نشر موقع (ستراتفور) الأمريكي المعني بالشئون الاستخباراتية تقريراً حول الصراع المسلح في إثيوبيا بين (الجيش الإثيوبي / الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي)، حيث أكد التقرير أن رئيس الوزراء الإثيوبي “آبي أحمد” غير مستعد للتراجع عن هجومه على جبهة تيجراي دون تحقيق العمل العسكري لهدفه بالكامل، رغم أن الجيش الإثيوبي لا يبدو أن لديه القدرة على هزيمة الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي والقوات المتحالفة معها في القريب العاجل، الأمر الذي قد يؤدي إلى استمرار الصراع هناك لفترة طويلة، ويضر بقدرة إثيوبيا على لعب دور في تحقيق الاستقرار في منطقة القرن الإفريقي.
ذكر التقرير أن رئيس الوزراء “آبي أحمد” وضع نفسه في مأزق، حيث واصل رفض المحادثات، الأمر الذي يعكس استراتيجيته العامة لمحاولة تركيز السلطة السياسية في يد أديس أبابا وإضعاف سلطة الولايات الإقليمية في إثيوبيا، ولكن هذه الاستراتيجية لا تترك مجالًا كبيراً للتراجع عن التصعيد على المدى القصير، حيث أن الانخراط في مفاوضات دون أن يظهر الجيش الإثيوبي أولاً عرضاً حاسماً للقوة ضد منطقة تيجراي من شأنه أن يكشف قدرة أديس أبابا المحدودة على السيطرة على المنطقة وعلى جبهة تيجراي، وقد يدفع ذلك مناطق أخرى ترفض استراتيجية “آبي أحمد” المركزية للمطالبة بتنازلات مماثلة، وقد يؤدي ذلك أيضاً إلى خروجه من المشهد السياسي في الانتخابات المُقبلة المٌقرر إجراؤها عام 2021.
أكد التقرير أن قدرة الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي على القتال ستصبح أكثر صعوبة إذا تحول الصراع المستمر هناك إلى حرب استنزاف أو إلى تمرد، وفي مثل هذا السيناريو، قد يكون العثور على دعم خارجي من مصر أو السودان على وجه الخصوص مفيدًا على المدى الطويل، وذلك بالنظر إلى أنه ليس لدى جبهة تيجراي سوى خيارات محدودة تمكنها من مواصلة تزويد نفسها بالموارد المتعلقة بالصراع العسكري والسلع الإنسانية، لأن معظم اتصالاتها اللوجستية تمر عبر إثيوبيا نفسها أو إريتريا، وبالتالي ستكون سلاسل التوريد هذه غير متوفرة في ظل استمرار النزاع لفترة طويلة، وبالتالي الاعتماد الأكبر سيكون على السودان التي تربطها بمنطقة تيجراي حدود برية، وعلى الرغم من أن مصر ليس لها حدود برية معها، إلا أن لديها مصلحة استراتيجية في ممارسة ضغوط على إثيوبيا ويمكن أن تجد في تقديم الدعم لجبهة تيجراي أمراً مفيدًا لتحقيق هذه الغاية.
فيما يخص تداعيات هذا الصراع على أزمة سد النهضة، أشار التقرير إلى أنه من المرجح أن تحاول كلاً من (مصر / السودان) الاستفادة من صراع منطقة تيجراي لانتزاع امتيازات من إثيوبيا بشأن سد النهضة، فقد تحاول مصر استغلال الاضطرابات في إثيوبيا لممارسة ضغوط على الحكومة الإثيوبية، ولكن اعتماد منطقة تيجراي المحتمل على السودان للحصول على الإمدادات في حالة استمرار الصراع هناك لفترة طويلة يمكن أن يوفر للخرطوم نفوذاً أكبر بكثير على الحكومة الإثيوبية بشأن سد النهضة.
فيما يخص تداعيات هذا الصراع على الصومال، أشار التقرير إلى أن الصومال قد تتحمل العبء الأكبر للتداعيات الإقليمية لصراع تيجراي، حيث قد يدفع هذا الصراع إثيوبيا والولايات المتحدة إلى سحب جنود حفظ السلام، وبالتالي فان انخفاض الدعم الأمريكي أو الإثيوبي سيؤدي إلى زيادة المساحة المتاحة لحركة الشباب والجماعات المسلحة الأخرى لشن هجمات قد تمتد إلى ما وراء حدود الصومال ( كينيا ودول شرق إفريقيا الأخرى ) .
وضع التقرير (4) سيناريوهات محتملة للصراع الدائر في منطقة تيجراي، كالتالي :
• السيناريو الأول : تعزيز سيطرة الحكومة الفيدرالية، حيث قد يستغل “آبي أحمد” هذا الصراع كوسيلة لتعزيز سيطرة أديس أبابا على حكومات الأقاليم .
• السيناريو الثاني : ضعف سيطرة الحكومة الفيدرالية، حيث قد تضطر الحكومة الإثيوبية إلى الانسحاب أو الدخول في مفاوضات مع جبهة تحرير تيجراي، الأمر الذي قد يضر بجهود آبي أحمد لترسيخ عملية السلام .
• السيناريو الثالث : الدخول في حوار وطني، وذلك عبر وسطاء دوليون – من الممكن تحقيق هذا السيناريو – في حال تجاوز نطاق الصراع إلى ما بعد منطقة تيجراي .
• السيناريو الرابع : انفصال منطقة تيجراي، ففي حال واصل قادة منطقة تيجراي تهديداتهم بالانفصال، قد يدفع ذلك مناطق أخرى في إثيوبيا إلى أن تحذو حذوها – سيناريو غير محتمل حدوثه – لكن في حال حدوثه ستكون نتائجه فوضوية) .