آراء أخرى

خالد صلاح يكتب: صديقتى التى رفض أبوها أن يترك لها مليماً فى الميراث

هى..
الابنة الوسطى، يسبقها شقيقها الأكبر، ويليها الشقيق الأصغر، أبناء رجل أعمال مقتدر تخصص فى مجال السيراميك وجنى أرباحا طائلة فى حياته، واشترى فى قريته بإحدى قرى الصعيد أطيانا وعقارات، وشيد مساجد، وأقام موائد الرحمن، وشيد للعائلة قصرا على النيل، غير تلك الأملاك والسيارات وحسابات البنوك فى القاهرة..

هى..
أحبت أباها واحترمت كفاحه، وعاهدت نفسها أن تجعله فخورا بها بين الناس، فاجتهدت وتعلمت ودخلت كلية الطب ونافست على التعيين فى الجامعة، صارت نوارة العائلة، بجمالها وعلمها معا، لم تكسر له كلمة، ولم تخذله فى حضوره أو تخنه فى غيابه، الابنة الصعيدية الطاهرة التى تعرف حق العائلة، وترفع رأس أبيها وأخويها..

الشقيقان:
كسرا ظهر أبيهما فى الدراسة، وأخفقا فى كل المراحل التعليمية، واضطر الأب لأن يفتح لهما أبواب شركاته ليديراها معه ليضمن لهما بعض الكرامة بين الناس، بعدما انحرفا عن مسار التعليم، وعاشا رفاهية لم يصنعاها، ولم يشاركا فى نضال الأب حتى تتحقق، لكن ثروة الأب حمتهما من غياهب الحياة، وضمنت لهما مقاعد الإدارة الوثيرة على مُلكٍ صنعه رجل واحد، واستمتع به الرجلان الصغيران لاحقا..

هى..
لم تحسد أخويها على السيارات الفارهة، وعلى الوظائف الناعمة، ولا النوم حتى الظهيرة، ولا الأسفار المتعددة برحلات عمل مزعومة لينعما ببعض الرفاهية فى أوروبا، عاشت بقلب أم لأخويها الرجلين، حتى تزوجت بعد نهاية رحلة الجامعة والدراسات العليا، واستقرت مع زوجها فى بيت متواضع يليق بطبيب شاب يقطع خطواته الأولى فى رحلة النجاح..

لم تطلب من أبيها استثناء، أو منحة، وقررت أن تساند زوجها فى العمل والعلم والحياة..

المحامى والمفاجأة..
رحل الأب بعد رحلة مرض مؤلمة، دفن أخواها الحزن فى نفس مقبرة الأب، لكنها حملت حزن أبيها فى أحشائها وجعا وفقدا، وبعد العزاء استعجل الشقيقان المحامى ليعلن تفاصيل توزيع التركة، انتظرت مع شقيقيها فى الصالون، تتشح بالسواد مع والدتها التى تكومت حزينة على أحد المقاعد، جاء المحامى، وأخرج الأوراق ليعلن أنه لا توجد تركة من الأساس، فقد قرر الأب أن يكتب كل ما يملك من مصانع وعقارات وحسابات فى البنوك باسم الولدين، ويستبعدها تماما من الميراث..

فقدت النطق من هول الصدمة، ليس حزنا على المال، لكن لوعة من خيانة الحبيب الراحل لها، أهكذا يا أبى ترتضى مخالفة شرع الله، أهكذا يا أبى تتركنى وحيدة؟!

نظرت إلى الأم، ونظرت إلى الشقيق الأكبر، ونظرت إلى الشقيق الأصغر، لتكتشف من عيونهم التى تتأرجح بين السعادة والإحراج، أن الأب كان قد أعلن ذلك منذ ليلة زفافها إلى زوجها الطبيب الشاب، رفض الأب أن ينعم بخيره رجل غريب، واختار أن يغدق على ولديه..

هى..
لم تنطق بكلمة، رحلت بلا عودة، دفنت أمها وشقيقاها فى مقبرة الحياة، ووضعت شاهد الغدر فوق الضريح..

هما..
أنفقا المال على نساء أخريات، زوجات أحيانا، وعشيقات أحيانا أخرى..

هى:
حرمها الأب من الميراث لأنها «البنت»، وترك أموالها لبنات أخريات، لسن من صلبه، ولم يحببنه كما أحبته، ولم يكافحن من أجل فخره كما كافحت، ولم يبكين على فراقه كما بكت..

أنتم..
تتحدثون عن العدل الإلهى، وشريعة السماء عند المساواة، وتخرسون طوعا على غدرٍ بالبنت يحدث كل يوم من أقصى هذه الأرض إلى أقصاها..

هذه وقائع قصة حقيقية ببعض التصرف

هذه وقائع تحدث بيننا، وأنتم تعرفون الحق وتنكرونه..

العدل من وراء القصد..

زر الذهاب إلى الأعلى