نتوقف اليوم مع قول الحق سبحانه وتعالى “الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ ۖ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ ۚ أُولَٰئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ ۖ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ” الآية ٢٦ من سورة النور، حيث تقدم “فيتو” سلسلة تفسير آيات الكتاب الحكيم للكبار المفسرين.
تفسير الشيخ محمد متولي الشعراوي: قلنا في تفسير { ٱلزَّانِي لاَ يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَٱلزَّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَآ إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ.. } [النور: 3] أن الزواج يقوم على التكافؤ، حتى لا يستعلي طرف على الآخر، ومن هذا التكافؤ قوله تعالى: { ٱلْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَٱلْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَٱلطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَٱلطَّيِّبُونَ لِلْطَّيِّبَاتِ.. } [النور: 26].
ثم يقول سبحانه: { أُوْلَـٰئِكَ.. } [النور: 26] أي: الذين دارتْ عليهم حادثة الإفك، وخاض الناس في حقهم، وهما عائشة وصفوان { مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ.. } [النور: 26] أي: مما يُقَال عنهم، بدليل هذا التكافؤ الذي ذكرتْه الآية، فمن أطيبُ من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وكما ذكرنا أن الله تعالى ما كان ليُدلِّس على رسوله صلى الله عليه وسلم ويجعل من زوجاته مَنْ تحوم حولها الشبهات. إذن: فلا بُدَّ أن تكون عائشة طَيّبةً طِيبةً تكافي وتناسب طِيبة رسول الله؛ لذلك برَّأها الله مما يقول المفترون. وقوله: { لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ } [النور: 26] مغفرة نزلتْ من السماء قبل القيامة، ورزق كريم، صحيح أن الرزق كله من الله بكرم لكن هنا يراد الرزق المعنوي للكرامة وللمنزلة وللسمو، لا الرزق الحسيّ الذي يقيم قِوام البدن من أكل وشرب وخلافه. ثم يقول الحق تبارك وتعالى: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ.. }. تفسير الطيبون للطيبات السعدي: { الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات } أي: كل خبيث من الرجال والنساء، والكلمات والأفعال، مناسب للخبيث، وموافق له، ومقترن به، ومشاكل له، وكل طيب من الرجال والنساء، والكلمات والأفعال مناسب للطيب وموافق له ومقترن به ومشاكل له، فهذه كلمة عامة وحصر، لا يخرج منه شيء، من أعظم مفرداته أن الأنبياء -خصوصا أولي العزم منهم، خصوصا سيدهم محمد صلى الله عليه وسلم، الذي هو أفضل الطيبين من الخلق على الإطلاق لا يناسبهم إلا كل طيب من النساء فالقدح في عائشة رضي الله عنها بهذا الأمر قدح في النبي صلى الله عليه وسلم، وهو المقصود بهذا الإفك من قصد المنافقين، فمجرد كونها زوجة للرسول صلى الله عليه وسلم، يعلم أنها لا تكون إلا طيبة طاهرة من هذا الأمر القبيح.