شهد عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سلسلة من الانسحابات المتتالية من عدد من الاتفاقات العالمية والمنظمات الدولية، تخلت الولايات المتحدة عن دورها فيها، كان آخرها إعلان “ترامب”، أمس، وقف تمويل وكالة إغاثة اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”.
وقبل الانسحاب من “الأونروا”، كان هناك عدة انسحابات للرئيس الأمريكي، فأول أمس، هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في مقابلة أجراها مع وكالة “بلومبرج” الأمريكية، بالانسحاب من منظمة التجارة العالمية، “إذا لم يتطور أداءها”، حيث شكى من أن الولايات المتحدة تُعامل على نحو غير منصف في التجارة العالمية، ملقيا باللوم على المنظمة، محذرًا من اتخاذ إجراء لم يسمه ضدها.
وكان أول انسحابات ترامب بعد مراسم تنصيبه، التي جرت في 20 يناير 2017، الانسحاب من اتفاقية الشراكة التجارية عبر المحيط الهادئ، والتي وافق عليها الرئيس السابق باراك أوباما في 2015 مع 12 دولة، هي كندا والمكسيك ونيوزيلندا وأستراليا وماليزيا واليابان، والتي كانت تشمل 40% من الاقتصاد العالمي، عبر خفض الرسوم الجمركية، والحفاظ على المناخ.
وثاني قرارات الانسحاب التي قرر ترامب تنفيذها، هو خروج واشنطن من اتفاقية التغييرات المناخية والتي وقعتها جميع بلدان العالم عام 2015، والتي تُلزم 187 دولة بالإبقاء على درجات الحرارة العالمية المتزايدة عند مستوى أقل بكثير من درجتين مئويتين.
كما وقع ترامب قرار إلغاء الاتفاق، الذي عقده سلفه باراك أوباما مع حكومة “هافانا” الكوبية، وقرر تطبيق سياسات جديدة تحكم العلاقات مع كوبا، في صفقة وصفها بأنها “الأفضل” لأمريكا.
ويأتي قرار ترامب بالانسحاب من عضوية منظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة، بعد الانتخابات التي أجريت لاختيار رئيس للمنظمة الدولية، وبرر الرئيس الأمريكي قرار الخروج بأنه جاء هربا من ديون المساهمات المالية، وإصلاح النظام المالي للمنطقة، ورفضا للتحيز ضد إسرائيل.
كذلك أعلن ترامب عن الانسحاب من البرنامج النووي الإيراني، وأعلن إعادة تطبيق عقوبات أمريكية على حكومة طهران، هذا الاتفاق الذي أبرمه سلفه أوباما في يوليو 2015 بين إيران والولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا والصين وروسيا وفرنسا للحد من عمليات تخصيب اليورانيوم مقابل رفع العقوبات المفروضة على إيران والمتعلقة بتطوير الطاقة النووية السلمية، وكذلك العقوبات المتعلقة بالمعاملات المالية والتجارة والطاقة، وبموجبه تمكنت الدولة الشيعية من التحكم في عشرات المليارات من الدولارات المجمدة من أصولها المالية.
وفي يونيو الماضي، أعلنت السفيرة الأمريكية بالأمم المتحدة، نيكي هيلي، تراجع بلادها وتخليها عن عضويتها في مجلس حقوق الإنسان الدولي، بسبب اتخاذ الجمعية العامة للأمم المتحدة مواقف متحيزة ضد إسرائيل، وأن واشنطن أدارت مفاوضات مع المنظمة الأممية ولكن دون جدوى، ما دعا الجانب الأمريكي إلى اتخاذ هذا الموقف.
قالت الدكتورة نهي بكر، خبيرة الشأن الأمريكي، إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منتمي لحزب اليمين الأمريكي، موضحة أن هذا الحزب يعرف بعدم الإيمان بالعمل الجماعي ويعملون على إعطاء الولايات المتحدة الأولوية والأفضلية في كل شيء، مؤكدة أن الذي ميز ترامب عن بقية الرؤساء السابقين التابعين لهذا الجانب أنه رئيس غير نمطي وغير مبال بأهمية العلاقات الدولية للولايات المتحدة.
وأوضحت بكر ، أن هناك عاملان سبب سياسة الرئيس الأمريكي الغريبة على الولايات المتحدة، الأول هو إرضاء للجانب اليهودي، الذي يتحكم في نسبة كبيرة من الاقتصاد الأمريكي، ليساعدوه في الانتخابات الرئاسية الأمريكية وانتخابات الجمهوريين في الكونجرس، والثاني سياسته الحمائية الاقتصادية التي تقضي بعدم وجود شركاء للولايات المتحدة في أي مجال.
بينما قالت نورهان الشيخ، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة، إن ترامب يختلف عن الرؤساء السابقين للولايات المتحدة في كونه رجل أعمال لم يخض الأعمال السياسية ولا يدرك أهمية العلاقات الدولية وما يمكن أن تؤول له الأمور السياسية.
وأوضحت الشيخ ، أن الرئيس يتبع سياسية التهديد أو الخروج من الاتفاقيات الدولية بغرض الحصول على أفضل المكاسب الممكنة عن طريق إعادة التفاوض، على سبيل المثال عقب انسحابه من الاتفاق النوو الإيراني، أعلن أنه مستعد للجلوس بشرط تعديل بعض النقاط الهامة في هذه الاتفاقية.
وأردفت أستاذ العلاقات الدولية، أن سياسية ترامب تؤدي إلى تغير في نظام القوي في العالم التي كانت وضعت الولايات المتحدة سياستها عن طريق تلك المعاهدات والاتفاقيات، والتي من الممكن أن تنقلب ضد الولايات المتحدة.