يمثل مشروع تعديلات قانون الرقابة الإدارية المعروض حاليًا على البرلمان أكبر تعديل على القانون منذ صدوره عام 1964؛ حيث لم يقتصر على تعديل جداول الرواتب والعلاوات وضوابط الترقي أو تغيير المسميات كما حدث 6 مرات من قبل، بل يتضمن توسيعًا لسلطات الهيئة واختصاصاتها ويغير قواعد التعيين فيها للمرة الأولى بالسماح بالتعيين المبتدأ فيها لمن تتوفر فيهم الشروط، بعدما كان التعيين فيها يقتصر على طريق الترقية وطريق النقل من الجهات الحكومية والمدنية والعسكرية.
يدخل المشروع تعديلاً على المادة الأولى من القانون لتصبح الرقابة الإدارية «هيئة مستقلة تتبع رئاسة الجمهورية، وتكون لها الشخصية الاعتبارية، وتتمتع بالاستقلال الفني والمالي والإداري»؛ وذلك بعدما كانت المادة تجعل تبعيتها لمن كان يسمى «رئيس المجلس التنفيذي» والذي كان نفسه رئيس الوزراء في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر.
ويدخل المشروع أهداف الهيئة لأول مرة في المادة الأولى، بحيث «تهدف إلى منع الفساد ومكافحته بمختلف صوره واتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة للوقاية منه، ضمانًا لحسن أداء الوظيفة العامة وحفاظاً على المال العام وغيره من الأموال المملوكة للدولة».
ويستحدث المشروع مادة جديدة برقم «1 مكرر» تنص على أن يكون رئيس الهيئة بدرجة وزير، ونائبه بدرجة نائب وزير، وأن تتكون الهيئة من عدة أجهزة من بينها جهاز منع الفساد وجهاز مكافحة الفساد، ويصدر بتنظيم أجهزة الهيئة وقطاعاتها المركزية والإقليمية وتحديدًا اختصاصاتها وتسيير العمل بها قرار من رئيس الهيئة.
كما يستحدث عدة فقرات جديدة في «المادة الثانية» المنظمة لاختصاصات الهيئة تسند لها «كشف وضبط الجرائم التى تستهدف الحصول أو محاولة الحصول على أى ربح أو منفعة باستغلال صفة أحد الموظفين العموميين المدنيين أو أحد شاغلى المناصب العامة بالجهات المدنية، والجرائم المتعلقة بتنظيم عمليات النقد الأجنبى المنصوص عليها بقانون البنك المركزى والجهاز المصرفى والنقد، وجرائم تنظيم زرع الأعضاء البشرية والجرائم المنصوص عليها في قانون مكافحة الاتجار بالبشر»، بالإضافة لوضع ومتابعة تنفيذ استراتيجية وطنية لمكافحة الفساد، والتعاون والتنسيق وتبادل الخبرات مع الأجهزة الرقابية في الداخل والخارج، ونشر قيم النزاهة والشفافية والتوعية المجتمعية بمخاطر الفساد، مما يمثل توسيعًا لسلطاتها، إلى جانب الاختصاصات القائمة كبحث وتحري أسباب قصور العمل، وتلقي شكاوى المواطنين، والكشف عن المخالفات الإدارية.
وسينشأ وفقًا للمادة 55 مكرر قطاع بالهيئة باسم «الأكاديمية الوطنية لمكافحة الفساد» تهدف لإعداد وتدريب أعضاء الهيئة على النظم الحديثة المتصلة بمجال اختصاص الهيئة والارتقاء بمستوى أداء العاملين بها، ودعم التعاون مع الهيئات والأجهزة المختصة بمكافحة الفساد فى الدول الأخرى.
وبعدما كانت المادة الخامسة تلزم الهيئة برفع تقاريرها إلى رئيس المجلس التنفيذي (رئيس الوزراء) ينص المشروع الجديد على أن «تضع الهيئة تقريرًا سنويًا عن جهودها ونشاطها تضمنه نتيجة أعمالها وأبحاثها ودراساتها ومقترحاتها، وتقدمه إلى كل من رئيس الجمهورية، مجلس النواب، ورئيس مجلس الوزراء، وذلك طبقا للأوضاع والإجراءات التى يصدر بها قرار من رئيس الهيئة».
ويفتح المشروع الجديد لأول مرة الباب لتعيين أعضاء جدد بالهيئة لم يكونوا معينين من قبل في القوات المسلحة أو الشرطة أو أي جهة حكومية أخرى، باستحداث المادة «11 مكرر» التي تنص على أن «يجوز التعيين ابتداء من خارج الهيئة فى احدى وظائف الرقابة وذلك وفقا للضوابط والإجراءات التى يصدر بها قرار من رئيس الهيئة» كما تجيز للهيئة التعاقد مع ذوى الخبرة للقيام بمهام محددة وذلك وفقا للضوابط والإجراءات التى يصدرها بها قرار من رئيس الهيئة.
لكن المشروع لم يعدل شروط شغل الوظيفة المنصوص عليها في المادة 10 والتي منها أن يكون المعين حاصلاً على مؤهل عال من إحدى الجامعات أو المعاهد العليا أو الكليات العسكرية، وأن يكون محمود السيرة وحسن السمعة، وألا يكون قد سبق الحكم عليه في جناية أو جنحة مخلة بالشرف ولو كان قد رد إليه اعتباره، وألا يكون متزوجاً من أجنبية ما لم يحصل على إذن بذلك من رئيس الجمهورية.
كما تنص الفقرة الأولى من المادة 18 على أن «يوضع العضو المعين ابتداءً في الهيئة في أدنى فئة الوظيفة المعين لها» وهو نص جديد تمامًا، وتنظم باقي فقرات المادة أوضاع المنقولين من جهات أخرى على أن «تحدد أقدمية المنقول إلى الهيئة لإحدى وظائف الرقابة بوضعه فى الفئة المعادلة لدرجة أو فئة أو مستوى وظيفته السابقة، على أن تكون أقدميته فى الفئة بحسب تاريخ بداية التعيين فى الوظيفة العامة السابقة وفى حالة التساوى فى الأقدمية بين المنقول وأعضاء الهيئة فيوضع المنقول نائبا لمن هم فى ذات الفئة من أعضاء الهيئة».
ويعدل المشروع في الفقرة الثانية من المادة «29» إجراءات ترقية أعضاء الهيئة من الفئة «ج» إلى الفئات الأعلى التي تعتبر الوظائف القيادية بالهيئة، ففي السابق كان الترقي من هذه الفئة بالاختيار للكفاءة، وتكون الترقية إليها من بين الحائزين على درجة جيد جداً على الأقل في التقريرين الأخيرين لقياس مستوى الأداء، أما المشروع فينص على أن «الترقية من الفئة «ج» إلى الفئات التى تليها فتكون كلها بالاختيار للكفاءات طبقا للشروط الموضوعية التى يصدر بها قرار من رئيس الهيئة بعد اخذ لجنة شئون الأفراد وإذا حل دور الترقى على العضو من الفئة «ج» أو من الفئة «ب» أو من الفئة «أ» أو من الفئة العالية ولم يشمله الاختيار بسبب عدم توافر الشروط الموضوعية لترقى يحال للمعاش بالفئة التالية لفئته بقوة القانون». مما يعني التزام رئيس الهيئة لأول مرة بإصدار قرار بالشروط الموضوعية للكفاءة، كما يعني إحالة جميع من لا تشملهم الترقية من الفئة «ج» فأعلى إلى المعاش مباشرة.
بينما يعدل المشروع المادة 12 الخاصة بضوابط وطريقة تعيين رئيس الهيئة، التزاماً بحكم المادة 216 من الدستور، بحيث «يعين رئيس الهيئة بقرار من رئيس الجمهورية، بعد موافقة مجلس النواب بأغلبية أعضائه، لمدة 4 سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، كما يعين نائب لرئيس الهيئة بقرار من رئيس الجمهورية بناء على ترشيح رئيس الهيئة، ويكون تعيين باقى أعضاء الهيئة ونقلهم منها بقرار من رئيس الجمهورية بناء على عرض رئيس الهيئة».
ويدخل المشروع تعديلاً مهماً على المادة الثامنة التي تنظم علاقة الهيئة بسلطات التحقيق والهيئات القضائية فيما يتعلق بالقضايا التي تكتشفها، فالمادة كانت تجيز لها «أن تجري التحريات والمراقبة السرية التحريات والمراقبة السرية بوسائلها الفنية المختلفة كلما رأت مقتضى لذلك. وإذا أسفرت التحريات أو المراقبة عن أمور تستوجب التحقيق أحيلت الأوراق إلى النيابة الإدارية أو النيابة العامة حسب الأحوال بإذن من رئيس الرقابة الإدارية أو من نائبه، وعلى النيابة الإدارية أو النيابة العامة إفادة الرقابة الإدارية بما انتهى إليه التحقيق ويتعين الحصول على موافقة رئيس المجلس التنفيذي (الوزراء) بالنسبة إلى العاملين الذين في درجة مدير عام فما فوقها أو العاملين الذين تجاوز مرتباتهم الأصلية 1500 جنيه سنوياً عند إحالتهم للتحقيق».
لكن المشروع الجديد يحذف شرط الموافقة المسبقة على إحالة العاملين بدرجة مدير عام فما فوقها للتحقيق، كما أنه يحدد نطاق التحريات التي تجريها الهيئة فيما يصفه بـ«الجهات المدنية»، مما يعني خروج الجهات العسكرية من نطاق عمل الهيئة، ليكون نص المادة كالتالي: «يجوز لهيئة الرقابة الإدارية كلما رأت مقتضى لذلك أن تجرى التحريات فيما يتعلق بالجهات المدنية، وإذا أسفرت التحريات عن أمور تستوجب التحقيق أحيلت الأوراق على النيابة الإدارية أو النيابة العامة أو سلطة التحقيق المختصة، بحسب الأحوال بإذن من رئيس الهيئة أو نائبه، وتقوم النيابة الإدارية أو النيابة العامة أو سلطة التحقيق المختصة بإفادة الهيئة بما انتهى إليه التحقيق».
ويدخل المشروع حكماً جديداً على هذه المادة يكفل مزيداً من المرونة في القرارات الإدارية ويخفف أعباء رئيس الجمهورية تجاه الهيئة بحيث «تكون الترقية إلى الوظائف العليا بقرار من رئيس الجمهورية ولباقى الأعضاء بقرار من رئيس الهيئة، بعد أخذ رأى لجنة شئون الأفراد بالهيئة، ويحل النائب محل رئيس الهيئة عند غيابه وتكون له جميع اختصاصاته»، بعدما كانت تنص على أن «يكون تعيين سائر أعضاء الرقابة الإدارية وترقياتهم وعلاواتهم ونقلهم بقرار من رئيس المجلس التنفيذي (رئيس الوزراء) بناء على عرض رئيس الهيئة وبعد أخذ رأي لجنة شئون الأفراد بالهيئة».