أخبار عالميةعاجل

تفشي كورونا في الصين، سر انتشار الفيروس وتجاوز المليون إصابة يوميا

تفشي كورونا في الصين، حالة قلق عارمة انتابت العالم خلال الأيام الماضية عقب الحديث عن موجة تفشي كبيرة لفيروس كورونا المستجد في الصين وتسجيل آلاف الإصابات في أجواء تشبه بداية الجائحة أواخر العام 2019 وبداية 2020.

سلالات فيروس كورونا

وقال مسؤولون في مجموعة عالمية تعمل على تتبع انتشار فيروس كورونا، إن تفشي هذا الفيروس في الصين يأتي بسبب سلالات الفيروس التي انتشرت في أنحاء العالم بالفعل، مع عدم وجود علامات حتى الآن على ظهور متحورات جديدة خطيرة.

وأفادت وكالة “بلومبرج” للأنباء اليوم الأحد، بأن السلطات الصينية كانت قد قدمت 25 عينة جينية جديدة من بكين ومنغوليا الداخلية وقوانجتشو في الشهر الماضي إلى “المبادرة العالمية لتبادل البيانات بشأن أنفلونزا الطيور”، وهي قاعدة بيانات يشارك فيها العلماء من جميع أنحاء العالم تسلسلات فيروس كورونا، كوسيلة لرصد التحورات الجديدة.

سبب انتشار الفيروس في الصين

وقد سمحت التغييرات الصغيرة، التي تحدث بشكل طبيعي بينما ينتقل الفيروس من شخص إلى آخر، للعلماء بتتبع كيفية تحرك مسببات المرض في الصين، وتقديم الطمأنينة بشأن اتجاهه حتى الآن.
ومن جانبه، قال بيتر بوجنر، الرئيس التنفيذي لـ “المبادرة العالمية لتبادل البيانات بشأن أنفلونزا الطيور”، في مقابلة هاتفية: “لا يوجد دليل في هذه المرحلة يشير إلى وجود أي سلالات جديدة ذات أي أهمية”.

موجة غير مسبوقة
من ناحية أخرى عبر بعض العلماء عن قلقهم من أن الموجة غير المسبوقة من العدوى بفيروس كورونا المستجد التي تضرب الصين، تثير احتمالات بأن ينتج عنها سلالات جديدة أو “شيء مختلف”، عما عهدناه خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة.

وينتشر الفيروس بسرعة كبيرة بين سكان البلد الأكثر عددا في العالم بـ1.4 مليار نسمة، منذ رفع التدابير الصحية الصارمة المتعلقة بسياسة “صفر كوفيد” في السابع من ديسمبر الجاري.

متغير جديد لفيروس كورونا
ونقلت وكالة “أسوشيتد برس” عن خبير الأمراض المعدية في جامعة جونز هوبكنز، ستيوارت كامبل راي، أن “الصين قد تكون هي المكان الذي نشهد فيه متغيرا جديدا، مع العدد الكبير من السكان والحصانة المحدودة”.

وتعاني العديد من المستشفيات من الضغط في مواجهة وصول المرضى ونقص الأدوية المضادة للحمى.

وبدأت بعض الحكومات المحلية في نشر تقديرات عن حجم الوباء، رغم إعلان لجنة الصحة الوطنية في الصين، أمس الأحد، بأنها لن تنشر بعد الآن بياناتها المثيرة للجدل عن كوفيد، التي تعرضت لانتقادات كثيرة مؤخرًا على اعتبار أنها لا تعكس شدة موجة الوباء الحالية التي تضرب البلاد، بدون أن تقدم أي تفسير.

تجاوز المليون إصابة يوميا

وأعلنت السلطات الصحية في تشجيانج الواقعة شرق الصين، جنوب شنجهاي، أن عدد الإصابات اليومية تجاوز الآن عتبة المليون في هذه المقاطعة، البالغ عدد سكانها 65 مليون نسمة.

ويُصاب نصف مليون شخص يوميًا في مدينة تشينجداو –شرق الصين- البالغ عدد سكانها 10 ملايين نسمة، وفقًا لما نقلته الصحف الرسمية عن مسؤول بالبلدية هذا الأسبوع.

وفي العاصمة بكين، تحدثت السلطات السبت الماضي عن “عدد كبير من المصابين” داعية إلى “بذل كل ما هو ممكن لتحسين معدل الشفاء وخفض نسبة الوفيات”.

ومع ذلك، فإن العديد من المسنين، الأكثر عرضة للفيروس، لم يتلقوا اللقاح بالكامل.

تطعيم الملايين
تسارعت عمليات التطعيم في الأسابيع الأخيرة، بحسب لجنة الصحة الوطنية، حيث تم إعطاء ما مجموعه 23,5 مليون جرعة بين 8 و23 ديسمبر، مقارنة بـ 3,3 مليون خلال الأسبوعين الماضيين، أي ما يعادل سبعة أضعاف.

لكن اللقاحات المحلية، أثبتت أنها أقل فعالية ضد العدوى الخطيرة من اللقاحات الغربية التي تعتمد على تقنية الحمض النووي الريبي المرسال، كما أنه تم إعطاء الكثير منها منذ أكثر من عام، مما يعني أن المناعة قد تضاءلت.

وقال راي: “عندما نشهد موجات كبيرة من العدوى، غالبا ما يتبعها ظهور متغيرات جديدة”.

منذ حوالي ثلاث سنوات، انتشرت النسخة الأصلية من فيروس كورونا من الصين إلى بقية العالم، والتي تحولت إلى سلالة دلتا، ثم أوميكرون، التي نتج عنها متحورات فرعية أخرى لا تزال منتشرة حتى اليوم.

متغيرات أوميكرون
ويقول الخبير في الفيروسات في جامعة ولاية أوهايو الأمريكية، شان لو ليو، إنه تم اكتشاف العديد من متغيرات أوميكرون الموجودة في الصين، بما في ذلك BF.7، والذي يصفه بأنه “بارع للغاية في التهرب من المناعة”، مشيرا إلى أنه يعتقد أن هذا المتحول هو الذي يقود موجة الإصابات المرتفعة الحالية.

والمثير للقلق أن الخبراء يرون أنه لا يوجد سبب بيولوجي متأصل يجعل الفيروس أكثر اعتدالا بمرور الوقت، خاصة مع مناعة ضعيفة، مما يثير التساؤلات إن كان البديل الجديد المحتمل قد يسبب مرضا أكثر حدة.

وقال راي: “الكثير من الاعتدال الذي شهدناه خلال الستة إلى الإثني عشر شهرا الماضية في أجزاء كثيرة من العالم كان بسبب المناعة المتراكمة إما من خلال التطعيم أو العدوى، وليس بسبب تغير في شدة الفيروس”.

وفي الصين، لم يتعرض معظم الناس أبدا لفيروس كورونا، كما تعتمد اللقاحات المحلية على تقنية قديمة تنتج أجساما مضادة أقل من لقاحات الحمض النووي الريبي المرسال.

تلقيح السكان
والأربعاء الماضي، دعت منظمة الصحة العالمية الصين إلى تسريع وتيرة تلقيح السكان الأكثر هشاشة في ظلّ الارتفاع الشديد في الإصابات بكوفيد-19، طالبة منها معلومات أكثر تفصيلا بشأن مدى خطورة الوباء، وأعربت عن قلقها البالغ من الوضع.

وكشف شو وينبو، من المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها، عن أن خطة بلاده لتتبع الفيروس وكيفية تطور السلالات ستعتمد على تجميع عينات من المرضى من 3 مستشفيات في كل مقاطعة، خاصة من الذين يعانون من مرض شديد والذين يموتون بسبب الإصابة.

وقال إن 50 من أصل 130 نسخة من أوميكرون تم اكتشافها في الصين أدت إلى تفشي المرض، مضيفا أن الدولة تقوم بإنشاء قاعدة بيانات جينية وطنية لرصد كيفية تطور السلالات المختلفة والآثار المحتملة على الصحة العامة.

وقال عالم الفيروسات في كلية الطب بجامعة ماساتشوستس، جيريمي لوبان، “حتى الآن، فإن المعلومات الواردة من الصين بشأن التسلسل الفيروسي الجيني محدودة”، مضيفا: “لا نعرف كل ما يحدث، لكن من الواضح أن الوباء لم ينته بعد”.

نقص الدواء في صيدليات الصين
في السياث ذاته باتت أزمة الدواء التي تعاني منها الصين جراء انتشار فيروس كورونا، تهدد الوضع الصحي في البلاد، حيث جعلت الصيدليات تكافح لتخزين الأدوية الضرورية خلال الجائحة، وفقًا لصحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية.

وأفاد التقرير بأن الصيدليات في جميع أنحاء الصين أبلغت عن نقص في الأدوية التي تعمل كخافض للحرارة، بما في ذلك “الإيبوبروفين” و”الباراسيتامول” وأدوية الحمى الأخرى.

وأضاف أن البلاد باتت تكافح للتعامل مع زيادة حالات الإصابة بفيروس كورونا، وذلك بعد أسابيع من تخلي بكين عن سياستها الصارمة لاحتواء الوباء “صفر كوفيد”.

ورغم ذلك، نفى مسؤولون صينيون وجود نقص في الأدوية أو المعدات الطبية، كما تجاهلوا عروض المساعدة من الولايات المتحدة للتزويد باللقاحات والسلع الطبية الأخرى.

أتى هذا بينما امتد نقص الأدوية في الصين إلى سنغافورة وهونج كونج، حيث سارع الأقارب القلقون إلى إرسال الأدوية إلى بلادهم.

وأجرت صحيفة “وول ستريت جورنال” مكالمات هاتفية مع صيدليات في تسع مقاطعات صينية، بينها شنجهاي وفوجيان وهوبي وسيشوان وتشينجهاي وغوانغدونغ وجوانغشي وآنهوي وتشجيانغ، وقال الصيادلة جميعًا إنهم يفتقرون إلى أدوية الحمى وعلاجات الزكام.

ونقلت الصحيفة عن طبيب يدعى تشانج، ويعمل في مستشفى عام في منطقة نينجلينج في مقاطعة خنان بوسط الصين، قوله إن المستشفى “يبيع” أدوية الحمى للمرضى.

وأضاف أن السلطات المحلية كانت قلقة بشأن التخزين والتلاعب في الأسعار، موضحًا أنه حتى مخزونات المستشفيات الخاصة بها كانت أقل من كافية.

وأخبر أحد سكان شنجهاي الصحيفة بأنه لاحظ نقصًا ملحوظًا في الأدوية مثل “الإيبوبروفين”.

وقال إنه كان يتغلب للتو على إصابته بكورونا بنفسه، وأنه تمكن من التعافي بسرعة بفضل الأدوية المضادة للفيروسات التي اشتراها خلال رحلته إلى بلد آخر.

وأضاف المصدر أن عدم وجود إرشادات من السلطات بشأن انتشار الفيروس أو ما يجب القيام به بشأن المواطنين العاديين والموظفين المرضى، هو تناقض عن وقت سابق من العام، عندما وضعت الحكومة المحلية شروط تشغيل صارمة للشركات التي ترغب في البقاء مفتوحة.

زر الذهاب إلى الأعلى