وصف تقرير في موقع “صوت أمريكا”، الجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، بالعقل المدبر لتوسع إيران في منطقة الشرق الأوسط، لافتاً إلى أنه يواجه الآن العديد من التحديات في تعزيز نفوذه بعد تصنيف الولايات المتحدة للحرس “منظمة إرهابية”.
ويُشير التقرير، الذي أعده الباحثان مهدي جدينيه وسيروان كاجو، إلى أن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو وصف أخيراً سليماني بـ “إرهابي”، عندما كان يناقش الخيارات التي يمكن أن تتخذها الحكومة الأمريكية لمعاقبة إيران بسبب أنشطتها المزعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط.
قائد فيلق القدس
وأضاف في مقابلة مع قناة “فوكس نيوز” أن “يدا قاسم سليماني ملطختان بدماء الأمريكيين مثل القوات التي يقودها، وواشنطن مصممة على ملاحقة أي منظمة أو مؤسسة أو شخص تسبب في مقتل أمريكيين، فهذه مسؤوليتنا”.
وجاءت تصريحات بومبيو بعد يوم واحد من قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتصنيف الحرس الثوري الإيراني “منظمة إرهابية”. وحسب بومبيو، قتل الحرس الثوري الإيراني أكثر من 600 جندي أمريكي.
ويلفت التقرير إلى أن الحرس الثوري يستخدم نخبته “فيلق القدس” ووكلاؤه من الميليشيات الشيعية لتوسيع النفوذ الإيراني في جميع أنحاء الشرق الأوسط وخارجه.
ويلعب سليماني دوراً بارزاً في التخطيط العسكري الاستراتيجي لإيران في المنطقة، وهو المسؤول عن تشكيل وتنظيم الميليشيات الشيعية مثل حزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن، وغيرها من الميليشيات في العراق، وسوريا.
وولد سليماني في 1957 بمحافظة كرمان في جنوب وسط إيران، وذاع صيته في الحرب الأهلية السورية التي اندلعت منذ 2011، لقيادته القوات الإيرانية التي تقاتل إلى جانب قوات نظام بشار الأسد.
ولكن حياة سليماني المهنية العسكرية بدأت مع الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينيات، أين اكتسب خبرة عسكرية واسعة.
ويشير التقرير إلى أن صعود تنظيم داعش الإرهابي في 2014 منح سليماني فرصة جديدة لإثبات فعاليته العسكرية ضد مقاتلي التنظيم في العراق وسوريا.
الشهيد الحي
ويرى بعض المحللين أن النجاحات العسكرية لسليماني في الخارج أكسبته شعبية متزايدة داخل إيران. ويقول بهنام بن طالبو، زميل بارز في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات ومقرها واشنطن: “لاشك أن سليماني استفاد من زيادة شعبيته في وسائل الإعلام، وكذلك العلاقات الشخصية التي أقامها مع شخصيات قوية في المؤسسة الدينية داخل إيران”.
ويضيف طالبو “يهتم النظام السياسي الإيراني بالعلاقات الشخصية والشبكات غير الرسمية بشكل أكبر من العلاقات التقليدية، وربما ينجح سليماني في استغلال ذلك لصالحه في السنوات المقبلة، خاصةً في الأوقات الحرجة مثل وفاة المرشد الإيراني، ولكن لايزال الأمر غير واضح ويتعين الانتظار لمعرفة ما سيحدث”.
ويُذكر أن المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي وصف سليماني بـ”الشهيد الحي للثورة”، في احتفال الشهر الماضي، قلده فيه أعلى وسام عسكري إيراني “ذو الفقار”، وبات أول قائد إيراني يتسلم هذا الوسام بعد الثورة في 1979.
سليماني والأسد
ويرى التقرير أن سليماني جنى فعلاً ثمار عمله من خلال توسع مكانته السياسية محلياً وإقليمياً، إذ يتمتع سليماني بمكانة كبيرة في الحكومة الإيرانية، حسب جوشوا لانديس مدير مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة أوكلاهوما الأمريكية.
وعلى سبيل المثال، عندما سافر الرئيس السوري بشار الأسد إلى إيران في وقت سابق من العام الجاري، التقى سليماني بدل وزير الخارجية الإيراني. وكان الهدف من ذلك تعزيز الروح المعنوية داخل إيران في مواجهة الضغط الاقتصادي والعقوبات، ولكن الهدف الأكثر أهمية كان تأكيد الإنجاز الذي حققه سليماني في المساعدة على الفوز في الحرب في سوريا.
وبدعم من القوات الإيرانية والروسية، نجحت قوات نظام الأسد في نقل جماعات المعارضة من معظم المناطق التي سيطرت عليها في ذروة الحرب الأهلية، بما في ذلك المحافظات الكبرى مثل حلب، وحمص، ودرعا.
ولكن التقرير ينقل عن لانديس أن “سوريا تحتاج إلى إعادة البناء لتحقيق الاستقرار لحكومة الأسد، وعلى الأرجح سيكون دور سليماني عندها قد تراجع بشكل كبير، والواقع أن سوريا ستحاول تقويض نفوذ الجيش الإيراني”.
ويختتم التقرير بأنه مع قرار الولايات المتحدة تصنيف الحرس الثوري الإيراني “منظمة إرهابية”، فإن الجنرال سليماني سيواجه من الآن فصاعداً تحديات كبرى في محاولاته توسيع نفوذه في الشرق الأوسط وخارجه.