جامبيا .. ” يحي جامع ” يرفض الاعتراف بهزيمته في الانتخابات الرئاسية
تشهد جامبيا حالة من عدم الاستقرار السياسي ، وذلك عقب تراجع الرئيس الجامبي ” يحي جامع ” عن اعترافه بنتيجة الانتخابات الرئاسية التي جرت خلال الشهر الجاري في بلاده ، والتي لقي فيها هزيمة أمام منافسه ممثل المعارضة أداما باور ، فبعد اعترافه بالنتيجة بأقل من أسبوع ، خرج يحي جامع ليشكك في نزاهة الانتخابات ، مبرراً ذلك بحدوث أخطًاء في عملية الفرز .. الأمر الذي أسفر عن إدانات ( إقليمية / دولية ) واسعة .
أيضاً أثار قرار إعلان جامبيا دولة إسلامية من قبل الرئيس المنتهية ولايته يحيى جامع جدلاً دولياً واسعاً ، ومنذ ذلك الوقت بدأت التوترات والاضطرابات تظهر في بلاده ، حيث كثرت المظاهرات المعارضة التي شهدتها العاصمة الجامبية بانجول ضد نظام جامع بعد شهور قليلة من إعلان بلاده ( دولة إسلامية ) ، ومنذ هذه الفترة يواجه الرئيس الجامبي انتقادات واسعة من ( الأمم المتحدة / الولايات المتحدة / الاتحاد الأوروبي ) لوضع حقوق الإنسان في بلاده ، حيث اتهمت القوى الغربية أكثر من مرة بطريقة رسمية أو عبر إعلامها الرسمي والخاص الحكومة الجامبية بانتهاك حقوق الإنسان وقمع المعارضة حتى ظهرت المظاهرات الأخيرة بالبلاد .
بخلاف ما سبق هناك عداء غربي واضح لجامبيا منذ التحول في العلاقة بين ( جامبيا / الولايات المتحدة ) عام 2002 ، فبدأت منذ ذلك الحين الولايات المتحدة تحارب جامبيا ، وتتدخل في سياستها ، حتى تدهورت كثيراً في السنوات الأخيرة ، ووجهت انتقادات دولية لجامبيا ، بعدما أعدم سجناء عام 2012 ، إلا أن جامع في ذلك الوقت اتهم ( الولايات المتحدة / بريطانيا ) بالتحريض على محاولات انقلاب ودعم المعارضة ، وفي عام 2014 علق الاتحاد الأوروبي بشكل مؤقت أموال المساعدات لجامبيا ، بسبب ما وصفته أوروبا بسوء سجلها في مجال حقوق الإنسان .
موقف المعارضة من قرار الرئيس المنتهية ولايته :
طالب ائتلاف المعارضة الذي يدعم الرئيس المنتخب في جامبيا أداما بارو ، الرئيس المنتهية ولايته يحيى جامع ، بالتنحي على الفور وتسليم السلطة .
أبـــرز ردود الفعـــل الخارجيـــة :
أدانت ( الولايات المتحدة ) رفض رئيس جامبيا نتائج الانتخابات ، وأكدت الخارجية الأمريكية أن هذه محاولة فاضحة لتقويض العملية الانتخابية في مسعى للبقاء في السلطة بطريقة غير شرعية .
أكد الرئيس السنغالي ماكــي ســال فى مقابلة بثتها شبكة التلفزيون الفرنسية ( فرانس 24 ) ، أن تدخلاً عسكرياً فى جامبيا لإجبار الرئيس المنتهية ولايته يحيى جامع على تسليم السلطة لن يكون إلا حلاً أخيراً ، وأضاف أنه واثق من امكانية اقناع جامع عبر الحوار وطمأنته بشأن مصيره ، وخاصة فيما يتعلق بملاحقات قضائية ممكنة ، وأكد رئيس السنغال البلد الوحيد المجاور لجامبيا والذي تدخل فيها عسكرياً فى 1981 لإعادة الرئيس داودا جاوارا إلى السلطة بعد انقلاب أن اللجوء للقوة لن يكون إلا حلاً اخيراً عندما تخفق الجهود الدبلوماسية بالكامل ، وأضاف : ( لا أعتقد أنه من المنطقي للرئيس جامع وحلفائه خوض اختبار القوة ) ، وأوضح : ( آمل أن يعود الرئيس جامع إلى رشده ليتفق مع المجتمع الدولي على انتقال للسلطة مع الرئيس المنتخب ) ، وأضاف ( حدثت جرائم بالتأكيد .. لكن اذا خضنا اختباراً للقوة ، من الواضح ان نتائجه ستكون اسوأ بكثير ) ، مشيراً بذلك إلى الدعم الذى يتمتع به جامع داخل الجيش ، كما أدانت حكومة السنغال هذه الخطوة ، ودعت لعقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي ، كما حثت الخارجية السنغالية الرئيس جامع على احترام نتيجة الانتخابات .
أكد ممثل الأمم المتحدة الخاص لغرب أفريقيا محمد بن شمباس أنه لن يُسمح لرئيــس جامبيا يحيى جامع بالبقاء في السلطة بعد انتهاء ولايته في الشهر المقبل ، وإلا سيواجه عقوبات مشددة .
حث مجلس الأمن الدولي الرئيس المنتهية ولايته على تسليم السلطة للرئيس المنتخب آداما بارو ، ودعاه لاحترام إرادة الناخبين والتراجع عن موقفه الرافض لنتائج الانتخابات .
وصف الاتحاد الأفريقي بيان رئيس جامبيا يحيى جامع الذي رفض فيه خسارته في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في الأول من ديسمبر الجاري بأنه باطل لأنه سبق واعترف بالهزيمة ، وأكدت رئيسة مفوضية الاتحاد الأفريقي نكوسازانا زوما : ( أحضّ الرئيس جامع على تسهيل انتقال سلمي للسلطة وتسليمها ) ، ودعت قوات الأمن إلى البقاء على الحياد .
كيف صعد يحيى جامع للحكم :
تمكن يحيى جامع من الوصول للحكم بانقلاب عسكري ، أطاح بنظام الرئيس داوودا جاورا ، ثم منح نفسه ترقية من رتبة ملازم إلى عقيد بالجيش ، على اعتبار أنه المنقذ من حالة الفوضى ، وبذلك أصبح الحاكم الثاني للبلاد منذ استقلالها عام 1965، والذي كان يبلغ حينها من العمر 29 عاماً فقط ، وبعد ذلك أوقف النشاط السياسي إلى أن وضع دستوراً جديداً للبلاد في عام 1996 ، ثم انتخابات رئاسية في نفس العام الذي فاز فيه جامع .
تصفه القوى الغربية ، بأن عهده لم يكن فيه مساحة لحرية الرأي ، وفي كل فترة تخرج تقارير غربية تؤكد بأن حكمه يتسم بالتعذيب والاختفاء القسري والاعتقالات التعسفية ، كما وجهت له اتهامات حقوقية متعددة من المنظمات الدولية ، لكن من الناحية الأخرى دائماً ما يعدد هو ومؤيدوه الكثير من الإنجازات التي قيل إنها نفذت في عهده ، حيث يقول جامع في السابق أنه اخترع علاجاً لمرض نقص المناعة المكتسب ( الإيدز ) ، وبتاريخ 11 ديسمبر 2015 أعلن الرئيس جامع تحويل دولته لجمهورية إسلامية ، في خطوة أكد أنها تهدف لتخليص بلاده بشكل أكبر من ماضيها الاستعماري ، معتبراً أنه طالما المسلمون يمثلون الأغلبية 90٪ ، فإن جامبيا لا تستطيع مواصلة الإرث الاستعماري .
اشتهر منذ توليه الرئاسة بإصداره إعلانات وصفها الكثير بالمفاجئة ، منها سحب بلاده من الكومنولث عام 2013، واصفاً إياه بأنه استعمار جديد ، وأعلن أيضاً في 2014 حظر اللغة الإنجليزية كلغة رسمية ، معتبراً أنها إرث استعماري .
لمـــاذا تراجع جامـــع عن الاعتراف بهزيمتــه :
برر الرئيس المنتهية ولايته جامع رفضه للانتخابات بقوله : ( كما أعلنت بولاء قبولي للنتائج معتقداً أن اللجنة الانتخابية مستقلة ونزيهة ، أرفض الآن النتائج بأكملها ، مشيراً إلى أخطاء غير مقبولة ارتكبتها السلطات الانتخابية ، متهماً القائمين على الانتخابات بعدم الحيادية والانحياز .. سنعود لصناديق الاقتراع ، لأنني أريد التأكد من أن كل جامبي يصوت تحت سلطة لجنة انتخابية غير منحازة ومستقلة وحيادية ، ولا تخضع لأي تأثير أجنبي ) .
من هـــو الرئيس المنتخب ” باور ” :
أثبت أداما باور أنه معارض قوي يستند لتحالف معارض ودعم غربي واسع ، حيث عمل على تشكيل ائتلاف من 8 أحزاب تدعم منافساً واحداً في الانتخابات التي جرت في الأول من ديسمبر الجاري ، وتم اختياره ليكون هذا المنافس ، وأصبح هذا السياسي المغمور رئيساً لجامبيا ، بعد أن حصل على 45.5% من الأصوات ، مقابل 36.7% ، وأكد باور أنه كان غير طامح للسلطة ، بل تم إبلاغه بأنه يجري التفكير فيه كزعيم لحزب معارض حينما حضر للإدلاء بصوته في انتخابات الحزب ، وهو ما كشفته القيادية في ائتلاف دعم ترشح بارو للانتخابات رمزية دياب ، بأنه قبل أن يأتي للتصويت لاختيار زعيم جديد للحزب لم يكن يعلم أن اسمه على بطاقة الاقتراع .
على النقيض من جامع ، أكد كارامبا توراي المتحدث باسم باور ، أن الرئيس المنتخب يخطط لإلغاء بعض القرارات الغريبة التي كان جامع اتخذها ، ومنها انسحاب جامبيا من المحكمة الجنائية الدولية الذي أعلن الشهر الماضي ، وأنه سيسعى كذلك للعودة للانضمام لدول الكومنولث وإلغاء إعلان جامبيا جمهورية إسلامية .. وأكد ” توراي ” أنه النقيض لـ ” جامع ” تماماً ، هو يريد استعادة الديمقراطية .. سيكون الوضع مختلفًا تماماً .
أبرز المعلومات المتيسرة عن جمهورية جامبيا :
إحدى دول غرب إفريقيا وهي أصغر دولة في القارة ، حيث يبلغ عدد سكانها أقل من 2 مليون نسمة ويحدها من الشمال والشرق والجنوب السنغال ، ويخترقها نهر جامبيا الذي يصب في المحيط الأطلسي الذي يحد البلاد من الغرب ، وتعتبر وجهة هامة ومميزة للسياح الأوروبيين ، نظراً لأنها تطل على ساحل المحيط الأطلسي .
حصلت على استقلالها من المملكة المتحدة عام 1965 ، وتولي داودا جاوارا من حزب الشعب التقدمي رئاسة الوزارة على رأس نظام ديمقراطي يطبق التعددية الحزبية ، وأصبحت البلاد ، جمهورية وتولى جاوارا رئاستها عام 1970 .
وقعت محاولة انقلابية تم إحباطها بمساعدة السنغال عام 1981 ، وتشكل بعد ذلك اتحاد لفترة قصيرة بين ( جامبيا / السنغال ) ، أطلق عليه اسم ( سينيجامبيا ) ، خلال في الفترة ما بين ( 1982 – 1989) ، ووقعت الدولتان معاهدة تعاون وصداقة بينهما عام 1991 .
تشتهر بالانقلابات ، ففي عام 2006 خلال حكم الرئيس جامع تعرضت الدولة مرة أخرى لمحاولة انقلاب ، قادها رئيس الأركان السابق العقيد ندوري تشام ، ولكنها باءت بالفشل ، وأيضاً في 30 ديسمبر عام 2014 تم إحباط محاولة انقلاب ، وذلك استغلالًا لغياب الرئيس ، الذي كان في زيارة بالخارج ، وتم قتل 3 من منفذي العملية واعتقال محرك الحملة .