“حياة كريمة”.. مبادرة مصرية، تحمل وعودا بحياة أفضل للعديد من المناطق التى عانت تهميشا طويلا، دام لعقود من الزمن، دون أدنى اهتمام من قبل الحكومات المتعاقبة، وذلك فى إطار التوجهات القائمة على تحقيق التنمية الاقتصادية، والتى تمثل أحد أولويات الإدارة المصرية، والتى لا تقتصر فى مفهومها على المستوى الكلى لاقتصاد الدولة، وإنما تمتد بصورة واضحة على حياة المواطنين، وهو ما يمثل الهدف الأسمى الذى تسعى الدولة لتحقيقه، منذ ثورة 30 يونيو، والتى جاءت انعكاسا حقيقيا لرغبة المصريين فى التغيير وتحقيق مستقبل أفضل، لو يكن لهم، فليكن لأولادهم.
ولكن بعيدا عن الحديث المستفيض عن المبادرة، وعناصرها، ومالاتها على حياة المصريين، والتى تشهد عليها الطفرة الكبيرة التى شهدتها العديد من المناطق العشوائية، ونقل سكانها إلى مناطق آدمية، تحظى بخدمات حقيقية، من مدارس ومصالح حكومية بالإضافة إلى الكهرباء والمياه والصرف الصحى، وغيرها، يبدو أننا فى حاجة إلى التأمل فى عنوان المبادرة نفسه “حياة كريمة”، والذى يمثل أحد محاور الاستراتيجية المصرية، القائمة على تحسين حياة المصريين، والتى امتدت من الداخل إلى الخارج، عبر دعم التنمية فى العديد من دول الجوار الإفريقى والعربى، ومبادرات إعادة الإعمار التى أطلقتها مصر، والتى تسعى فى مجملها إلى تحقيق نفس الهدف، وهو تحقيق “حياة كريمة” للشعوب، باعتبارها حق أصيل لهم.
ولعل عنوان المبادرة، هو فى جوهره بمثابة المفهوم الحقيقى لـ”حقوق الإنسان”، والتى طالما استخدمه العالم لتحقيق المآرب السياسية، والسيطرة على مقدرات الشعوب، لصالح دول بعينها، تمثل القوى الحاكمة فى النظام الدولى، لتعيد مصر عبر مبادرتها الاعتبار للمفاهيم الحقوقية، والتى لخصتها دولة 30 يونيو، بعبقرية تحسد عليها فى كلمتين “حياة كريمة”، والمقصود هنا للمواطن المصرى، باعتباره أولوية قصوى لدى دائرة صنع القرار، ولكنها امتدت لتشمل العديد من مواطنى الدول الأخرى، على اعتبار أن الاستقرار الدولى والإقليمى، هو بمثابة ضمانة حقيقية للأمن فى مصر.
وهنا يبقى المفهوم الحقيقى لـ”حقوق الإنسان” هو “حياة كريمة”، والتى يمكن من خلالها توفير المسكن والملبس والغذاء والدواء، للمواطن المصرى، بعد سنوات من المعاناة، إثر تدهور اقتصادى، يحمل فى طياته مشكلات هيكلية، ناهيك عن سنوات الفوضى التى أكلت الأخضر واليابس، إبان ما يسمى بـ”الربيع العربى”، والتى جاءت تحت دعاوى حقوقية باطلة، ساهمت فى شقاء ملايين البشر فى العديد من الدول، وتعريض أمنهم واستقرارهم، للخطر، بل وأصبحت حياة معظمهم تحت التهديد، إثر تفشى الإرهاب، والحروب والصراعات الأهلية، والتى مازالت تداعياتها قائمة حتى الآن.
“حياة كريمة”، مصطلح يكشف حالة العوار التى لاحقت مفاهيم حقوق الإنسان لسنوات طويلة، فقد أعاد ترتيب أولويات المواطن، الذى ينبغى أن يتمتع بحقه فى الحياة، بكل أبعادها الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وكذلك السياسية، بعيدا عن التسييس الدولى للمفاهيم الحقوقية، والذى ساهم بصورة كبيرة فى تشويه صورتها، حتى تحولت فى نظر قطاع كبير من الشعوب إلى مفاهيم “سيئة السمعة”، بعد المعاناة الكبيرة التى تكبدوها، فى ظل الفوضى التى خلفتها، وتداعياتها الكبيرة على حياتهم، لسنوات طويلة.