست هذه الزيارات توجهات إسرائيل الخارجية الجديدة بعد ثورات الربيع العربي ، حيث جعلت إفريقيا على رأس أولوياتها ، واعتبرت ذلك تتويجاً لسنوات طويلة من الاختراق الإسرائيلي لإفريقيا ، وتعود أهمية تلك الزيارة إلى أنها تعد الأولى على مستوى الزيارات الرسمية منذ قام رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق ” إسحق رابين ” بزيارة الدار البيضاء عام 1994 .

2 – ورغم أن ” نتنياهو ” أعلن وقتها أن الهدف من تلك الزيارة ، هو إحياء الذكرى الأربعين لمقتل شقيقه الأكبر أثناء عملية إنقاذ الرهائن في مطار عنتيبي بأوغندا في (4) يوليو عام 1976 ، فإن الحقيقة تبدو مختلفة ، حيث أن الطلب الإفريقي المتزايد على المساعدات الأمنية الإسرائيلية لمواجهة خطر الجماعات المتشددة ، وبحث إسرائيل عن حلفاء جدد ، دفع بـ ” نتنياهو ” إلى التركيز مجدداً على تحسين العلاقات مع الدول الإفريقية ، وخاصة بمنطقة حوض النيل .

3 أيضاً ذكر موقع ( أوول أفريكا ) ، أن الأهداف الرئيسية لإسرائيل بمنطقة حوض النيل تتمثل في أهداف ( اقتصادية / تجارية ) ، حيث توجد نحو (6) اقتصادات إفريقية من بين (10) اقتصادات هي الأسرع نموّا في العالم ، وتطرح إفريقيا العديد من فرص العمل في المجالات التي تمتلك فيها إسرائيل خبرة واسعة ، مثل : ( الزراعة / الاتصالات / الطاقة البديلة / البنية التحتية ) ، وكذلك أهداف سياسية ودبلوماسية للحصول على المزيد من الدعم الدبلوماسيّ من الدول الإفريقية , كما تحاول كذلك استعادة مقعدها بصفة مراقب في الاتحاد الإفريقي ، والذي فقدته منذ 2002 .

4 كما تسعى إسرائيل لإقامة تحالفٍ استراتيجي مع إفريقيا من خلال تقليص عدد دول الممانعة الإفريقية ضد إسرائيل ، وهو ما تحقق بقرار غينيا استئناف علاقتها الدبلوماسية مع إسرائيل وزيارة وزير الخارجية الإسرائيلية لتشاد ، وقد تقرر عقد القمّة الإسرائيلية الإفريقية الأولى في لومي عاصمة توجو عام 2017 .

5 ويعد إشعال الخلاف بين دول المنبع والمصب لحوض النيل من بين الأهداف غير المعلنة ، حيث لا يخفى أن لإسرائيل أحلاماً قديمة في الحصول على حصة من مياه النيل لري صحراء النقب ، وهو ما عبر عنه عملياً المهندس الإسرائيلي ” إليشع كيلي ” عام 1974 ، حيث قام بتصميم ترعة لسحب مياه النيل من أسفل قناة السويس وتوصيلها إلى إسرائيل .. ويلاحظ أن السياسة الإسرائيلية قد ركزت منذ أواخر الثمانينيات من القرن الماضي في ترشيد توجهاتها الإفريقية بالتركيز في مناطق نفوذ محددة ، ولعل أبرز تلك المناطق : ( القرن الإفريقي / حوض النيل ) ، كما أضاف موقع ( أوول أفريكا ) أن زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي ” ليبرمان ” لإفريقيا في سبتمبر 2009 ، كان الهدف منها تطويق منظومة الأمن القومي المصري ، من خلال تأليب دول منابع النيل على مصر ، من خلال رفع المطالب الخاصة بإعادة النظر في توزيع حصص مياه النيل ، وقد ظهر ذلك واضحاً حيث اصطحب ” ليبرمان ” معه في الزيارة وفداً كبيرا ضم خبراء في ( الزراعة / الري / التجارة ) ، بالإضافة إلى ممثلين عن المؤسستين الصناعية والعسكرية بإسرائيل ، وقد شملت زيارة ” ليبرمان ” كلاً من ( كينيا / أوغندا / إثيوبيا ) ، ويؤكد ذلك زيارة وفود من دول حوض النيل الأخرى ، مثل الكونغو وكينشاسا وبوروندي ، لإسرائيل بهدف مناقشة مشروعات التعاون المائي مع إسرائيل .

6 الجدير بالذكر أن إسرائيل دعمت سد النهضة وجعلت منه بالنسبة للإثيوبيين قضية وطنية ، وقد ظهرت هذه الروح الوطنية في شراء الصكوك الخاصة بتمويل السد من قِبل المواطنين داخل إثيوبيا وخارجها ، على أن مكمن الخطورة في بناء سد النهضة يتمثل في الدور الإسرائيلي في دعم السد ، الذي يرتبط بسعي تل أبيب الدائم للوصول إلى منابع النيل ، والذي يؤكده مشروع ” إليشع كالي ” عام 1974 .

7 تشير بعض التقارير الدولية ، كما أكد موقع ( فورين بوليسي ) ، إلى محاولات إسرائيل المراجعة والتصديق على اتفاقية المجاري المائية الدولية ، وهي اتفاق إطاري عالمي من شأنه أن يمنح الدول بالمنطقة الحق في تقاسم الموارد المائية ، وإعادة توزيع الحصص وفقا لذلك ، حيث تأمل إسرائيل أن يتم الاعتراف بها بوصفها دولة شرق أوسطية ، وهو الأمر الذي يعطيها الحق في تقاسم مياه النيل ، وتعمل إسرائيل بالفعل في  قطاعات ( المياه / الزراعة ) الخاصة بكثيرٍ من دول حوض النيل ، مثل ( كينيا / إثيوبيا ) ، كما أن هناك خبراء إسرائيليون يقيمون في هذه  الدول ، فضلاً عن احتفاظ إسرائيل بقواعد عسكرية في إريتريا  .

8 أضاف موقع ( فورين بوليسي ) ، أن إسرائيل قد وقعت اتفاقاً مع إثيوبيا يتعلق بتوزيع الكهرباء التي سيتم إنتاجها من سد النهضة ، وقد بدأت بإنشاء خط لنقل الكهرباء إلى كينيا ، وخط آخر إلى جنوب السودان ، ولا شك أن عقود توزيع الكهرباء تظهر أن إسرائيل جزء أساسي من عمليات وسياسات التشغيل بسد النهضة ، كما أضاف الموقع أن إسرائيل من خلال تحالفاتها الجديدة في حوض النيل تهدف إلى استكمال خطة الحصار الإفريقي الذي يضم ( جنوب السودان / كينيا / إريتريا / إثيوبيا ) ، عبر آليات عدة ، منها شراء النصيب الأوفر من الصكوك في سد النهضة ، وفرض مزيد من الضغط على مصر ، وإيجاد آلية للتعاون مع الصين والدول الكبرى التي تملك الكثير من الشركات والمصالح ، وكل ذلك يدفع لمحاصرة مصر وابتزازها ، وهو ما يتضح في عرض إسرائيل التوسط بين ( مصر / إثيوبيا ) لحل أزمة السد .

  

زر الذهاب إلى الأعلى