كتب بيتر بيكر، كبير مراسلي البيت الأبيض في صحيفة “نيويورك تايمز” أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومجموعة من مستشاريه بقيادة صهره جاريد كوشنر يريدون صياغة مسودة أمريكية لإنهاء الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، إلا أن احتمالات السلام عالقة في أزمات أخرى في المنطقة.
وقال بيكر إن “الرئيس ترامب بدأ مع مستشاريه في وضع خطة جديدة لإنهاء الصراع المستمر منذ عقود بين إسرائيل والفلسطينيين، وتهدف الخطة إلى تجاوز الأطروحات القديمة من قبل الحكومات الأمريكية السابقة بغرض تحقيق ما سماها الرئيس ترامب بـ “صفقة القرن”.
وقال مسؤولون في البيت الأبيض إن فريق ترامب من المهتمين حديثاً بعملية السلام في الشرق الأوسط وهو ما دفعه إلى دراسة القضية لمدة 10 أشهر متتالية لمعرفة تفاصيل النزاع الأكثر تعقيداً في العالم والخروج بخطة جديدة لإنهاء حالة الجمود الذي فشل فيه أغلب السياسيين من ذوي الخبرة الكبيرة في المنطقة”.
عملية مرتبطة بالتطورات الإقليمية
وأوضحت الصحيفة أن “عملية السلام في المنطقة، متشعبة ومرتبطة بمحيطها الإقليمي وتطوراته كما ظهر في الأيام الأخيرة من خلال التوتر الحاصل بين كل من السعودية و حزب الله المدعوم من إيران في لبنان”، إلى جانب شعور إسرائيل بالقلق إزاء حزب الله وكذلك الجهود التي تبذلها إيران لإقامة ممر أرضي في جنوب سوريا، وفي حال اندلعت حرب مع حزب الله، فإنها ستفشل أي جهود فى هذا الإطار.
وتقول الصحيفة إن “فريق ترامب جمع وثائق وبيانات من أجل التعرف على مختلف القضايا المتعلقة بالنزاع الإسرائيلي-الفلسطيني، وقال مسؤولون إنهم يتوقعون أن تعالج الخطة نقاط الخلاف الرئيسية مثل القدس والمستوطنات في الضفة الغربية المحتلة”.
حل الدولتين
ومع أن ترامب لم يلتزم بدولة فلسطينية، فقد نقلت الصحيفة عن محللين أن “بناء الخطة سيتم وفق ما يسمى بحل الدولتين الذي كان محور الجهود من أجل السلام لسنوات”.
ونقلت الصحيفة عن جيسون دي غرينبلات كبير المفاوضين الرئيسيين قوله: “لقد أمضينا الكثير من الوقت في الاستماع إلى الاسرائيليين والفلسطينيين والقادة الإقليميين الرئيسيين خلال الأشهر القليلة الماضية والاشتراك معهم للمساعدة في التوصل إلى اتفاق سلام دائم”. وأضاف: “لن نضع جدولاً زمنياً ملزماً لتطوير أو عرض أية أفكار محددة ولن نفرض اتفاقاً. وهدفنا هو تسهيل، وليس إملاء، اتفاق سلام دائم لتحسين حياة الإسرائيليين والفلسطينيين والأمن في جميع أنحاء المنطقة”.
وتشير الصحيفة إلى أن “ترامب، الذي يعتبر نفسه صاحب الاتفاق، قرر في يناير خوض تجربة السلام في الشرق الأوسط وذلك عندما تولى منصبه، وتراوده فكرة النجاح في ما فشل فيه رؤساء آخرون، وأوكل المهمة لجاريد كوشنر، صهره ومستشاره، مع افتقاره لأي خلفية عن القضية، وهو ما قوبل بالازدراء وقتها” .
التركيز على إيران
ويرى فريق ترامب وفقا للصحيفة “أن الوقت قد حان، في ظل استعداد الدول العربية لحل المسألة من أجل التركيز على إيران، التي يعتبرها التهديد الأكبر”.
ومن هذا المنطلق، ساهمت مصر في انجاز المصالحة بين محمود عباس، وحماس، وهي خطوة من شأنها أن تعزز موقف السلطة الفلسطينية كممثل للشعب الفلسطيني. واستدعت المملكة العربية السعودية عباس إلى الرياض لتعزيز أهمية التوصل إلى اتفاق.
وقالت تمارا كوفمان ويتس، وهي كانت مسؤولة بوزارة الخارجية في عهد أوباما، إن القادة الإسرائيليين والفلسطينيين “مقيدون بشدة” ليس فقط من قبل الائتلافات الحاكمة ولكن من قبل الجمهور. وأضافت: “يصعّب هذا حتى على القادة السياسيين الراغبين تقديم تنازلات كبيرة في ظل هذه الظروف”.
الفريق الرئيسي
ويضم الفريق الرئيسي أربعة أعضاء هم كوشنر، وغرينبلات، ودينا باول، نائب مستشار الأمن القومي، وديفيد م. فريدمان، السفير لدى إسرائيل. وهم يتشاورون مع دونالد بلوم، القنصل العام في القدس، وغيرهم من وزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي. وقال المسؤولون إن هذا الجهد قد يستمر حتى بداية العام القادم.
وتؤكد الصحيفة أن “ترامب وفريقه لا يخجلون من إعلان مواقفهم المؤيدة لإسرائيل صراحة وقد تفاخر الرئيس بأنه “أكبر صديق” لإسرائيل، وكوشنر، وغرينبلات، وفريدمان هم جميعاً من اليهود الأرثوذكس الذين لهم علاقات مع إسرائيل. لكن باول مسيحية قبطية ولدت فى مصر ولكوشنر علاقات قوية مع السعوديين والعرب الآخرين، وعاد مؤخرا من زيارة إلى الرياض. وقد اجتمع السيد ترامب مع السيد نتانياهو والسيد عباس ثلاث مرات لكل منهما”.
ويرى محللون أن خطة ترامب قد تؤتى ثمارها مع تنفيذ تعهدات بناء الثقة التي وافق عليها كلا الجانبين.
بالنسبة لإسرائيل، يمكن أن تشمل الحد من بناء المستوطنات والتوقف دون ضم أراض جديدة، وإعادة الالتزام بحل الدولتين وإعطاء الفلسطينيين مزيدا من السيطرة أجزاء صغيرة من الضفة الغربية.
وبالنسبة للفلسطينيين، يمكن أن يشمل استئناف التعاون الأمني الكامل مع إسرائيل، و الاستمرار في السعي إلى مزيد من الاعتراف الدولي ووقف المخصصات لأسر الفلسطينيين الذين سجنوا في إسرائيل.
والدول العربية وخاصة المملكة العربية السعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة والأردن، يمكن أن تضيف التزاماتها الخاصة، مثل حرية الملاحة الجوية لطيران الإسرائيلي وتأشيرات رجال الأعمال ورفع مستوى الاتصالات.
وعلق المبعوث الفلسطيني على الخطة قائلاً إن “أي خطة يجب أن تؤسس لدولة فلسطينية ذات سيادة على طول حدود ما قبل عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وأضاف: “هذا هو الحد الأدنى”.