بات واضحا أن العالم بعد الحرب الروسية الأوكرانية يتشكل من جديد في محاولة جادة للتخلص من نظام القطب الأوحد إلى نظام متعدد الأقطاب ما كان له عظيم الأثر في زيادة التنافس الدولى خاصة في المناطق الأكثر تأثيرا في العالم، وأعتقد أن أهم هذه المناطق منطقة الشرق الأوسط ومنطقة البحر الأحمر خاصة لدورها في الملاحة البحرية والتحكم في مصير التجارة العالمية.
وظنى، أن الحرب على غزة يتم توظيفها كفرصة لإعادة تشكيل السياسة الإقليمية والدولية في هذه المنطقة المهمة بحيث تتغير فيها موازين القوى بما يتناسب لتعزيز هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية، وبما يخدم حلفاءها ويُعزز نفوذهم السياسي والأمني والعسكري في منطقة الشرق الأوسط بشكل عام، وفي منطقة البحر الأحمر بشكل خاص، خاصة أن كل القوى العظمى والإقليمية تحرص على أن يكون لها تواجد ودور، وهو ما يؤكده حجم وأعداد القواعد العسكرية في القرن الأفريقي.
المؤسف، أن مخاطر التصعيد والتنافس في منطقة البحر الأحمر كبيرة، فيكفى أن ما يحدث الآن يهدد بشكل مباشر سلامة الملاحة البحرية على امتداد مياه البحر الأحمر مما يعني ارتفاع تكلفة التأمين على الناقلات البحرية العابرة خاصة الناقلات المُخصصة لنقل مصادر الطاقة، وارتفاع تكلفة التأمين يعني بالضرورة تصاعداً كبيراً في أسعار السلع والخدمات ويؤثر تأثيراً سلبياً ومباشراً على التنمية والتطوير في دول منطقة البحر الأحمر.
والأخطر من هذا كله إمكانية حدوث صدام مُسلح فى منطقة البحر الأحمر ما يؤثر على الأمن والسلم والاستقرار الإقليمي والدولي حال انفجار الأوضاع واتساع رقعة الحرب ودخول أطراف أخرى إلى حلبة الصراع..
لذا، على المجتمع الدولى أن يقوم بمسئولياته ولا ينسى أن ارتفاع أسعار المواد الطاقية أمر قاس وقاتم على العالم أجمع؛ لأنه يعني العودة إلى دوامة التضخم ومضاعفاته المدمرة على التوازنات الاقتصادية خاصة الاقتصاديات الناشئة والاقتصاديات الأوروبية التي تتخطى مبادلاتها التجارية من النفط الوارد إليها من هذه المنطقة 65%.