ما زالت القوات السورية تتوغل في مناطق المعارضة في حلب .. حيث أكد المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية ” إيجور كوناشينكوف “ أن القوات الحكومية سيطرت خلال الساعات الـ(24) الماضية على( 5) أحياء أخرى من حلب الشرقية , وأصبحت تسيطر على (96%) من مساحة المدينة .. مشيراً إلى أن مساحة الأحياء التي ما زالت تحت سيطرة المسلحين شرق المدينة (حلب) لا تتجاوز (8.5 ) كيلومتر مربع .
في الوقت نفسه ذكرت شبكة شام أن قوات النظام سيطرت على أحياء ( الشيخ سعيد / باب المقام / الكلاسة / بستان القصر / الصالحين / الفردوس ) بشكل كامل ، وسيطرت على أجزاء من أحياء ( الأنصاري الشرقي / الزبدية / الإذاعة / صلاح الدين / العامرية / سيف الدولة ) ، وهي آخر ما تبقى من أحياء تحت سيطرة المعارضة .
في المقابل أعلنت مصادر في المعارضة السورية أن فصائل المسلحين في محافظة إدلب شمال غرب سوريا أرسلت تعزيزات عسكرية إلى محافظة حلب .. وأضافت المصادر أن المئات من السيارات التي تحمل السلاح والمقاتلين توجهت أمس من عدة مناطق في محافظة إدلب باتجاه ريف حلب الجنوبي لشن هجوم على مواقع قوات النظام في مناطق جنوب حلب لتخفيف الضغط على مسلحي المعارضة في أحياء حلب الشرقية .. وأشارت المصادر إلى أن أغلب مساجد بلدات محافظة إدلب دعت عبر مكبرات الصوت المقاتلين لنجدة مسلحي مدينة حلب وفك الحصار عنهم .
بالتزامن مع ذلك أعلن المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات السورية ” رياض حجاب “ أن المعارضة لن تقدم تنازلات أو تساوم على أهداف الثورة ، مشددا على أن لا مكان لمن قتل الشعب السوري في المرحلة الانتقالية، وذلك بعد أن حققت القوات الحكومية تقدم في حلب .. وأضاف حجاب قائلاً ” إن اعتقد بشار الأسد وحلفاؤه أننا سنقدم تنازلا أو نساوم على أهداف الثورة ، بعد أن حققوا تقدما في بعض أحياء حلب ، فإن هذا لن يحدث ، لن نقدم أي تنازل أو نساوم على حقوق الشعب السوري وعلى ثوابت الثورة السورية “.. واتهم حجاب روسيا بازدواجية المعايير ، قائلاً ” هناك قرارات دولية يجب تطبيقها ، القرار 2254 فيه كثير من البنود التي وافقت عليها روسيا ، وهي التي صاغت هذا القرار ، فلماذا لا تنفذ هذه القرارات وتوقف القصف وترفع الحصار هي ونظام الأسد والمليشيات الإيرانية ! ” .
على الصعيد السياسي :
صرح وزير الخارجية الروسي ” سيرجي لافروف “ أن المحادثات مع الولايات المتحدة بشأن سوريا وصلت إلى طريق مسدود ، وأن التقدم الذي أحرزه تنظيم داعش في تدمر ربما نفذ بمساعدة واشنطن وحلفائها الإقليميين لتخفيف الضغط عن المعارضين في حلب .. وأضاف ” لافروف ” أن روسيا مستعدة للتفاوض سريعا مع الولايات المتحدة بشأن فتح ممرات لانسحاب مسلحي المعارضة من حلب ، لكنه شدد على ضرورة الوصول لاتفاق بشأن ذلك قبل إعلان أي وقف لإطلاق النار .. وأضاف قائلاً ” وافق نظراؤنا الأمريكيون على ذلك وفي الثالث من ديسمبر عندما التقيت بوزير الخارجية جون كيري في روما أيدوا مثل هذا المفهوم حتى أنهم منحونا موافقتهم مكتوبة ، لكن بعد 3 أيام نقضوا هذا الاتفاق وعادوا إلى موقفهم القديم الذي يواجه طريقا مسدودا ومفاده أنه ” قبل الاتفاق على ممرات إنسانية ينبغي إعلان هدنة .. وكما أفهم هذا يعني فقط منح المتمردين فسحة ” .
أعلن مسئول تركي أن مسئولين من ( تركيا / روسيا ) سيعقدون اجتماع في تركيا لتقييم الوضع في حلب السورية ، وذلك بعد أن سيطرت القوات الحكومية وحلفاؤها بالكامل على أحياء انسحب منها مقاتلو المعارضة .. وأضاف المسؤول أن الاجتماع سيبحث احتمال فتح ممر لخروج المقاتلين والمدنيين ، والتوصل إلى وقف لإطلاق النار .. وأشار إلى أن تركيا تواصل جهودها مع الولايات المتحدة ، وكذلك مع إيران والاتحاد الأوروبي ودول خليجية ، للعمل على إجلاء مقاتلي المعارضة من حلب .
الأهميــــة الاستراتيجيـة لمدينـــة حلـــب بالنسبة لأطراف الصراع في سوريا
تحمل حلب أهمية رمزية كبيرة .. حيث أنها ثاني أكبر المدن السورية ، وقد كانت أكبر المراكز الاقتصادية في البلاد قبل أن يتم تدميرها خلال الصراع في سوريا ، وهي المدينة السياحية الأولى في البلاد ، وكانت الموقع المفضل للعديد من البعثات الدبلوماسية لفترة طويلة من الزمن .
- تمثل حلب أهم المراكز الحضرية في البلاد بعد العاصمة دمشق مما يجعل السيطرة عليها من الأهمية بالنسبة للنظام الذي يرغب في أن يحكم سيطرته على مدن البلاد الرئيسية ، إضافة إلى أنها تعد مركزاً استراتيجياً تنطلق منه الهجمات ضد تنظيم داعش والمعارضة وبالتالي مركزاً لاستعادة بقية أنحاء سوريا .
- حلب هي أحد معقلين كبيرين للمعارضة على الحدود الشمالية مع تركيا ، والمعقل الآخر هو إدلب ، وتعتمد المعارضة في الشمال بشكل كبير على تأمين المساعدات والإمدادات عبر تركيا إلى حلب وإدلب من خلال معبري ( باب السلامة / باب الهوى ) على الترتيب ، ومع قطع طريق الإمدادات في حلب فإنه لا يبقى للمعارضة سوى طريق إدلب للحصول على الإمدادات .. سقوط حلب ، إضافة إلى كونه نكسة استراتيجية للمعارضة ، فإنه سوف يمثل انتكاسة معنوية كبيرة .
- تمثل حلب هدف استراتيجي لروسيا ، خاصة إذا استطاعت قوات النظام السيطرة عليها لأن الرئيس ” بوتين ” يحتاج إلى نصر على الأرض لإقناع المواطن الروسي بمبررات تدخله في سوريا .. حيث أوضح محلل الشئون الدولية في صحيفة ” كوميرسانت ” الروسية ” سيرجي ستروكان ” بأهمية معركة حلب بالنسبة لروسيا ، معتبرا أن انتصار قوات ” بشار الأسد ” سيشكل للمواطن الروسي نموذجاً لنجاح استراتيجية موسكو في سوريا .
- بالنسبة للسعودية ، فإن سقوط حلب في يد النظام سوف تتم قراءته على أنه انتصار لجديد لإيران في سوريا ، وهو انتصار لحزب الله أيضا ، أحد الشركاء الرئيسيين في معارك حلب .
- بالنسبة لتركيا ، تتركز الأهمية في فتح طريق الإمدادات للمعارضة ، ووضع حد لطموح الأحزاب الكردية في السيطرة على الشمال السوري .