تحقيقات و تقاريرعاجل

حسني مبارك.. بطل أكتوبر الذي أنقذ مصر من الفوضى

“حسني مبارك بيحترموه قوي في إسرائيل حقيقة لأن الدرس كان موجعاً”، بهذه الجملة قدم الرئيس الراحل محمد أنور السادات الفريق محمد حسني مبارك للشعب المصري عقب انتصار حرب السادس من أكتوبر 1973، ليصبح وقتها شخصية عسكرية معروفة لدى المصريين بعد دوره الذي لا ينسى كقائد للقوات للجوية في حرب أكتوبر.

ولم يتوقف دور مبارك في الحرب فقط، بل كان دوره أساسياً أيضاً في التفاوض مع إسرائيل حتى التوصل إلى اتفاقية كامب ديفيد عام 1978، ومعاهدة السلام التي وقعت عام 1979 بين الرئيس السادات ورئيس وزراء إسرائيل وقتها مناحم بيغن.

رحلته السياسية
أيام قليلة مرت على وفاة الرئيس الراحل أنور السادات عقب اغتياله في ذكرى حرب أكتوبر الثامنة في 1981، ليتم إعلان مبارك رئيساً لمصر بعد أن شغل منصب نائب الرئيس لمدة 5 سنوات، ومن هنا بدأت رحلته السياسية بعد أن ترك وظيفته العسكرية كقائد للقوات الجوية في الجيش المصري، ولم تكن الظروف وردية حين تولى حكم مصر، حيث واجه العديد من الأزمات التي لحقت بفترة الحرب واتفاقية كامب ديفيد للسلام سواء على الصعيد العربي أو الإقليمي.

ومن أبرز القرارات التي اتخذها مبارك بعد سنوات قليلة من حكمه لمصر، تشكيل اللجنة القومية لطابا برئاسة الدكتور عصمت عبد المجيد وعضوية 24 خبيراً، منهم 9 من خبراء القانون، و2 من علماء الجغرافيا والتاريخ، و5 من كبار الدبلوماسيين بوزارة الخارجية، و8 من العسكريين وخبراء المساحة العسكرية، لاستعادة مدينة طابا تنفيذاً لاتفاقية السلام، وظلت اللجنة تمارس عملها وتفاوض حتى تم استعادة طابا في مارس 1989.

والأمر الآخر الذي عمل عليه مبارك تزامناً مع استعادة طابا هو إعادة عضوية مصر التي جُمدت في الجامعة العربية منذ اتفاقية كامب ديفيد، وإعادة مقر الجامعة إلى القاهرة عام 1989، بعد أن تم الخلاف الحدودي حول طابا بالتحكيم الدولي وانسحبت إسرائيل منها.

سيرة
ولد مبارك ولد في 4 مايو 1928 في قرية كفر المصيلحة في محافظة المنوفية، بمنطقة الدلتا شمال القاهرة، وعقب انتهائه من تعليمه الثانوي التحق بالكلية الحربية في مصر وحصل على البكالوريوس في العلوم العسكرية عام 1948، ثم حصل على درجة البكالوريوس في العلوم الجوية عام 1950 من الكلية الجوية.

وجدد فترة ولايته عبر استفتاءات شعبية في الأعوام 1987، 1993،1999، حتى تنحى عن الحكم في 11 فبراير بعد ثور 25 يناير 2011، وبهذا يكون أمضى حسني مبارك قرابة 30 عاماً في حكم مصر، وحفلت حياته بالكثير من الأحداث.

مواقف حاسمة
كان لحسني مبارك مواقف حاسمة في ملف السياسة الخارجية، حيث بدأ في إثبات الوجود المصري العربي، من خلال موقف مصر الداعم للمفاوضات السلمية الفلسطينية الإسرائيلية، فضلاً عن دوره الذي لم ينساه الخليج وخاصة الكويت في حرب الخليج الثانية.

وبرز نجم مبارك دولياً بعد 1991، حين شارك الجيش المصري بقوة 40 ألف جندي في التحالف الذي قادته الولايات المتحدة لتحرير الكويت من الاحتلال العراقي، وكان من أثره تدفق المساعدات الأجنبية على القاهرة، وإسقاط جزء كبير من ديون مصر مما كان له أثراً اقتصادياً كبيراً وقتها.

تحول ديمغرافي
وبعد ما يقرب من 25 عاماً من حكم مبارك والتجديد له من خلال الاستفتاءات الشعبية، فاز مبارك في أول انتخابات تعددية منذ ثورة 1952 بنسبة 88.6 %، وبدأت حقبة جديدة شهدت تغيرات أدت إلى ظهور بعض الأزمات السياسية مع تصاعد أصوات تنظيم الإخوان بضرورة اقتحام الحياة السياسية، وظلت تلك الأزمات مستمرة وتتصاعد حتى وصلت إلى ذروتها في يناير 2011، وانطلقت الدعوات لإسقاط النظام.

ورغم ذلك استجاب الرئيس الراحل حسني مبارك لتلك المطالبات بالتنحي عن منصبه في فبراير 2011، دون أن يدخل ويقحم قوات الجيش المصري في صراع مع المتظاهرين ويجنب البلاد الدخول في حالة فوضى تتعرض لها دول أخرى مجاورة لمصر ولم تصل لبر الآمان حتى الآن، وكلف الجيش المصري بإدارة شؤون البلاد حتى يتم إجراء انتخابات رئاسية مبكرة.

وبين بداية حكم مبارك وحتى وفاته، شهدت حياة عسكرية زاهية حافلة بالإنجازات والتكريم، إلى حياة مدنية دخلها نائباً لرئيس الجمهورية ثم رئيساً، وتدرج فيها من اعتباره بطلاً قومياً ومنقذاً للبلاد إلى اعتباره مسؤولاً عن أزمات اقتصادية واجتماعية وسياسية حتى تم تبرئته بحكم القضاء نهائياً من أي قضايا أدين فيها، ليبقى رمزاً بارزاً في ذاكرة المصريين.

زر الذهاب إلى الأعلى